مقالات متنوعة

لوردات .. لتدريب البرلمان!


أمس بدأت الدورة التدريبية التي يقيمها وفد من قدامى نواب مجلسي اللوردات والعموم البريطانيين لأعضاء في البرلمان السوداني، هذا ما أعلنته رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان حياة الماحي، حياة قالت إن الوفد سيقوم بتدريب البرلمانيين السودانيين على طريقة أخذ رأي الجمهور في القضايا الملحة.

وأوضحت حياة الماحي أن وفد شركاء الحوكمة والتدريب يضم أعضاءً وموظفين سابقين بمجلسي العموم واللوردات، وأشارت الى أن الدورة ستفتتح في 13 مارس الجاري بفندق كورنثيا بالخرطوم، ثم تنتقل أعمالها لمبنى البرلمان لمدة 3 أيام.
وكشفت رئيسة اللجنة عن اختيار لجان الصحة، الزراعة، الطاقة والتربية لتدريب أعضائها وموظفيها على الرقابة عبر أخذ رأي الجمهور في القضايا الملحة، كرفع الدعم عن غاز الطهي والذي أحدث مشكلة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي، وقالت: (استفسرنا شركاء الحوكمة عن كيفية التصرف مع هذه القضية لإحساسنا بأن قرار الرفع كان قاسياً على المواطنين)، وأضافت (أجابوا بأن البرلمان لا يمكن أن يرفض القرار، لكن الإجراء المهم هو عمل دراسة حالة وسط الجمهور لمعرفة آثار القرار، ومن ثم يمكن للبرلمان اتخاذ قرار يوضح تضرر المواطن من سياسة رفع الدعم).

وأبانت حياة أن لجنة الطاقة اختارت التدريب على مادة إدخال الطاقة الشمسية على الريف، وأخذ رأي الجمهور عليها.
للوهلة الأولى انتابني إحساس بالدهشة البليدة، لماذا أصلاً التدريب والسيدة حياة تقر مقدماً بأن قرار رفع سعر غاز الطهي كان قاسياً؟ ثم متى كان هذا القرار سبباً في مشكلة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي؟ الم يوافق البرلمان على الزيادات في سعر غاز الطبخ؟ وحياة و لجنتها لم تقدم أي دفوعات ولم تقل وقتها أن القرار كان قاسياً؟ وهل صوتت حياة ضد القرار القاسي أم صوتت معه؟
أما أهم سؤال لرئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان ومطلوب منها أن تجيب تحت القسم هل هي ونواب البرلمان لا يعرفون رأي المواطن في زيادة الأسعار؟

و بعدين، فقد عبر المواطنون عن رأيهم صراحة بالاحتجاجات ولم ينتظروا سؤال حياة، وعبروا بالاعتصامات حتى بدت شوارع الخرطوم شبه خالية، وامتلأت الأسافير والصحف والفضائيات وعبرت عن آراء أغلبية ساحقة من المواطنين.
البرلمان لا يستطيع أن يتعرف على رأي الجمهور، ولهذا سيخضع للتدريب ليتمكن من حل (الغلوتية) وهي رأيه في زيادة الأسعار، حياة اختارت التدريب في تخصصها وهو إدخال الطاقة الشمسية في الريف، السؤال أين هي مشروعات الطاقة الشمسية، ومن أي الأرياف ستبدأ؟ وماذا إذا قبلت الأرياف استخدام الطاقة الشمسية؟ من سيوفر هذه الطاقة؟

غضب البرلمان حين نشرت إحدى الصحف خبراً يفيد بوجود (104) من النواب الأميين، ألا يستوي النائب الأمي مع النائب الذي لا يعرف رأي مواطنيه في زيادة الأسعار؟ وأي نأئب هذا الذي ينتظر تدريباً ليؤهله لسبر رأي ناخبيه؟ هذا يفتح الباب من جديد حول مؤهلات النائب البرلماني، لكن ما بال حياة تخضع خبرتها للتدريب وهي رئيسة لجنة، هل تستطيع حياة الماحي أن تشرح لنا كيف أصبحت رئيسة لجنة؟ وماذا بشأن قرارات زيادة أسعار الوقود ومضاعفة تعريفة الكهرباء التي مرت على لجنة الطاقة وباركها البرلمان بالتهليل والتكبير، أليس من حق المواطن وقد أصبح له الحق بأذن الله بعد التدريب البريطاني أن يسأل عن رأيه في هذه الزيادات؟ زادت أسعار الدواء، وأسعار تذاكر السفر، والرغيف والمياه، وزادت كل الأسعار حتى بلغ سعر الدولار عشرون جنيهاً، ولم يسألنا أحد، مشكلتان تحتاجان لحل بعد التدريب، الأولى وهي مرجحة أن يرفض المواطن زيادات الأسعار فماذا سيفعل البرلمان؟ وهنا تبرز المشكلة الثانية وهو ما ليس مرجح بعد امتثال البرلمان لرأي المواطن فكيف سيقنع الحكومة؟

عموماً نيابة عن الشعب السوداني نشكر الوفد البريطاني لاهتمامه بتدريب برلماننا ومساعدته لمعرفة رأينا في زيادة الأسعار، و(الفايق يهمز أمو)، والفايق هنا هو برلماننا تحت التدريب.

ما وراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة