صلاح حبيب

من يرجِّع ساعة عصام؟


حمل الدكتور “عصام صديق” وزير الري الأسبق، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية، السابق جر الساعة إلى الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، النائب الأول لرئيس الجمهورية، السابق.

عرف الدكتور “عصام صديق” بأنه مهندس البكور، وكلما تحدث الناس عن البكور وجر الساعة تذكروه، ولكن رغم المعاناة التي واجهت الشعب السوداني جراء ذلك، فلم يتحدث “عصام” عنها ولا عن إخفاقاتها ولا عن الفوائد التي يجنيها المواطن عن جر الساعة، فصمت “عصام” زمناً طويلاً، ولكنه الآن بدأ يفصح عن الشخص الذي كان وراء جر الساعة. وقال في مؤتمر صحفي عقده الأيام الماضية، فألقى باللائمة على الأستاذ “علي عثمان”، ولكن لا ندري لماذا صمت “عصام” طوال تلك الفترة ولم يتحدث عن ذلك، ولماذا بعد تلك السنين الطوال خرج للإعلام ليجرِّم النائب الأول السابق، ولا ننسى أن الدكتور “عصام صديق” عندما كان وزيراً للري، وكان الدكتور “شريف التهامي” وزير الدولة بنفس الوزارة، ملَّك بعض المعلومات لإحدى الصحف السودانية مما كان لها السبب الأساسي في إجبار الدكتور “شريف التهامي” على الاستقالة. وإذا كان “عصام” بهذه الشفافية، لماذا صمت كل هذا الوقت، ليعلن عن ذلك بعد أن خرج النائب عن السلطة؟. وهل صحا ضميره الآن ليقول للشعب السوداني أيها الشعب أنا لم أكن سبباً في جر الساعة إلى الوراء أو إلى الأمام، صحيح أنا وراء فكرة البكور بغرض زيادة الإنتاج، وأن ينوم المواطن بعد صلاة العشاء ويصحو بعد الفجر ليؤدي الصلاة، ومن ثم ينطلق إلى العمل، لأن طبيعة الطقس في السودان حار، ولا يمكن أن يزداد الإنتاج مع هذا الطقس، ولذلك نادى أن يبدأ العمل في كل الدولة بعد صلاة الصبح، ولا يعلم الدكتور “عصام” أن البنية التحتية غير مهيأة في السودان للعمل مبكراً، المواصلات غير متوفرة للشعب في هذا الوقت والتلاميذ الصغار لن يستطيعوا أن يصحوا بدري، والكلاب لا تنام مبكراً، فقد أرهبت التلاميذ، وحتى زوار الليل لم يجعلوا المواطن ينعم بالراحة والنوم الهانئ، فزائر واحد يفسد على كل سكان الحي يومهم.

إن تجربة البكور التي نادى بها الدكتور “عصام” مطبقة في كثير من دول العالم، فالطقس فيها مهيأ للعمل أن كان ذلك في فصل الخريف أو الصيف أو الشتاء أو الربيع، فكل فصل له عوامله وأدوات الحماية، ولكن في السودان لن يستطيع المواطن أن يذهب إلى العمل بعد صلاة الصبح في طقس بارد، وكذلك في الصيف أو الخريف، والجميع يعلم ظروف السودان في تلك الفصول، إلا الدكتور “عصام” الذي عاش خارج البلاد، ووجد الظروف هناك مهيأة للعمل، وحاول أن يطبق ما رآه في تلك البلدان في السودان الذي يفتقر إلى كل المقومات المساعدة في ذلك.

المواطن ومنذ أن تم تطبيق هذا البكور كان كل حديثه عن الساعة التي تم تقديمها وتطبيقها، ولم يتحدث كثير عن البكور والذهاب إلى العمل مبكراً، لأن هناك من يذهب إلى العمل عقب صلاة الفجر، ولكن عندما تحدث الناس عن جر الساعة لماذا لم يظهر الدكتور “عصام” للناس ويعلِّق الأمر على رقبة النائب الأول، وقتها؟. لماذا سكت كل هذا الوقت ليعلنه بعد أن مضت عشرات السنين على التطبيق؟. هل بعد هذا الاعتراف العصامي، ستعيد الدولة الساعة إلى ماضيها القديم؟ أم تترك الأمر كما هو، وتقول القصة ما لعبة قدِّموا الساعة أخِّروا الساعة أكلوا ناركم.

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي