مقالات متنوعة

الحركة الشعبية.. خلاف فوق العادة!


هنالك جهات (شمتانة) في الخلاف الذي ضرب القيادة العليا في الحركة الشعبية وظهر للعلن في استقالة نائب رئيس الحركة عبد العزيز الحلو، وبعض أنصار الحكومة أظهروا سعادة وشماتة ربما استندت على أن هذا الخلاف سيعصف بالحركة الشعبية ويذهب بها المذاهب، وتتفرق أيدي سبأ، مالك عقار رئيس الحركة الشعبية قال إن استقالة الحلو حقيقة وأنهم سيتعاملون معها بمسئولية وأن لا تغيير في هياكل الحركة ووفدها التفاوضي..

ما يثير الغرابة هو انشراح بعض أهل الحكم بمطالبة القيادات الميدانية في جنوب كردفان بعزل ياسر عرمان من رئاسة وفد التفاوض، في الوقت الذي تحسرت فيه الاستقالة على تفريط في التفاوض حول حقوق أبناء جنوب كردفان وفق مجريات التفاوض التي يقودها عرمان، ويبدو ذلك واضحاً من تفسير الاستقالة للمنفستو والمطالبة بتقرير المصير..

تذهب تقديرات خبراء الى أن ما حدث حتى الآن لا ينم عن انقسام حقيقي، وهو ربما عبر عن ضيق القيادات الميدانية لجهة ربط الملف السياسي بالترتيبات الأمنية، والتخوف من أن يطغى الحل السياسي على الوضع الميداني، وهو تخوف مشروع ولكنه لا يرقى الى مشروعية رفض المنهج السياسي الذي يفضى الى حل مشاكل البلاد عبر حزمة واحدة، ووفق ترتيبات دستورية وإعادة هيكلة الدولة، وهو ما يتمسك به عرمان، وهو السبب في تلاقي الحركات المسلحة مع المعارضة المدنية من خلال مظلة نداء السودان، في هذه المرحلة لا بد من احترام موقف الأطراف داخل الحركة من الأزمة ونأيها عن التصريحات التي من شأنها تقويض أي إصلاح محتمل، حتى الآن الوضع نظرياً هو استقالة تقدم بها نائب رئيس الحركة…

القيادات الميدانية في جنوب كردفان رفضت الاستقالة وطالبت صراحة بالغاء تفويض عرمان من قيادة الوفد التفاوضي.. القيادات الميدانية لا تمتلك الحق في رفض أو قبول الاستقالة.. ولا حق المطالبة بعزل عرمان.. ولكنها عملياً هي القوة التي تستند عليها قيادة الحركة، وسياسياً فإن رؤيتها ذات تأثير كبير في اتخاذ القرار داخل هياكل الحركة القيادية… هذا وحده يفسر توقيت الاستقالة والضغوط التي تعرض لها الحلو، ففي الوقت الذي تقدمت فيه عملية السلام لدرجة تبادل الأسرى بين الحركة والحكومة، واقتراب الاتفاق على مسارات الإغاثة، دب الخلاف وسط مفاصل الحركة وقياداتها العليا،

لا يمكن لأحد أن يلوم المعارضة في عدم قدرتها على المحافظة على وحدة القيادة، لأن المعارضة المسلحة والمدنية لم تستطع حتى الآن بناء مركز قيادي موحد يستطيع أن يقدم رؤية قومية للقضايا المطروحة، وحفظ التوازن الذي يستجيب للقضايا المطلبية المناطقية.. وهذا ماحدث للحزب الحاكم فخرج منه الشعبي في المفاصلة، وخرج منه سائحون وانقلابيون واصلاحيون.
هل هذه البلاد عصية على الإصلاح؟، وإن كان ذلك الإصلاح ممكناً، فهو يتطلب جهداً كبيراً من مكونات هذه البلاد و خاصة من الفئات المستنيرة.

الأسبوع الماضي، آلاف من مشجعي الهلال كانوا ينتظرون هزيمة المريخ، وبالمثل كان مشجعي المريخ يترقبون هزيمة الهلال…
هذا هو مجتمعنا، ولا يمكن إصلاحه إلا عبر إصلاح العملية السياسية والتعليمية عبر توطين الديمقراطية، وعلينا ان نفكر بشكل جاد كيف نقوم بذلك وبعقل جمعي، عبر مشروع الدولة الوطنية.

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة