صلاح احمد عبد الله

الراجحي.. وعباس دلاقين!؟


* كان يحمل هاتفه السيار الجديد.. أرسله ولده من الخليج.. كان فخوراً به.. (الجهاز) لا الولد.. لأنه يرى أن ذلك من واجباته..؟! في مسبطة دكان هارون كنت أجلس وحيداً أتأمل حركة الزبائن.. ونقتهم من ارتفاع الأسعار.. (هارون) يتحمل سخريتهم بابتسامته العريضة.. أتى وبدون سلام أو تحية.. رمى بالجهاز بين طيات الجلابية.. وصاح مزمجراً اتفرج يا أستاذ.. شوف الخيرات دي وين؟!
* فتحت (الجهاز) على صور بديعة رائعة.. لمحاصيل ومزارع شتى.. بعضها تم حصاده.. مانجو.. بطيخ.. عنب.. برتقال.. وتلال من القمح (خيرات) على مدى البصر.. دلالة على أن المساحات واسعة.. كان ينظر الى الجهاز مرة.. والى شخصي مرة اخرى.. الغضب يملأ جوانحه وينعكس جلياً على سحنته.. المتغيرة كزوابع الرياح..!!

* شايف يا أستاذ.. دي خيرات بلدنا.. شايف الانتاج الكتير ده.. بالله نحن نستاهل منو (حبة).. الراجل ده.. جاي من السعودية.. يستثمر عندنا.. النيل والأرض ملكنا منذ أقدم العصور في التاريخ.. نحن لدينا أخصب أراضي العالم.. والانسان الطيب.. والمنتج.. هي حرفة (زراعية) ذات إرث قديم..!!
* مواصلاً.. وعيوني تزداد احمراراً.. كيف تكون جوانب النهر العظيم هذا.. منتجعاً خاصاً.. لعلية القوم ومزارعهم الخاصة.. وأبراجهم السكنية العالية.. واستثمارات لم ير السودان.. منها عائداً حتى الآن..؟! حتى أتت شركة الراجحي للاستثمار واكتشفت لنا كنوزنا.. وما يجنيه باطن الأرض من خيرات..!!
* كيف يا استاذ.. نستورد الخضروات من شمال الوادي.. مع فاكهة الله وحده يعلم بطريقة (ريها).. وهي كما يقال مياه صرف صحي.. وأسماك موبوءة بفطريات سامة كذلك.. (كرهتنا) حتى أسماك (الموردة) ذات الشهرة العالية..

* كيف نستورد الطماطم من الأردن.. والفول من اثيوبيا وكذلك زيت السمسم.. وأراضينا هي مصدر كل هذا الخير.. ونستورد كذلك (الثوم).. والتفاح من جنوب افريقيا.. والحمد لله انتهينا من (النبق الفارسي) بعد قطع العلاقات مع إيران..
* يا استاذ.. تتذكر زمان.. سوق الخضار في ميدان الأمم المتحدة.. وسط الخرطوم.. الذي كان يعج بالخضروات والفاكهة.. واللحوم الحمراء والبيضاء.. والألبان والأجبان.. والدجاج الحي.. ومختلف أنواع وأشكال (الخبز).. وحتى الكسرة البلدية.. كان لها السوق الرائج والناجح..
* أرتال من الخيرات.. اليوم يتوسط الميدان.. مبنى اسمنتي ضخم يسمى (برج الواحة).. يؤمه (علية) أولادهم.. وبداخله.. ما بداخله.. والطريق إليه في المساء.. مظلم.. وبارد.. ومخيف.. وهو طريق يولد كل أنواع الشرور..!!

* السيد (الراجحي).. مبروك عليك خيرات بلدنا.. نحن لا نستحقها.. يكفيهم (التساهيل) ويكفي رجالنا وشبابنا.. الجلوس في الطرقات.. والتجوال في الشوارع دون هدى.. وأمام ستات الشاي.. في حلقات تدعي الشاي.. في حلقات تدعي الرشاقة.. وخفة الدم.. وأمام محلات (المدائد) والعصائر وكافتيريات الشاورما.. والكلام الماسخ مع فتيات (أمسخ).. وأشكال ممسوخة بفعل الكريمات.. ونظام حكم لا يعرف حتى الآن ما يريد من شبابه.. وذلك (الحوار).. واستثمارات تنتهي في آبار لا نهاية لقيعانها.. وأحقاد انتشرت حتى بين الأخوة.. والأهل.. والعشيرة.. ونيرانها أصابت القبائل..!!
* وا حسرتاه على النيل.. والأرض.. ووا حسرتاه على شبابنا..
* مرة اخرى (الراجحي) ألف مبروك.. وسالت دمعة.. تركته وذهبت الى المنزل..!!

مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. الاخ صلاح لك التحية على هذا المقال الرائع فقط اود ان نقلل من جلد الذات فنحن كشعب تنقصنا الحكومة الواعية التي تدرس وتخطط استراتيجا لاعوام قادمة .
    ولا يقلل من قيمنا نجاح مستثمر بل حتى هؤلاء احجموا عن الاستثمار في السودان حينما كانت الحكومة تضع في طريقهم العراقيل .
    وحتى ان بعض رؤس الاموال الوطنية ذهبت للاستثمار في مليزيا واثيوبيا وحتى في جنوب السودان .
    ليت بعض كتابنا القوا الضوء على مشاريع الراجحي ونادك في الشمالية وكردفان وايضا مزرعة النخيل في البرقيق .