تحقيقات وتقاريرمدارات

الحركة الشعبية.. (الحلو) يصير (مُرَّاً)


ما تزال أصداء ما يدور بالحركة الشعبية قطاع الشمال، تشد الانتباه، تارة بفعل المهتمين والقلقين والمراهنين عليها كموازن للمعادلة السياسية في البلاد، وتارة أخرى من الشامتين الناظرين للحركة وقادتها باعتبارهم أبناء الشيطان. بين الفريقين تنتظر جماهير الحركة لمخرجات التفاعلات الداخلية خصوصاً عقب التعميم الداخلي لرئيس الحركة الشعبية مالك عقار والمُطالب بالانضباط والالتزام بالمؤسسات مؤكداً احتواء الأزمة التي فجرتها استقالة نائب رئيس الحركة عبد العزيز الحلو.

قرارات وتعميم:
خطاب متداول ومؤرخ بتاريخ 7 مارس ويحمل توقيع آدم كوكو كودي رئيس مجلس التحرير- إقليم جبال النوبة، أعلن مجموعة من القرارات في مقدمتها حل وفد التفاوض وتكوين وفد جديد، سحب الثقة من الأمين العام للحركة ياسر عرمان، وسحب ملفات التفاوض العلاقات الخارجية- التحالفات السياسية من ياسر عرمان، بالإضافة إلى انعقاد المؤتمر العام خلال شهرين لكتابة مانفيستو وصياغة دستور جديد وانتخاب مجلس تحرير قومي، ورفض استقالة الحلو.
في المقابل حمل التعميم الداخلي الممهور باسم رئيس الحركة قطاع الشمال مالك عقار – وتسلمت نسخة منه (السوداني) أمس الأول – تأكيداً لاستقالة الحلو. ونوه التعميم إلى أن قيادة الحركة تعاملت مع الاستقالة منذ تسلمها في 7 مارس، ورفض التعميم أن تكون الاستقالة وما جاء فيها معنونة إلى مجلس تحرير إقليم جبال النوبة، وأنها كان يجب أن تعنون إلى المجلس القيادي للحركة الشعبية باعتبارها الجهة المنوط بها التعامل مع هذه القضايا، قبل أن يعود ويطمئن الجميع بالنظر وحل الأزمة، لتدور الأسئلة حيال كيف تسربت الاستقالة وقرارات مجلس التحرير إقليم جبال النوبة؟ ولماذا لم يخاطب الحلو القيادة وخاطب مستوى قيادياً أدنى ممثلاً في مجلس تحرير إقليم جبال النوبة؟ وما هي مبررات قرارات مجلس تحرير إقليم جبال النوبة في مواجهة عرمان؟
تحليلات الخطوة:
التحليلات تذهب إلى أن نائب رئيس الحركة عبد العزيز الحلو تعمد تسريب خطاب استقالته بهدف حشد التأييد اللازم لمواجهة سطوة ونفوذ عرمان ومن خلفه عقار، لجهة أن الحلو يعلم جدياً وزنه في الميدان بالنسبة لقيادات الجيش الشعبي بالإضافة إلى إدراك الحلو لمدى حساسية التطرق إلى التنازلات المقدمة من عرمان تفاوضياً في ملف الترتيبات الأمنية وما يثيره ذلك على ياسر من نقمة عسكريي الجيش الشعبي، وأخيرا استيعاب الحلو لقيمته الرمزية ورصيده التاريخي كوريث للأب الروحي ومؤسس الحركة الشعبية في جبال النوبة يوسف كوة. ويرى مراقبون أن الحلو كان واثقاً من رفض المجلس لاستقالته، وأنه أختار عمداً مخاطبة المستوى الأدنى في القيادة على الرغم من إمكانية توجيه خطاب الاستقالة إلى المجلس القيادي أو مكتب رئيس الحركة.
فيما يرى آخرون أن من قام بتسريب خطاب الاستقالة الأمين العام للحركة ياسر عرمان، وأنه تعمد من ذلك توضيح حجم المرونة التي يتمتع بها سياسياً في مقابل مواقف الحلو خصوصاً التفاوضية، بهدف تحفيز الطرف الآخر ممثلاً في حكومة الخرطوم للقبول بما يطرحه ياسر من تنازلات، بالتالي مساعدته في لجم الأصوات المعارضة له داخل الحركة بتحقيق مكسب سياسي يتمثل في تحقيق اختراق حقيقي في غرف التفاوض.
عموماً التحليلات تبدو مفتوحة وكل السيناريوهات مقبولة، بما في ذلك أن سيناريو الخلافات الحالية يعطل أي مطالبات لها بالعودة إلى التفاوض في أديس أبابا، ومن ثم ينعكس تلقائياً في التقليل من الضغوط الدولية الموجهة للحركة في قبول المقترح الأمريكي ومواصلة التفاوض لما بعده من خلال كشف حجم الرفض الداخلي للقائمين على ملف التفاوض.

المبعدون في الخط:
القيادات السياسية المبعدة والرافضة للأوضاع داخل الشعبية وتم إبعادها أو إيقافها – إذا جاز التعبير – خلال الفترة الماضية بدت الاكثر حرصاً على متابعة التطورات وتقييمها، ويذهب ثاني أكبر القيادات العسكرية في الجيش الشعبي بعد رمضان حسن نمر والمبعدة، الجنرال عمر فور في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلا أن ما يحدث وإن تمت تسميته بثورة تصحيحية فإننا نتمناها شاملة لتشمل السودان كله، قاطعاً بأنهم كموقوفين أو مبعدين لم يتسلموا أي إخطار رسمي بتغييرات في الوضع، وأضاف: “هذا الحديث وجدناه في وسائل الإعلام ولم يصلنا رسمياً”. وقطع فور بأنهم يتميزون بالانضباط ولا يميلون إلى الظهور الإعلامي وأن ما يحدث حالياً يضعهم في نطاق الأضواء وهو ما لا يريدونه على الرغم من أحقية الجماهير في معرفة ما يدور.
التركيز على ياسر:
من جانبه كشف رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطي- عبد الله بكري في حديثه لـ(السوداني) أن الصراع الحالي بالشعبية في الأصل يدور حول المركزية القابضة لياسر عرمان على مؤسسات الحركة وكانت سبباً في خروجهم من قبل، وأكد أن ما قال به الحلو في استقالته كان سبباً في بروز تنظيمهم في 2009م، وأدى لبروز ما يعرف داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال بمجموعة الإصلاح وتضم على رأسها رمضان حسن نمر وأحمد بلقه، عمر فور، ياسر جعفر، د.أبكر آدم إسماعيل، كاشفاً عن أن تلك المجموعة أقدمت على تقديم مذكرة لقيادة الحركة قبيل العام تقريباً، وتناولت ذات ما طرحه عبد العزيز الحلو، وطالبت بقيام المؤتمر العام وإجراء مراجعة شاملة للحسابات إدارياً ومالياً داخل الحركة.
ويرى عبد الله أن ياسر يسعى لإحلال وإبدال القيادات السياسية والعسكرية في الحركة بقيادات موالية له أو داعمة لخطوطه، وأضاف: “على سبيل المثال تمت تسمية جقود مكوار كرئيس لهيئة الأركان في ظل وجود قيادات عسكرية ذات أقدمية في الرتب وأرفع في التأهيل الأكاديمي كرمضان حسن نمر، وأحمد بلقه.
بيد أن الرجل أكد أن النقطة الجوهرية التي تسببت في اشتعال الخلافات بين الحلو وياسر كانت تعديل دستور الحركة 2013م، وأوضح أن عرمان قام بإلغاء منصب نواب الأمين العام الذي كانا قبيل الانفصال ضمن هياكل الحركة، وأنه قام بتصعيد قيادات لإدارة قطاع الشمال حديثة تجربة، وأضاف: “بالتالي كل القيادات الموجودة بالداخل كدانيال كودي، عبد الباقي قرفة، كمندان جودة، عباس جمعة كانت لهم أسبابهم في مغادرة الحركة بفضل ياسر”.
الحاضر الغائب:
مجلس التحرير القومي الجهة المنوط بها ممارسة السلطة في غياب المؤتمر العام وبين دورتين انعقاده، كان الحاضر الغائب بفعل عدم انتخاب مجلس للحركة كما أورد الحلو في استقالته، لكن بكري نوه إلى أن ياسر بعد استئناف الحرب في يونيو 2011م لم يسع للقيام بمهامه في الأمانة العامة وأهل قطاع الشمال ببنائه التنظيمي في الـ 13 ولاية في الشمال، واعتمد على الولايتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) على الرغم من تبعيتهم لقطاع الجنوب، وأنه في سياق تكاليفه مع بقية قيادات الحركة أهملوا أعضاء مجلس التحرير المنتخبين كثاني سلطة بعد المؤتمر العام.
القيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان وممثل مجلس التحرير القومي عمر الطيب أبوروف يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن ما يحدث حالياً هو ما توقعناه تماماً بفعل تجاوز مؤسسات الحركة، كاشفاً عن أنه بعد انفصال الجنوب كلف المكتب السياسي في آخر اجتماعاته الرفاق مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان بترتيب وإدارة الجيش الشعبي والحركة، وقتها كنا نمثل عضوية مجلس التحرير القومي المنتخب حيث تمثل كل ولاية بـ6 أعضاء منها في المجلس ويكون المجلس معنياً بإدارة شؤون الحركة باعتباره ثاني أكبر سلطة بعد المؤتمر العام، بيد أن تفجر الأوضاع داخلياً ساهم في أهمال الجسم الشرعي وتبديله بأجسام ومسميات غبر قانونية ولا دستورية وتم استبدال دستور 2008م للحركة بدستور 2013م الذي لم يشارك مجلس التحرير القومي في صنعه، وتم تحميل الأمين العام للحركة مسؤولية كل ما تم بسبب حل المكتب السياسي بعد الانفصال، وأضاف: “الحلو حالياً يعبر في خطاب استقالته عن الأزمات التي ظلت موجودة وتم فيها تغييب الممثلين الدستوريين والقانونيين لأعضاء الحركة في مجلس التحرير”.
أبو روف اعتبر الحلو متأخراً لكن (أن تأتي متأخراً خيراً من ألا يأتي)، وأضاف: “إذا أقر حالياً الأمين العام بخطأ ما قام به وتجاوزه للأشخاص المنتخبين فمرحباً لكن الموجودين حالياً لا يمثلون الحركة بل يمثلون رغبة الشخص الذي جاء بهم، ونحن محتفظون بحقوقنا وابتعدنا بعدما رفعنا صوتنا بالاحتجاج”.

شكل السلام القادم:
الخرطوم تطيل النظر إلى ما يحدث وتنتظر إلى ما يؤول إليه الصراع في وقت ما يزال الغموض يكتنف تفاصيل ونتائج محاولات الحركة في لملمة الأطراف، فيما برزت اتهامات عن اتفاقيات سرية وقعها عرمان مع الخرطوم فيما يُسمَّى بالجولات غير الرسمية التي جرت بكمبالا، ووجدت تلك الاتهامات ضالتها فيما أشار إليه الحلو في استقالته عن وضع الترتيبات الأمنية وتذويب الجيش الشعبي في الجيش السوداني، بيد أن سفير السودان بيوغندا عبد الباقي كبير في حديثه لـ(السوداني) أمس، أنكر تماماً أن يكون التقى ياسر رسمياً في سياق ملفات تفاوض، مقراً بأن آخر لقاءاته بعرمان كانت في القصر الرئاسي مع الرئيس موسيفيني أثناء احتفالات إطلاق سراح الأسرى بوساطة يوغندية، وأن الصورة المتداولة له بمعية ياسر كانت في القصر بكمبالا.

من جانبه اعتبر عضو مجلس التحرير أبو روف أن الحلو أيضاً يريد التوقيع على سلام ولكن عبر انطلاقة سليمة في وقت يصر فيه الأمين العام على اتباع المؤسسات التي أنشئت بموجب دستور 2013م، وصراعه حالياً مع الحلو الالتزام بمؤسسات الحركة.

الخرطوم- كمبالا: عمرو شعبان
السوداني


‫3 تعليقات

  1. في اشاعات في الواتس اب الناس ماتو يعني حيين لسه

    اللهم كل من أراد بالسودان سوء دمره شر تدمير اجعل كيده في نحره