منوعات

الخرطوم عاصمة ضد الإرهاب


– تشكل جرائم الإرهاب والتطرف والجرائم العابرة للحدود هواجس أمنية للمحيط الدولي والإقليمي، الأمر الذي دعا لمواجهة هذه المهددات بتوحيد الجهود والرؤى الاستراتيجية,

وكانت الخرطوم واحدة من أهم العواصم في العالم اهتماماً بالقضاء على هذا النوع من الجرائم المنتشرة في العالم, ويرجع ذلك بحسب المراقبين الى موقع السودان في قلب القارة السمراء فضلاً عن تميزه بحدود ممتدة جعلت منه منطقة عبور مهمة لعصابات الاتجار بالبشر وتهريبهم وتسلل العناصر الإرهابية وتدفق السلاح والمخدرات، إلا أن الخرطوم وخلال هذا الشهر استضافت مؤتمرين في غاية الأهمية. حيث استضافت قاعة الصداقة بالخرطوم المؤتمر الأول لرؤساء القضاء ورؤساء المحاكم العليا في إفريقيا، تزامن ذلك مع قيام مؤتمر ( السيسا) بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية وهو تجمع يضم (54) جهاز أمن ومخابرات بعدد من الدول جاء هذا المؤتمر تحت عنوان (ظاهرة الارتزاق والمقاتلين الأجانب والمنظمات غير الحكومية السالبة وآثارها على الأمن والاستقرار في إفريقيا). ومن خلال ما تم داخل هذين المؤتمرين تتضح رؤية السودان ومشاركته الفاعلة في مناهضة التطرف والإرهاب.
القضاء والإرهاب
قادة الأجهزة القضائية بافريقيا وضعوا خلال مؤتمرهم الجرائم التي بدأت في الانتشار في الآونة الأخيرة تحت المجهر مؤمنين على ضرورة كبح جماحها، وأشارت كلمة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الى ضرورة تجديد العزم في مواجهة الإرهاب و تهريب الأموال والبشر ومكافحة جرائم غسل الأموال، الى جانب اهتمام السودان بقضايا حقوق الإنسان ونبذ العنف والتداول السلمي للسلطة وتحقيق الحكم الراشد من خلال استخدام معاييره الخاصة.
وقال رئيس القضاء مولانا بروفيسور حيدر أحمد دفع الله, إن السودان أثبت خلال مشاركته في كثير من المحافل أنه في قلب الحدث بجانب حرصه على معالجة هموم القارة الإفريقية. وأكد أن خصوصية المؤتمر جاءت من كونه أول مؤتمر قضائي في إفريقيا، مشيراً إلى أن السودان مؤهل لقيادة تلك المبادرة لإرثه القضائي الوفير والاستقلال التام الذي تتمتع به السلطة القضائية السودانية.
ملفات(السيسا)
تناولت ملفات مؤتمر (السيسا) كيفية تحقيق التكامل في قاعدة بيانات للمقاتلين الإرهابيين والأجانب والمنظمات غير الحكومية السالبة، وإعداد إستراتيجيات لتعزيز وتحسين دوريات وعمليات مراقبة الحدود المشتركة بين الدول الأعضاء، بجانب تعزيز الجهود المشتركة بين الكيانات القارية ذات الصلة لمواجهة مهددات الارتزاق والمقاتلين الإرهابيين والمنظمات، فضلاً عن تقييم الأنشطة التي انتهجتها الدول الأعضاء في مواجهة ظاهرة الارتزاق، وإعداد إطار قانوني وتنظيمي شامل على المستوى الوطني والإقليمي والقاري لمواجهة أنشطة المرتزقة والمنظمات السالبة والشركات العسكرية الأمنية والخاصة، حيث خلصت الورشة إلى ضرورة معالجة عوامل الشد والجذب التي تجعل الدول عرضة للارتزاق، والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات السالبة وسن القوانين التي تهدف لمعالجة آفة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وبالتالي استحداث إستراتيجيات مكافحة الإرهاب.
التطرف بإفريقيا
ارتبطت عملية التطرف الديني في كثير من الممارسات بالإرهاب والعمليات الإرهابية وهي عمليات تكمن خطورتها في أنها تنبع عن معتقد فكري تسيطر عليه العقول، لذلك كانت للخرطوم إسهاماتها الفكرية منذ العام الماضي عندما قادت وزارة الإرشاد والأوقاف بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي مؤتمراً دولياً حول الإرهاب والتطرف الطائفي في إفريقيا في وقت سابق، تناول محاور متعددة وضعت المعالجات الفكرية لظاهرة التطرف.
أنصار السنة.. الضائفية البغيضة
الشيخ الدكتور إسماعيل محمد الماحي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان تناول المؤسسات الصفوية ونشر ما اسماه الطائفية البغيضة في افريقيا وقدم نماذج لمؤسسات التشيع الإيراني الصفوي في افريقيا وخطوات تطورهم وسعيهم لإغلاق مناطق بعينها . وكشف عن مخططهم الأكبر لنشر التشيع والمليشيات. أما الدكتور كمال محمد عبيد مدير جامعة افريقيا تناول الآليات الجديدة لمكافحة الإرهاب والتطرف في افريقيا تحدث عن التطرف والغلو وتناول مفهوم الإرهاب بحسب القانون الأمريكي والسوداني, وما ورد من تعريف للأمم المتحدة والتي قصدت أعمال العنف الخطيرة التي تصدر عن فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب في إصابتهم أو موتهم سواء كان يعمل بمفردة أو بالاشتراك مع آخرين ويوجه ضد الأشخاص أو المؤسسات أو المنظمات او المواقع السكنية والدبلوماسية او وسائل النقل والمواصلات او التدمير وإفساد علاقات الدول والشعوب. وتطرق الى اسباب الإرهاب والتطرف الديني والتي من ابرزها الأسباب الدينية الفكرية والسياسية والاقتصادية والجفوة بين العلماء والشباب والخلل في مناهج بعض الدعوات المعاصرة والتي تعتمد على الشحن العاطفي والغايات الدنيوية والتصادم مع المخالفين بلا حكمة، ودعا الى معالجات اقتصادية واجتماعية وخفض نسبة الأمية وتحسين نوعية التعليم وتوجيهه الى الاحتياجات الأساسية وتوجه الشباب نحو التدريب المهني والتقني والبحث العلمي وإيجاد قنوات علمية ودعوية وإعلامية من خلالها تظهر الصورة الحقيقة للإسلام وتعريف الناس بدينهم الحق ومناقشة الاتجاهات التي يصاحبها نوع من الحدة.
حقيقة التطرف الطائفي
البروفيسور محمد عثمان صالح رئيس هيئة علماء السودان تناول حقيقة وأسباب التطرف الديني في افريقيا ودفع بنماذج منها بالاضافة لوضع بعض المعالجات وقال ان الإرهاب والتطرف الطائفي لم يعد ظاهرة تلوح في الأفق ولا مؤامرة على الورق وانما خطط استراتيجية تنفذ، وأشار الى اهمية جدوى الحوار مع الجماعات المنحرفة والوصول معها الى مراجعات فكرية وإبداء المناصحات والوصول الى الحق بالأسلوب الأمثل لقطع دابر الفتن, ومن أهم تلك المعالم أن يكون المحاور من طرف الامة حكيما عالما ومقبولا عند الكافة وتحديد نقاط الاختلاف حتى يدور الحوار حولها والابتداء بنقاط الاتفاق في مرجعية الوحي والعقل وتفنيد سوء الفهم والمزاعم الباطلة المعتمدة على الأكاذيب وعدم الاستهتار والسخرية من آراء الخصم وإظهار الاحترام وعدم المشاتمة. وخلص بروفيسور صالح الى ضرورة تعميق الدراسات التي تكشف مساوئ الغلو في الدين والتطرف فيه ونصح وزارات الارشاد والتربية والتعليم والإعلام بكشف عوار السلوك المخالف للدين ورصد خطط أعداء الاسلام من اليهود والمنصرين الاستعماريين في خلط الأوراق امام وحدة المسلمين وتوصية الدعاة الى ترك إثارة كل ما يفرق المسلمين والعمل على جمعهم حول الثوابت والمشتركات.
العلماء والسلام الاجتماعي.
الدكتور صلاح الدين عوض محمد إدريس عميد كلية أصول الدين بجامعة ام درمان الإسلامية تناول دور العلماء في تحقيق السلام الاجتماعي في افريقيا وخلص الى أن الاضطراب في مفهوم قضايا مثل البدعة والحاكمية والولاء والبراء والفرقة الناجية ترتب عليه اختلاف عقدي وفكري عبر التاريخ الإسلامي، ولا يشكل خطرا كبيرا عندما يظل حبيس الاختلاف النظري ولكن تأتي المشكلة عندما يتحول الى خلاف عملي يغذي الحروب مما يهدد الكليات الخمس للشريعة من قتل واستباحة للأعراض وسلب للأموال وتكفير وتضليل وتفسق، واشار الى علماء وصفهم بالربانيين ركزوا على أدب الاختلاف في القضايا عبر التاريخ الإسلامي, واليوم العالم كله في اطار السلم والأمن الدوليين والأمة الاسلامية لتقديم نفسها قدوة للعالم في أشد الحاجة الى هذا النوع من العلماء الذي يعيد قراءة هذه القضايا ويؤسس لأدب الاختلاف وإلا تنامت ظاهرة الغلو والتطرف الطائفي وهددت البشرية وقدمت صورة سيئة لهذا الإسلام، وأضاف ان غياب المرجعية الفكرية المنضبطة والتي تقوم على التفكير الجماعي والمؤسسي المستند للكتاب والسنة هو الذي أوجد فراغا سده الجهلة والرجرجة والدهماء. وقطع د. صلاح الدين بانه لم يكن لظاهرة التطرف الطائفي والإرهاب أن تنشأ وتتنامى لولا غياب الفقه المقاصدي وفقه السياسة الشرعية عند كثير من علماء اليوم، وتوصل الى ان العالم بصفة عامة والقارة الافريقية بصفة خاصة مرشحة لتنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف الطائفي ان لم تصحح المفاهيم والأفكار وهناك اضطراب حول أفكار الكثير من اهل العلم والاجتهاد وطاشت أحلامهم في تناولهم لهذه القضايا مما كان سبباً في ظهور الإرهاب والتطرف الطائفي عبر التاريخ، ودعا د. صلاح الدين الى وضع موسوعة علمية يشترك فيها فريق من أهل العلم والاجتهاد لإعادة تعريف وشرح كثير من مسائل الاختلاف وتوجه وسائل الإعلام لتصحيح المفاهيم التي أحدثت بلبلة فكرية والتركيز على تدريس مواد أصول الفقه ومقاصد الشريعة والفقه المقارن لكل الاختصاصات لتجفيف منابع الإرهاب والتطرف الطائفي.
الإعلام الرقمي في مواجهة الإرهاب
الدكتور محمد خليفة صديق رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة افريقيا العالمية تناول الاعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي في محاربة الإرهاب وتوابعه وأشار الى مخاطر متعلقة بالفكر الإرهابي ونشر ثقافة العنف. وقال: بعد ان كان أصحاب التنظيمات المتطرفة يركزون انشطتهم في العوالم المادية ويبحثون عن من يتعاطف معهم في المساجد والمدارس والأحياء انتقلوا للعالم الافتراضي بعد ظهور الانترنت كأداة اعلامية متنوعة الوسائل وسهلة الاستخدام ورخيصة التكلفة وتساعد على التخفي في نفس الوقت تصل للمستهدفين في كل مكان، وأشار كذلك الى مخاطر متعلقة بإشاعة الفوضى وضرب الأمن المجتمعي وأخرى متعلقة بإثارة النعرات الطائفية والعنصرية والجرائم الجنائية الرقمية، والابتعاد عن القيم داخل مناخ الإعلام الجديد، مما يتطلب ضرورة الانتباه الى شبكات التواصل الاجتماعي، ودعا د. الخليفة الى اهمية تبني وزارة الإرشاد والأوقاف ورابطة العالم الإسلامي تنفيذ دراسة ميدانية علمية حول الآثار السالبة للنعرات القبلية والمذهبية على التماسك المجتمعي في افريقيا، وتشجيع البحث العلمي والدراسات الخاصة بالإعلام الرقمي الجديد وسبل الاستفادة القصوى من امكانياته وضرورة إحكام التنسيق بين الجهات المعنية في مجالاته المتعددة وتكثيف الجهود التوعوية لمستخدمي الانترنت حول مسائل الغلو في الدين والحذر عند التعامل مع مواقع الانترنت ذات صلة بالتطرف الديني والإرهاب ومنظوماته المتعددة في افريقيا وخارجها، وتدريب الكوادر العاملة في مجال الحواسيب والانترنت على آليات وأساليب مكافحة توسع المواقع التي تبث فكر التطرف الديني على الانترنت والتوعية الأسرية بالمخاطر الاجتماعية والتربوية لاستخدام الشباب للانترنت بدون رقابة الاسر وتنمية المفاهيم الدينية السليمة التي تقي الشباب من الوقوع في براثن التطرف الديني.

الانتباهة


‫5 تعليقات

  1. بعد ما عاد السودان هيبتة وبحكم موقعة الجغرافسياسي سوف يلعب دور اقفلناه منذ زمن بعيد حتي يطلع بمهامه الجولوسياسية في المنطقة الأفريقية والعربية .
    الان دوره مهم بالنسبة لي كل القارات الأمريكية والأوروبية.في مكافحة الجريمة العابرة للحدود.ومشكلة الهجرة الغير شريعة.

  2. خذو الحكمة من ود بندة….ده الكلام العليهو علامات

  3. فعلا ود بنده دايما مداخلاته…قيمة وفيها تحليل متعلق…شكرا جزيلا للجميع…فلنعمل جميعا لرفعة بلدي الحبوب السودان