حوارات ولقاءات

د. غازي صلاح الدين : التطبيع مع إسرائيل محكوم بالإجماع وتقدير المصلحة المنضبطة


التطبيع مع إسرائيل محكوم بالإجماع وتقدير المصلحة المنضبطة.. (الخارجية) صاحبة الجهد الرئيسي في رفع الحظر الأمريكي
لا يمكننا التخمين والتعويل على ما سيفعله الرئيس ترمب

إسرائيل لا تستحق المكافأة على عدوانها
لا عذر لمن يضع العراقيل في طريق السلام النهائي

كثير من الهفوات الصحفية أتجاوز عنها ولا أصححها
(الحقائق البديلة) هو اسم الشهرة للأكاذيب

تُرى ما الذي ستقوله، النرويجية هيلدا جونسون أحد مهندسي اتفاقية “نيفاشا”، في حق رئيس حركة “الإصلاح الآن”، د. غازي صلاح الدين العتباني، لو علمت أنه قد بارح صف حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بينما هي القائلة عنه: (إسلامي حتى النخاع، وشديد الولاء للقيم والمبادئ التي قامت عليها الجبهة الإسلامية القومية السابقة أو حزب المؤتمر الوطني الحالي).

ولكنه، قبيل وضع ذلك التساؤل في طرف هيلدا، حقيق بنا أن نجلس إلى د. غازي، نستفسره عن موقفه من وحدة الإسلاميين ومن إمكانيات عودته إلى الوطني – وكذلك – لنعرف رأيه في جملة قضايا أخرى تشغل الساحة، وتمر بديار العم سام، وبدولة الكيان الإسرائيلي، ثم لا تنتهي بمواقفه من ترشيح الرئيس عمر البشير لدورة رئاسية جديدة، أتراها ذات المواقف أم استجدّ جديد، لا سيما وأنه قال في حواره معنا، إن بعضاً من مواقفه السابقات غلبت عليها المثالية، فكيف يا تراها حال إجابات الطبيب بعدما اكتست بلبوس الواقعية، هل تقع بين المزدوجين اللذين خطتهما هيلدا، أما بارحتها كما بارح هو ديار الوطني قبل سنوات.

عموماً لِمَ العجلة الآن، ولنقرأ الطروحات الجديدة والمتجددة التي قدمها زعيم الإصلاح الآن في حواره مع (الصيحة) على مدى حلقات ثلاث.

· يُعرف عنك الدقة الشديدة، وهذا قاد إلى وصول عدة توضيحات من طرفك بشأن تصريحات منقولة عنك، وهذه مسألة تسبِّب – صراحةــ ضيقا لدى الصحفيين.. أفلا تخاف أن تخسر وسائل الإعلام؟

– لا مصلحة لأحد في أن يحدث خطأ في النقل عمدًا أو سهواً بما يغير معنى الكلام. والتدقيق في الرواية شيء حميد، وبالمقابل فإن الخلط في الرواية قد يشعل حرباً. وأسوأ أنواع الخلط هو الذي تتعمده الإصدارة الإعلامية طمعاً في توزيع أكبر أو لأي هدف آخر، ولا تستغرب لهذا، ففي عام 2004 لفقت لي جريدة صادرة في لندن مقابلة بالكامل لم تحدُث، ولم أقابل الصحفي الذي ادعى إجراءها. كانت مقابلة مثيرة أحدثت ضجة وارتباكاً في الساحة السياسية، وقد كسبت قضية ضد تلك الجريدة التي أرغمت على نشر اعتذار وتصحيح لثلاثة أيام في الصفحة الأولى مع المشاركة في أتعاب المحاماة. هل هذا يسكت عنه؟ النقل الخاطئ المتعمد يخل بالوظيفتين المهنية والأخلاقية لوسائل الإعلام. في هذا الصدد أرجو أن تكون تابعت تعبير (الحقائق البديلة) الذي صدر مؤخراً من المستشار الصحفي للرئيس دونالد ترامب، لقد سخر منه الناس.

· لماذا السخرية؟
– لا يوجد شيء اسمه حقائق بديلة، الحقائق البديلة هي اسم الشهرة لكلمة أكاذيب. المبدأ الأولي والأساسي الذي يتحكم في أهداف الإعلامي هو أن ينقل الحقيقة كما هي، حتى بجوها المحيط، لأن مهمته هي تبصير الرأي العام بالأوضاع والحقائق وليس تضليله. فالكلمة حين تُقال في سياق معين، تعني معنى معيناً. وحين تُقال في سياق آخر، تعني معنى آخر. هناك رابط بين الكلمة ومحيطها، كأن تقول قال غاضباً وأن تقول قال ضاحكاً. الجو المحيط كالموسيقى التصويرية، تعطي الخلفية الضرورية، خاصة وأن التعبير باللسان يكون بنسبة 30% بينما التعبير بالمؤثرات الأخرى (كالسياق، وحركات البدن، والخلفية، ونبرة الصوت)، هذه تؤدي 70% من التعبير. مجمل هذه المؤثرات يؤدي إلى طيف من الدلالات ومتعلقات الوصف. وكما أن للجرَّاح مبضعه، كذلك للإعلامي المحترف مبضعه، وهو الكلمة المسدّدة والواقعة الصحيحة.

· ولكنك مشهور بالتوضيح أكثر من رصفائك، فهل هذا متعلِّق باستخدام مفردات تعطي أكثر من معنى؟
– كما قلت لك أنا حسّاس تجاه الظلال الدقيقة لمعاني الكلمات ودلالاتها. ربما يكون هذا التشدد خلقة وطبيعة، وربما هو من أثر تربيتي، أو دراستي العلمية، أو بسبب قسوة التجارب السياسية التي مررتُ بها. على كل حال لستُ نادماً على هذه المنحة المرهقة. أحياناً أكتب لنفسي حصرياً فقرة أو فقرتين ضاحكتين أو غاضبتين لأغراض الفكاهة أو التنفيس بعيداً عن أعين المتطفِّلين. هذه الفقرات قد أعود إليها مرة بعد مرة على مدى الأعوام. هناك مقالة وجدانية من صفحتين فقط كتبتها عام 1993 بعنوان “حوار منقطع” (بالمناسبة لا علاقة لها بالحوار الوطني القائم، هي فقط حوار مع شخصية شبحية خارج نطاق الكون المعلوم). هذه المقالة أو الرواية القصيرة أعود إليها كل عامين أو ثلاثة بكل أدوات التعديل والتحسين حتى تراكمت عليها الدلالات ولم تكتمل حتى الآن، وليس مهماً بالنسبة لي أن تكتمل، لأن القصد منها ليس النشر، هي كما هي: حوار منقطع لا يسعى إلى الكمال ولا الاكتمال. هو كلام مثل الإلكترونات التي تجري في مداراتها فإذا اصطدم بعضها ببعض حدثت ومضة إشراقية. بالطبع أنا لا أطالب الصحفيين أن يكتبوا كلامي بهذه الطريقة، أنا فقط أردت أن أقول إن الحروف والكلمات بالنسبة لي كالكائنات الحية، لها حقوق وعليها واجبات، ولو كنتُ أستطيع أن أُقنِّن لها هذه الحقوق في الاتفاقيات الدولية لفعلت.

· اعطنا مثالاً للتحريف في الصياغة أو النقل؟
– كنت رئيساً لوفد برلماني زار إحدى الدول الأوربية حيث التقى بنا صحفي عربي مراسل لصحيفة عربية مشهورة. وكانت الحكومة وقتذاك تحاور الحركة الشعبية، فسألني الصحفي عن حقيقة ضخامة التنازلات التي قُدمت للحركة، فالانطباع السائد في الدول العربية أن كل تلك التنازلات لم تكن ضرورية، فقلتُ له بالفعل نالت الحركة الشعبية أكثر مما تستحق (هذا التقدير كان شائعاً بين الناس، حتى في بعض الدول الإفريقية)، لكن لأن الصحفي لم يكن مدقّقاً وفي عقله الباطن لم يميز بين الحركة الشعبية والجنوب، فإنه نشر تصريحاً كبيراً في اليوم التالي ذكر فيه أنني قلت إن الجنوب نال أكثر مما يستحق في المفاوضات. هنالك بالطبع فرق كبير بين الجملتين. وقد أحدث ذلك النقل الخاطئ ضجة كبيرة، وانفتحت أبواب السماء بالعذاب، فقد اعتبر كل الجنوبيين أنهم مستهدفون بالتصريح، حتى المعادين منهم للحركة الشعبية أسرعوا ليكوِّنوا جبهة تضامنية ضد الشمال، وحدث استقطاب سياسي جنوبي شمالي حاد. ولم يجدِ النفي المتكرر لفك حالة الاستقطاب، وأصبحت القضية ليست هي أن الكلام قيل أو لم يقَل وإنما أن الشمال لم يتخلَّ عن نقض العهود، واشتغلت الآلة الإعلامية للحركة الشعبية لتأليب الجنوبيين وتوحيدهم خلفها والاتهام بأن التصريحات مقدمات مكشوفة للتنصل مما وقّعته الحكومة من اتفاقات مع الجنوب، وأن هذا الكلام وإن لم يقله الشماليون فإنهم يضمرونه، وهكذا عشعشت أجواء الأزمة أياماً متطاولة.

· ألا تتجاوز حتى عن الهفوات الصغيرة؟
– بعد كل هذا الشرح تعتبرها هفوة صغيرة. طبعاً ذلك الصحفى الهمام نام تلك الليلة نومة أهل الكهف، وترك لنا السهر والحمى. كثير من الهفوات أتجاوز عنها ولا أصححها. ولكن هنالك أشياء مهمة لا يمكن ولا ينبغي تجاوزها دون تصحيح لأنها تمس مصلحة عامة أو تمس شخصاً أو أسرة.

· كيف ترى دعوة التطبيع مع إسرائيل، وقد صدرت عن رجالات دين معروفين؟
– هذه مسألة معقّدة للغاية، ويختلط فيها القانوني والسياسي والديني اختلاطاً شديداً. دعنا نضع المقاربة المبنية على موقف ديني جانباً، ليس لأن الموقف الديني غير مهم، ولكن لأن بعض الناس لا يقبلون القياس عليه والبعض الآخر من ملة أخرى ليس ملزماً إلا بنصوص كتابه. على هذا الأساس فلا المسلمون ولا اليهود ولا المسيحيون يجوز لهم استدعاء كتبهم كوثائق معترف بها في القانون الدولي: أكرر، لا القرآن ولا الإنجيل ولا التوراة وثائق معتمدة في القانون الدولي، وعلى هذا الأساس تبطل حجة اليهود في إقامة دولة إسرائيل في موضعها الراهن باعتبار أن هذا حقاً تاريخياً مودعاً لها في التوراة أو العهد القديم تستخدمه في أي يوم من أيام الدهر شاءت. هذا يقتضي أيضاً أن نقبل – لأغراض هذا الجدل – اعتراض أهل الملل الأخرى على حجة المسلمين في البقاء في القدس وفلسطين على أساس القرآن لأنه ليس وثيقة من وثائق القانون الدولي ملزمة لغير المسلمين. وهذا ينطبق أيضاً على أهل الإنجيل المسيحيين. إذا استخدمنا المنطق القانوني فإن الفلسطينيين الحاليين هم أحفاد الكنعانيين الذين حاول الإسرائيليون إبادتهم على يد نبيهم يوشع – على رواية العهد القديم نفسه وبشهادته. أما القدس أو إيلياء فإن الذين دخلوها غزواً كانوا هم اليهود في عام 1967 في حرب الأيام الستة المشهورة. المسلمون لم يدخلوها غزواً أو عنوة واقتداراً قط. دخلوها اتفاقاً وعهداً بطلب صريح للتعاهد والحماية أرسله أساقفتها إلى الخليفة ابن الخطاب وصار يعرف بالعُهدة العمرية، وهو الأساس القانوني وليس الديني لوجود أهل الملل الثلاث في ساكنة القدس.

· هناك ذرائع سياسية لهذه الدعوة؟
– من حيث الحجة السياسة فإن إسرائيل بشهادة العالم دولة لا تعترف بالقانون الدولي ولا تأبه له، وتعتبر أن كل ما هو حرام على الآخرين حلال لها. هي دولة غازية وعادية، غزت فلسطين والأراضي المحيطة بها أكثر من مرة، وهي لا تعترف بالحدود الدولية التي رُسمت بمقتضى قرارات الأم المتحدة والقانون الدولي، وتتوسع باستمرار على حساب حقوق جيرانها، وهي دولة لم تنفذ ولم تحترم أياً من قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأنها، بل تسخر منها ومن حقوق الفلسطينيين الذين تزيحهم بمستعمراتها السكانية كل دقيقة وساعة. وهي دولة ذات ترسانة نووية طوّرتها في الخفاء وتصر على أن تحتفظ بها بعيداً عن رقابة وكالة الطاقة النووية، الهيئة القانونية الوحيدة المخوَّل لها مراقبة المنشآت والمشاريع النووية في العالم. وأخيراً هي دولة تضع على علمها خطين يرمزان إلى الفرات والنيل، أي هي تقول نحن قادمون لكم يا أهل أرض النيل التي وطأتها أقدام موسى عليه السلام عندما زارها يوماً وتزوج فيها امرأة من كوش – حسب رواية العهد القديم. بأي حق تستحق دولة إسرائيل المكافأة على أعمالها دون أي مقابل حقيقي.

· هناك دول عربية طبّعت مع إسرائيل؟
– رغم ذلك ينبغي أن نتفهم تباين الحالات والمواقف في التعامل مع إسرائيل. مصر وسوريا مثلاً لابد لهما من تكييف قانوني لعلاقتهما مع إسرائيل لأن هذا شيء يحتاجون إليه في حياتهم اليومية بحكم الجوار الجغرافي وحركة السكان. والأردن تحتاج للتعامل اليومي مع إسرائيل في المسائل الإدارية والوقفية الخاصة بالمسجد الأقصى وأراضي المسلمين في القدس بحسب التكليف المنوط بها، وفي عبور الفلسطينيين في الاتجاهين. حتى حركات المقاومة الفلسطينية: فتح، حماس، الجهاد تحتاج لمثل هذه التعاملات وغيرها التي تفرضها حالة المواجهة، بل تمليها مسؤولية الحكم ومصالح المواطنين في غزة والضفة الغربية. من هنا لا بد من تحديد الضوابط والمحددات لعلاقة افتراضية كهذه.

· وما هي هذه المحددات؟
– أهم هذه المحددات هي تجنب اتخاذ قرار في هذا الشأن رجاء مكافأة لن تأتي. هذا معيب أخلاقياً وغير متحقق عملياً. ثانياً، ألا يكون القرار – بأي مسوغات اتخذ – انفرادياً لأن ذلك يضعف تماسك الصف الفلسطيني والعربي والإسلامي، وأسوأ من ذلك أنه يضعف حجتهم القانونية والسياسية. وثالثاً أن ينطلق أي قرار في هذا الشأن من موقف جماعي ووفق رؤية قانونية وسياسية قوية ومتفق عليها. أما القول بأننا لسنا في حاجة لاستفزاز إسرائيل لأنها أقوى منا (وأكثر نفيرا) فهذا أمر تقديري جائز ولا أعلم أحداً أعلن الجهاد على إسرائيل من السودان، ولا دعا لذلك. وحتى الهدنة تجوز مع المعتدي، لكن هناك فرق كبير بين توقي شر المعتدي ومهادنته وبين مصادقته وموالاته. إذا تجاوزنا الحجج القانونية والسياسية وتدبّرنا حجة المنفعة المادية ما هي المنفعة المتوقعة من الاعتراف بإسرائيل مقابل موقف انتهازي ستزول آثاره الإيجابية بعد قليل ويبقى عيبه أبد الدهر. قرار كهذا يسهل إبرامه ويصعب نقضه، والصحيح هو التوافق عليه من قبل جميع الدول الإسلامية لتحديد موقف موحد يراعي القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والحقائق التاريخية، والضرورات الفلسطينية بصورة خاصة، أي أنه لا يقضى في هذا الأمر إلا بموافقتهم. إذا اتخذ قرار بهذه المواصفات تأسيساً على قاعدة المصلحة العامة المنضبطة فهو قرار مسنود بتدليل فقهي سليم.

· ما هي المنفعة المتوقعة؟
– هناك دول عربية اعترفت بإسرائيل وتعاملت معها ولا نرى أن ذلك أسهم في حل مشكلاتها، أنا أفهم أن نميز بين أن نعترف بإسرائيل وأن نتقي بأسها.

· بمعنى؟
– بمعنى أنك غير مطالب بأن تصطنع معركة مع قوى لا تستطيع أن تواجهها، هذا شيء مفهوم، ومفهوم حتى أن تقوم بينك وبينه هدنة، وهذا جائز في الشرع والوضع، ولكن أن تضفي عليها اعترافاً وهي على هذه الحال من العدوانية واللامبدئية فليس له مبرر لا سياسة ولا قانوناً، وإن شئت ولا ديناً.

· ولأي الرأيين يميل الدكتور؟
– لا أعتقد أن المسألة مطروحة سياسيًا في السودان، وبالمقاييس الوضعية المحضة التي ذكرتها لك أن تحكم.

· لكن هناك حديث عن منفعة من ورائها إسرائيل التي يقال إنها لعبت دوراً في رفع العقوبات الاقتصادية على السودان؟
– إن كان ذلك تأتى دون الاعتراف بإسرائيل فهي عائدات مجانية. ورفع العقوبات تم بمجهود متخصص ومحدد موجه نحو الإدارة الأمريكية، ولم تكن إسرائيل طرفاً فيه. أنا سمعت أن هنالك شخصيات إسرائيلية امتدحت ما حدث، وزعمت أنها ساهمت فيه، ولكن هذا شيء لا دليل لنا عليه. قد يكون بعضهم قاله للتشكيك والتلبيس، لا يجب أن نصدق كل ما يقال. وعلى كلٍ إن تحققت هذه المكاسب دون الاعتراف الصريح بإسرائيل، فذلك يعني أنها تحققت لأسباب في ذاتها، لا علاقة لها بقضية التطبيع مع إسرائيل.

· هل تتوقع أن تقود المهلة التي منحتها الإدارة الأمريكية لإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب أم تتوقع تراجعاً ونكوصاً؟
– من الحكمة أن نفترض أن كل شيء ممكن حتى نعمل لكل الاحتمالات. الإدارة الحالية مختلفة جداً عن الإدارة السابقة، ومعاكسة لها في توجهاتها ومفاهيمها. الرئيس ترمب واضح أنه قد أدخل نفسه في دوامة منذ البداية، ولا يستطيع أحد أن يحكم على منهجه تجاه السودان. قد يواصل السياسة التي طرحها أوباما في نهاية عهده، وقد ينكص عنها، وقد لا يهتم بالسودان أصلاً، وقد لا يعين مبعوثاً، ولذلك الأفضل الاستفادة من مهلة الأشهر الستة لإحداث اختراق سياسي داخلي حقيقي.

· كيف يحدث ذلك؟
– كما ظللنا نسعى إليه من خلال الحوار الوطني الشامل الجامع، عبر إرادة سودانية مشتركة لجميع القوى السياسية والاجتماعية، في مشروع وطني جديد نتوافق عليه. ومن حسن الحظ أن الإمام الصادق المهدي عاد إلى السودان، وقوى نداء السودان أقرب لأن تنخرط في جهد حقيقي في الوصول إلى سلام. وهناك القوى السياسية الأخرى الموالية للحكومة والعاملة في الساحة السياسية دون أن تكون منحازة إلى هذا الطرف او ذاك، وبالتالي هذه فرصة مرة أخرى تطل برأسها، ولكن لا يمكن التخمين والتعويل على ماذا سيفعله الرئيس الأمريكي، وذلك مجهود قد يكون مضللاً، ولذا دعنا ننطلق من معطياتنا نحن، وليس معطيات الموقف الأمريكي.

نحن الآن في لحظة مهمة، لحظة تشكل حرجة، ومهمتنا هي أن ندفعها إلى الأمام لتحقق أهدافها وصولاً للمشروع الوطني المشترك. نحن الآن في الحوار لأكثر من ثلاث سنوات، وهذه مدة طويلة أكثر مما يجب، وكان ينبغي أن نتوصل لاتفاق سلام نهائي قبل ذلك بكثير. أما تعليق الأمر على الموقف الأمريكي فهذا شيء يجعله في مهب الريح.

· في شأن رفع العقوبات برز تنافس داخل أروقة حزب المؤتمر الوطني الحاكم حول الأب الشرعي لذلك الإنجاز؟
– واضح أن هذا الاضطراب والصراع أطل برأسه، ولم يكن شيئاً محموداً بالنسبة للحكومة، لكون أصحابه في منصة واحدة. وأرجّح باعتباري كنت قائداً للحوار عندما توليت مسؤولية ملف دافور أن الخارجية هي صاحبة الجهد الرئيسي والأساسي، وهذا لا يعني أن اتصالات أخرى لم تقمْ، لكن ما سمعته من الدبلوماسيين الغربيين ومن تصريحات المبعوث الامريكي الذي قال بأن الخارجية هي الجهة التي ظلوا يتعاملون معها، وأعتقد أن ذلك صحيح.

يتبع

حوار: مقداد خالد
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. إسرائيل دولة عنصرية محتلة لأرض المسلمين والمسجد الأقصى مسرى رسول الله عليه الصلاة والسلام ودسائس اليهود مشهورة ومعروفة منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وحتى يومنا هذا وقد حذّر القرآن الكريم من إتخاذهم أولياء وهذا يعرفه رجل الشارع العادي فلم يتهافت من يدعون الإسلام لمهادنتهم والتطبيع معهم ؟؟

  2. و قدرت تنطقها بلسانك يا دكتور . دولة ….ّ !!!!! التطبيع مع من ؟ كل يوم تزداد خيبتنا فيكم . ثم ماذا بعد ؟ عن اي اجماع تتحدث ؟ قلها صريحة فلينبرش الجميع فنحن نعيش زمن الانبراش و الدواعش . قبح الله اراءكم . الهم چنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن . الهم عليك بالصهاينة و الكيان المغتصب فانهم لا يعجزونك و اغفر لاهلي فانهم لا يعلمون .