حوارات ولقاءات

كمال إسماعيل:نرفض محاولات الهيمنة الإيرانية


أكد وزير الدولة بالخارجية السودانية كمال إسماعيل أن دولة الإمارات لها أياد بيضاء في السودان، وامتدح الأدوار التي لعبتها مؤخرا لأجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية، في ذات الوقت الذي أعلن فيه رفض بلاده القاطع للتدخلات الإيرانية في المنطقة، وقال إن بلاده لن تقبل أي محاولة لفرض هيمنة إيرانية في الإقليم، وأقر الوزير السوداني بوجود خلافات حول قضايا أساسية بين بلاده ومصر يسعى الجانبان لتجاوزها.

ونفى إسماعيل في حوار مع «البيان» وجود أي بنود أو صفقات سرية بين السودان والولايات المتحدة قادت لتخفيف العقوبات الاقتصادية، وقال إن ما تم مع الإدارة الأميركية كان معلناً، واصفاً الحديث عن وجود بعض العناصر الإرهابية في السودان بأنه ادعاءات عارية من الصحة.

وحول العلاقة بين بلاده وجارتها الجنوبية قال إسماعيل إن السودان ظل يتعامل بصبر ويمتص ما ظلت ترتكبه دولة جنوب السودان من أخطاء بحقه، وشدد ان بلاده لو تعاملت بالمثل مع دولة الجنوب لتدهورت الأمور بشكل متسارع إلا أنها تلزم الصمت وتسعى لخلق حالة من الاستقرار هناك، مجددا الاتهام لدولة جنوب السودان بإيواء المتمردين السودانيين.

الانفتاح الخارجي

مدى انعكاسات الانفتاح الذي حدث في علاقات السودان الخارجية على الاوضاع الداخلية ؟

واحدة من أولويات الحكومة السودانية منذ مجيئها هو الانفتاح على الآخرين، ولكن الآخرين هم الذين صدوا عنها، وبذلت الحكومة جهودا جبارة في محاولة إقناع الآخرين لتحسين العلاقات معهم ونتيجة المتغيرات الإقليمية والدولية حدث انفراج كبير وتحسين في العلاقات الخارجية وحتما سينعكس ذلك إيجابا على الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية بصورة عامة.

• رغم التطور الإيجابي في العلاقات السودانية الخليجية إلا أن هناك من يرى بأن تلك العلاقات لا تزال دون الطموح؟

نعم أتفق معك نحن في السودان طموحنا عال جدا في علاقاتنا مع دول الجوار والدول العربية خاصة، وهو الآن دون سقف، وما تحقق الآن اقل من طموحنا، ولكنه خطوات جادة في الاتجاه الصحيح ونحن نسعى ونتوقع ان تقود هذه الخطوات الايجابية إلى الوصول إلى مستوي اعلى من التنسيق والتعاون مع الدول العربية.

• كيف تنظرون لمستقبل العلاقة بين السودان والإمارات في ظل ما حدث من قفزة؟

الأصل في علاقتنا مع دولة الإمارات ان تكون ممتازة واستراتيجية وهكذا كان الحال منذ زمن بعيد، ولكن حصلت بعض الانتكاسات لأسباب مختلفة، ولكن الجهود الأخيرة خاصة ما قامت به القيادة في البلدين أدت إلى تطبيع تام مع دولة الإمارات التي هي من اكبر الدول المستثمرة في السودان ولها مشاريع وأياد بيضاء كثيرة في السودان، ونحن نشكر لهم ذلك والأصل ان تكون العلاقة بين السودان والإمارات متميزة، وكذلك القيادة في الإمارات تعتقد ذلك أيضا، ونتوقع ان تسير هذه العلاقة من حسن إلى احسن.

• كيف تقيمون ما قامت به دولة الإمارات من أدوار في سبيل تخفيف العقوبات الأميركية على السودان؟

بلا شك أن دولة الإمارات لعبت دورا كبيرا في إطار المساعدة في رفع العقوبات عن السودان وما زالت تبذل، ونحن نطمع في أن تبذل الإمارات جهودا إيجابية وفعالة لمساعدة السودان في كل النواحي، سواء كان في رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب أو المساهمة في أي نشاط اقتصادي أو استثماري أو تعاون دبلوماسي في مختلف المنظمات الإقليمية والدولية.

العلاقات السودانية الأميركية

•عقب قرار الإدارة الأميركية دار حديث عن بنود سرية وصفقة تمت في الخفاء قادت للرفع الجزئي للعقوبات ما تعليقكم؟

الأمر ليس فيه بنود خفية أو غيرها ما تم كان نتيجة لتفاوض مثمر وفعال وقوي لفترة طويلة جدا تم الاتفاق والوصول إلى هذه النتيجة بوضوح شديد جدا وبدون أي صفقات غير معلنة، الأمر كان واضحا والسودان كانت مواقفه مرتبة ولا نحتاج لأن تكون هناك صفقات سرية، ومعروف تسلسل الاجتماعات التي عقدت والاتفاقات التي تم التوصل إليها، قد لا يكون معروفا بعض التفاصيل للعامة ولكن هو أمر قادته عدة جهات حكومية عبر اجتماعات موثقة.

•رغم ما يتحدث عنه السودان من تعاون إلا أن الإدارة الأميركية مددت بقاء السودان ضمن قائم الدول الراعية للإرهاب، وبررت ذلك بأنه لا تزال هناك مجموعات منتمية للقاعدة وداعش بالسودان؟

وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب أمر شاذ وغير صحيح وحتى الإدارة الأميركية ذكرت في تقريرها بأن السودان لا يرعى الإرهاب ولكن ما زال اسمنا هناك، أما الحديث عن وجود جماعات إرهابية في السودان فهذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، السودان بلد مكشوف ومفتوح للجميع، لا يوجد أي مجال لإلحاق أي تهمة من هذا القبيل.

* إثر قرار ترامب بتقييد ومنع دخول السودانيين للولايات المتحدة.. هل بدأتم أي اتصالات مع إدارة ترامب بشأن الملفات بين البلدين؟

فيما يتعلق بحظر سفر السودانيين للولايات المتحدة قمنا باستدعاء السفير الأميركي في الخرطوم، وأوضحنا له بأن هذا الأمر غير مقبول ولا يتناسب مع سياسة الانفتاح ولا جريرة للسودان في هذا الأمر وطلبنا منهم مراجعة القرار، أما بخصوص اتصالاتنا مع إدارة ترمب فيبدو ان الأمر يتطلب مزيدا من الوقت لأنه لا تزال الادارة الجديدة تعمل على ترتيب بيتها من الداخل، ولكن نحن سننتظر وسنواصل الاتصالات معهم.

الحرب على الإرهاب

• هناك تحالفات بدأت بالتشكل لمحاربة الإرهاب في المنطقة ما هو الموقف السوداني من تلك التحالفات؟

موقف السودان واضح من الإرهاب وندينه بكل أشكاله ولا نقبله ونعمل على مكافحته في اطار المقدرات المتاحة بالنسبة لنا وفي اطار التنسيق الإقليمي والدولي، ولدينا اتصالات ومشاورات مستمرة مع دول الإقليم.

•موقع السودان الجغرافي يجعله على مرمى حجر من التنظيمات الإرهابية ما هي الإجراءات التي اتخذتموها لمنع تسلل تلك الجماعات إلى الأراضي السودانية؟

السودان اتخذ كل التحوطات الممكنة للحد من تسلل التنظيمات الإرهابية في إطار مقدراته لخلق نوع من الاستقرار في البلاد والمساعدة في حفظ الأمن بالإقليم.

• كيف تنظرون للتدخلات الإيرانية في المنطقة، سواء كانت في اليمن او سوريا وغيرها ومدى تأثير تلك التدخلات على الأمن الاقليمي؟

التدخلات الإيرانية في أي منطقة في الإقليم مرفوضة تماما وموقف السودان واضح تجاه ذلك، وبالتالي نحن لا نقبل أي محاولة لفرض أي نظم او افكار او عقائد في المنطقة بدون رغبة شعوبها ولا نقبل أيضا فرض اي هيمنة إيرانية على الاقليم.

دول الجوار

•هناك ما يمكن وصفه بالفتور في العلاقات السودانية المصرية، برأيك ما هو مرد ذلك الفتور؟

أنا لا اسميها حالة من الفتور ولكن هناك ربما خلافات حول بعض القضايا الأساسية ونعمل علي حلها.

•ولكن التراشقات الإعلامية مستمرة؟

نرجو أن يكون الإعلام اكثر موضوعية ولا سيما الإعلام المصري حتى لا يؤثر سلبا على الرأي العام في البلدين وهذا التراشق له تأثير سلبي جدا ونأمل أن يتخذ الإعلام مواقف إيجابية والمساهمة في حل القضايا في الاطر القانونية والسياسية لكيلا تصبح القضية للمهاترات، وليس هناك احد يقبل المهاترات والإساءات التي قد تحدث ردود فعل أقوى وبالتالي هذا الأمر مرفوض ونأمل في احتوائه في اسرع ما يمكن.

• أين وصلت مساعي الجانبين لتجاوز تلك الخلافات التي ذكرت؟

نحن ظللنا وسنظل نتابع تلك الملفات بصورة دقيقة.

العلاقة بين الخرطوم وجوبا

• العلاقات بين السودان وجنوب السودان لم تبرح محطة الاتهامات بعد ما تعليقكم ؟

العلاقة مع جنوب السودان علاقة ما زالت تتجاذبها أمواج كثيرة جدا خلال السنوات الماضية تبتدئ بفتح الحدود وتنتهي بإعلان الحرب واحتلال أراض، ولكنا في السودان لدينا موقف ثابت بأن دولة الجنوب تحت الإنشاء والتكوين وتحتاج لمزيد من الصبر للتعامل معها، ولو عاملنا الجنوب بالمثل لتدهورت العلاقات بصورة سريعة جدا، ولكن كنا دائما نلوذ بالصمت والصبر عسى ولعل تتخذ حكومة الجنوب سياسات موضوعية تراعي مصالحها ومصالح جيرانها ونحن نعاملها بصورة خاصة ونمتص الكثير من الأخطاء التي ترتكب في حقنا، وبالتالي نحاول ان نساعدهم حتى يصلوا إلى مرحلة من الاستقرار.

• ولكن البعض يرى بأن الدور السوداني رغم فعاليته إلا أنه لا يزال قاصرا في معالجة الأزمة ؟

لنا جهود كبيرة جدا في محاولة إنهاء الحرب الأهلية الحالية لأنها انعكست سلبا على البلدين، والسودان يعمل عبر «الايقاد»، والسودان وكينيا وأثيوبيا اوكلت لها حل قضية الجنوب بصورة سريعة وبذلت جهود قادت الي اتفاق وقع عليه الطرفان غير ان الحرب عادت مجددا وتدهور الأمر، ولكن السودان في إطار دول الايقاد لا يزال يبذل قصارى جهده في ان يصل إلى سلام في الجنوب.

هل هناك أي اتصالات للسودان منفردا مع أطراف الصراع في الجنوب مستثمراً علاقته الخاصة بهم؟

لكيلا نخلق قنوات متعددة نركز على الايقاد ولكن على المستوى الشخصي وعلى مستوى ما يجمع من علاقات هناك اتصالات مع مختلف الأطراف في جنوب السودان لتقريب وجهات النظر.

• رغم اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين إلا أن الاتهامات المتبادلة بإيواء المتمردين تظل حاضرة بشكل مستمر؟

ما نذكره عن إيواء الجنوب للمتمردين السودانيين ليست اتهامات وإنما حقائق، الحركات السودانية المتمردة موجودة بشخوصها وبقواتها في الجنوب حتى الآن وهذا أمر لا يختلف حوله ومشاركة الحركات الدارفورية والحركة الشعبية في المعارك هناك أمر واضح ولا يحتاج لأدلة، أما اتهامهم للسودان فليس صحيحا، والدليل على ذلك نحن أرجعنا قائد المتمردين ريك مشار من المطار وكان يمكن أن نحتضنه ونتعامل معه وهذه اتهامات عارية من الصحة تماما، ونحن لا يمكن ان نؤوي حركات لأن هذا الأمر عانينا منه كثيرا وقد اوضحنا لهم أماكن تواجد تلك الحركات وعددها وعدتها.

•البعض يرى بأن ما قدمه السودان لمعالجة الازمة الإنسانية وشبح المجاعة في الجنوب ليس كافيا ما تعليقكم؟

نحن نعي بأن جنوب السودان يمر بظروف صعبة نتيجة للحرب والمجاعة، وهذا الأمر يؤلمنا جدا ونعمل ما في وسعنا لتخفيف وطأة ذلك على المواطن الجنوبي وفتحنا الحدود، ووجه الرئيس بمنح الجنوب 10 آلاف طن من الذرة بدأت طلائعها في الوصول وتم فتح الطرق والمعابر لإيصال كل ما من شأنه مساعدة الشعب الجنوبي، ولكن حل المشكلة يكمن في إيقاف الحرب.

السودانيون يترقبون إعلان حكومة الوفاق الوطني

يترقب السودانيون الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني، التي طال انتظارها منذ إجازة مخرجات الحوار الوطني في العاشر من أكتوبر الماضي، ففي الوقت الذي توقعت فيه آلية متابعة إنفاذ مخرجات الحوار، إعلان الحكومة الجديدة في غضون الأسبوع الجاري، يستعرض الرئيس السوداني، عمر البشير، اليوم أمام البرلمان، خطته والسياسات العامة للبلاد للفترة المقبلة.

وتعهد البشير ببذل مزيد من الجهد دون كلل لتحقيق وفاق شامل لكل أهل السودان، ووداع الحرب والاقتتال إلى غير رجعة. وشدد خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الأول لرؤساء القضاء والمحاكم العليا في أفريقيا، على وقوف السودان بحزم في مواجهة الإرهاب وتهريب المال والبشر، ومكافحة جرائم غسل الأموال، إلى جانب اهتمام السودان بقضايا حقوق الإنسان ونبذ العنف والتداول السلمي للسلطة، وتحقيق الحكم الراشد، من خلال استخدام معاييره الخاصة، ولفت البشير إلى أن الأيادي بيضاء ممدودة لمن لا يزالون يمانعون في اللحاق بالوثيقة الوطنية التي أجمع عليها أهل السودان.

ترتيبات

بدوره، كشف الأمين العام مجلس أحزاب الوحدة الوطنية، عضو آلية متابعة إنفاذ الحوار، عبود جابر، عن ترتيبات دقيقة ومدروسة تتم الآن داخل أروقة القصر الرئاسي، تمهيداً لإعلان حكومة الوفاق الوطني، عقب تقديم كل الأحزاب المشاركة في الحوار، مرشحيها للجهازين التشريعي والتنفيذي، وقال لـ” البيان” إن آلية متابعة إنفاذ مخرجات الحوار، فوضت رئيس الجمهورية عمر البشير، لتشكيل الحكومة بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق بكري حسن صالح، وتوقع أن يتم الإعلان عن الجهاز التنفيذي الجديد في حكومة الوفاق، عقب خطاب الرئيس البشير المقرر له اليوم أمام البرلمان، وإعلانه موجهات المرحلة المقبلة، وشدد جابر على أن الحكومة المقبلة ليست للمحاصصة الحزبية، وإنما هي حكومة مهام وطنية، حددت برنامجها توصيات الحوار، بغرض خلق بيئة دستورية ملائمة، وأضاف «الحوار بالفعل مضى بخطوات ثابتة إلى الأمام لجهة تحقيق الأمن والسلام في البلاد، مخرجات الحوار صممت ورتبت ترتيب يسهل إنزالها إلى أرض الواقع، بملفاتها الستة، وبدأت فعلاً عملية إنزال تلك المخرجات، بتعيين رئيس مجلس الوزراء، والتعديلات الدستورية، وحل بعض القوات غير النظامية».

البيان