منى ابوزيد

في حَيِّنَا لصوص ..!


«الفرصة تصنع اللص» .. فرانسيس بيكون ..!
أذكر أن لصاً حاول – قبل فترة – اقتحام بيتنا في الثلث الأخير من الليل، كان الباب الخارجي غير موصد، على غير العادة، لكن تصادف أن زوجي كان مستيقظاً، وسمع صوت مقبض الباب وهو يفتح، فسارع إلى فتح الباب .. وبعد أن وجد اللصنفسه في مواجهة مع صاحب البيت سارع بالفرار ..عاد زوجي إلى ارتداء ملابسه الخروج، قبل أن يمضي في تتبع أثر اللص، ولم تفلح محاولاتي لإقناعه بأن تنتهي حادثة الشروع في السرقة عند هذا الحد ..!

بعد مطاردة غير متكافئة بين اللص الذي كان يركض في الشوارع على غير هدى، وزوجي الذي كان يتبعه وهو يقود العربة، تم القبض عليه واتضح أنه كان تحت تأثير الخمر، واقتيد إلى مركز الشرطة، وتم تدوين بلاغ في مواجهته ..!
الحكايات القابعة في خلايا مخي الرمادية عن النهايات المأساوية لمطاردة اللصوص دفعتني إلى معاتبة زوجي على إصراره ذاك، لكنه أجابني بأن تحوّل الموقف من مجرد الشروع في السرقة إلى جريمة مكتملة الأركان – ومثبتة في بلاغ جنائي – له عظيم الأثر في تخفيف هذا النوع من الزيارات الليلية على منازل الحي في المستقبل ..!

هذه الحجة تبدو منطقية إذا ما نحن أخضعناها لشواهد وأمثلة كثيرة تدلل على جدوى ونجاعة المبادرات الشعبية التي يطلقها ويجتهد في تنفيذها سكان بعض الأحياء في مواجهة اللصوص .. تلك المباردات لا تقلل من هيبة الشرطة ولا تشكك في دورها العظيم في حماية المواطن، لكنها تحاول أن تشد من أزر جهود العسكر في ظل تفاقم السرقات وتفنن اللصوص في انتهاج الحيل وتجديد الأساليب الشيطانية للسطو على البيوت ..!
تذكرت هذه الحجة – هذه الأيام – وحي المعمورة مربع (79) حيث بيت عائلتي الكبيرة – وحيث تسكن أسرتي الصغيرة – يقع ضحية لغارات عصابات سطو – منظمة ومسلحة بأدوات تهشيم زجاج العربات – أقلقت هجعة سكان الحي باعتداءاتها المتكررة على عربات أصحاب المنازل .. ولا يكاد يسلم بيت من غاراتها المتكررة، حتى أن أحد الجيران قد تعرض زجاج عربته للتهشيم مرتين خلال بضعة أسابيع (أكثر من ثمانية عشر محاولة سرقة للعربات خلال أسابيع) .. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على اطمئنان هذه العصابة إلى ضعف الرقابة من جهة، وإلى استمرار بقاء أفرادها بعيداً عن دائرة الشبهات من جهة أخرى ..!

كنت قد وعدت سعادة اللواء معاش فتح العليم – صديق والدي وجارنا في الحي – بإثارة أمر هذه الظاهرة التي أقلقت هجعة حينا في هذه المساحة .. وعلى طريقة «هناك فرق» في انتهاج الاستقصاء وتفنيد الحقائق – احتراماً لهذا القلم ولك أيها القارئ الكريم –يممت وجهي شطر قسم شرطة الحي، للحصول على إحصائية دقيقة لعدد البلاغات المدونة لهذه الجرائم، وإلقاء الضوء على حجم الأشواط المقدرة التي قطعتها مسيرة التحقيقات (أخبرني أحد الجيران أنه ذهب إلى قسم الشرطة وأخبره العسكري بأن الضابط المناوب في «طوف» وبأنه يناوب وحيداً، واعتذر عن مرافقته إلى مكان وجود المشتبه به)، لذلك آثرت أن أتقصى الإجابات على بعض الأسئلة بنفسي ..!

لكن الضابط المناوب اعتذر عن تقديم أي إجابات، وقال إن الحديث عن هذا الأمر يتطلب تصريحاً من المحلية، لكن لم ينسى أن يزف إلى خبر القبض على لصوص العربات بصيغة مقتضبة .. ولأن طبيعة الموقف لم تكن تسمح بمرافعة صحفية عن الفرق بين التصريح الصحفي المذيل باسم المصدر، والمعلومة العامة التي يحتاجها كاتب المقال لتعزيز وجهة نظره، فقد آثرت الانصراف بعد أن شكرته طبعاً ..!
ولا يزال سكان حينا بانتظار إحدى الحسنيين: إما أن يصرف الله عنهم شر أولئك اللصوص، وإما أن تعلن الشرطة عن نجاحها في القضاء التام على تلك الظاهرة ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد