رأي ومقالات

فوضى الدعاة


قبل عدة أشهر وعقب صلاة الظهر في أحد مساجد الخرطوم تناول أحد الدعاة الراتبين بالمسجد قضية فقهية، وفي صلاة العصر قام أحدهم يصف داعية صلاة الظهر بأوصاف غريبة من زمرة أنه (مبتدع) ومثيلتها، وماهي إلا دقائق وشاهدت المقطع على شبكة الانترنت يبث للعالم.
*وقامت محلية الخرطوم ممثلة في إدارة الدعوة بإصدار توجيهات للمساجد بمنع الحديث بالمساجد إلا بموافقة لجنة المسجد، والقصد أن مسؤولية لجنة المسجد اختيار الدعاة الدارسين للعلوم الشرعية، ويقدمون خطاباً دعوياً يرشد الناس إلى أمور حياتهم، ولا يدعو للتفرقة والخلاف

* وأيضاً قبل شهور معدودة أغلقت السلطات زاوية شيخ الأمين بمدينة أمُ درمان، وكان أهالي الحي قد ناشدوا السلطات ردحاً من الزمان بل قاموا بعمل وقفات احتجاجية للفت الإنتباه لما يعتبرونه عدم رغبتهم في الممارسات التي تمارس بهذه الزاوية.
*والذين يفوجون إلى داعش من شباب وشابات زُغب الحواصل، هل القى بهم الى هذا الجُب إلا بعض أنواع الدعاة، الذين أحرقوا قلوب آبائهم وأمهاتهم بما ظنوه صحيحاً في الدين.

*ولننظر الى جميع الدول الإسلامية بما فيها أرض الحرمين، هل تجد في أسواقها وطرقاتها مثل الذي تجده هنا،
*وقد قال المولى عز وجل:( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)فصلت [33]، لكن ربُط هذا الأمر بالعلم والبصيرة والحكمة والموعظة الحسنة، ألم تطالع قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل [125

*والشاهد في الأمر أن تلاميذنا في المنهج الدراسي يدرسون منهج تربية إسلامية يعتبر مكثفاً، وقد طالعت أحد الآباء وهو يستغرب أن تفرض على ابنه سورة (الطلاق وأحكامها الفقهية في سن مبكرة لطفله الذي لم يتعد العاشرة، مما يؤكد أن المنهج الدراسي يغطي مساحة كبيرة من ذهن المتلقي حتى يبلغه الجامعة وفي الجامعة تبدأ مادة (الثقافة الإسلامية).

*وتمتلئ كثير من المساجد بدروس في الفقه والسيرة يقدمها لفيف من العلماء وأساتذة الجامعات، فتصبح تنشيطاً لذاكرة المتلقي، مما تعلمه في بواكير حياته في المدارس، إضافة إلى العلماء الأجلاء الذين يظهرون عبر القنوات الفضائية والاذعات المختلفة والصحف السيارة الذين يفردون مساحة للشأن الديني.

*أردت من كل هذا أن استخلص فائدة قرار وزير الأوقاف بمنع الأحاديث الدينية في الأسواق والطرقات العامة، وذلكدرءً للفتن، وفي ظني أن هذا قرار موفق جداً لإيقاف بعض حالات الشتم والإساءة، وربما تمددت للتبديع ومن ثم التكفير،
ليتحولوا من دعاة إلى قضاة يعلمون مكنونات قلب الجميع، ويصدرون الأحكام على الهواء مباشرة بجواز الصلاة خلف هذا وعدم الصلاة خلف هذا، وبعض هؤلاء الذين يمارسون الدعوة تجدهم متنطعين يهاجمون حتى جماعتهم التي شبوا
فيها، بل الأمر يمتد إلى الأموات الذين أفضوا إلى ما قدموا.
*في أعتقادي في المساجد والمدارس 87 وقاعات الجامعات وبرامج الفضائيات والإذعات متسع للدعاة الذين يستندون على العلم والعلوم الشرعية.

راي:طاهر المعتصم
صحيفة آخر لحظة