منى ابوزيد

في تشتيت السكر…!


“حكومة الخرطوم مسؤولة عن هروب المستثمرين من أراضيها” .. صالح كامل ..!
بالتزامن مع بدء فعاليات ملتقى ومعرض السودان الدولي للتعدين، بدأت يوم أمس الثلاثاء إجراءات محاكمة (12) معدناً سودانياً يقبعون في سجن الشلال بأسوان .. الأمر الذي يفتح باب السؤال – على مصراعيه – بشأن طول وعرض وارتفاع تلك المسافة الفاصلة بين خطوط التماس في مزاولة التعدين الأهلي وحدود مرمى القوانين ..!

النائب الأول ورئيس مجلس الوزراء دعا – خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للملتقى – إلى إحكام السيطرة على هذا القطاع، ووجه وزارة المعادن بالعمل على جذب الخبرات العالمية .. وهذا – أيضاً – يفتح باب السؤال « على ذات المصراعين»: هل يشتمل قانون التعدين على أي تمييز أو تخصيص للمستثمر العربي على الأجنبي مثلاً؟! .. هل يشتمل القانون على حوافز تشجيعية (إذا استثينا الحوافز التي يشتمل عليها قانون تشجيع الاستثمار) .؟!

ثم هل توجد منفعة حقيقية تذكر من وجود الحوافز التشجيعية في نصوص قانون تشجيع الاستثمار في ظل عدم تضمينها في قانون التعدين؟! .. لاحظ معي أن نصوص قانون التعدين في السودان هي القبلة الأولى لأي مستثمر يشد إلينا رحاله من خارج الحدود ..!
وإذا تكرمت الحكومة ووضعت نفسها مكان المستثمر – غير المحلي – سوف تدرك ببساطة أن حوافز ومزايا الاتفاقيات الجاذبة “خارج نصوص القانون الصريحة” تبقى – من وجهة نظره – وعودا عائمة في مياه الاحتمال، ويصعب جداً، جداً الاطمئنان إليها ..!
هل ينص القانون – أيضاً – على مواد قاطعة بشأن تسوية الخلافات بينما ينص قانون تشجيع الاستثمار على (فض نزاعات الاستثمار عن طريق التوفيق أو التحكيم، أو أن يتم الفصل فيها وفقاً لأحكام قانون الإجراءات المدنية أو أي قانون آخر يحل محله)؟! .. لاحظ معي أن المستثمر القادم من خارج البلاد غير ملزم باستعياب تشابك وتداخل نصوص القوانين المحلية .. ومن البدهي أن يكون قانون التعدين هو قبلته الأولى والأكيدة لاتخاذ قرار الاستثمار في السودان ..!

قانون تشجيع الاستثمار – نفسه – نص على عدم جواز التمييز بين المال المستثمر بسبب كونه محليا أو عربيا أو أجنبيا أو بسبب كونه قطاعاً عاماً أو خاصاً أو قطاعاً تعاونياً أو مختلطاً .. وهنا يبرز سؤال منطقي عن دور التمييز الإيجابي .. أي التمييز الحميد القائم على تأليف قلوب المستثمرين ..!
هل توجد في قانون التعدين نصوص تلتزم الدولة بموجبها بالمساهمة في تجهيز البنية التحتية؟! .. الدولة بطبيعة الحال ليست طرفاً محايداً، والتزامها ببعض المشاريع يشكل عاملاً فارقاً في استقطاب رؤوس الأموال الخارجية (ضعف البنية التحتية .. شح الخدمات الأساسية “الطاقة على وجه الخصوص” .. النقل والمياه وإرتفاع تكلفة النقل لمعادن الصادر – الكروم مثالاً – وهذا يؤثر على المنافسة عالمياً) ..!

فضلاً عن كثرة نوافذ الجبايات التي يقصدهاالمستثمر (جمارك، ضرائب، استثمار، محليات)، أضف إلى ذلك غياب المرونة عن بعض التشريعات القانونية الحالية التي لا ولم تعالج تعارض وتضارب السلطات بين الولايات والمركز فيما يختص بالاستثمار الأجنبي عموماً ..!
عدم استقرار وثبات القوانين والسياسات الاستثمارية في بلادنا يؤثر سلباً علي جذب الاستثمار لصناعة التعدين، ناهيك عن إرث علاقات السودان الخارجية ودورها السالب – الفعال – في انسياب رؤوس الأموال الخارجية .. الأمر الذي يتزامن وبشكل مؤسف مع غياب الخطط الاستراتيجية الواضحة في هذا الشأن ..!

معظم القوانين في بلادنا تقف في صف الحكومة كتفاً بكتف في مواجهة المستثمر .. فضلاً عن المناخ الإجرائي الطارد الذي اشتكى منه مستثمرون كثر من أصحاب التجارب .. فهل من مذكر ..؟!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة