تحقيقات وتقارير

السوق المحلي سيكون أسيراً لمنتجات الخارج انضمام السودان لـ”التجارة العالمية”.. أشواق وأشواك


يصل الخرطوم اليوم الأحد فريق التفاوض المبتعث من منظمة التجارة العالمية، لفحص الخطوات الواجب على السودان اتمامها للانضمام إلى المنظمة، بجانب الوقوف على المسائل الفنية وما تم إنجازه من شروط الانضمام. وسيلتقي مسؤول التفاوض خلال زيارته للخرطوم التي تستغرق يومين، قيادة الدولة والمجلس الوطني، لاستفسارهم عن القوانين التي تمت إجازتها ضمن مطلوبات الانضمام للمنظمة العالمية.

الحكومة من جانبها تشير إلى أنها قدمت كافة الوثائق المطلوبة للانضمام للمنظمة. وهو ما كشف عنه أمين أمانة انضمام السودان للمنظمة د. يس عيسى في تصريحات صحفية، لافتاً إلى أن الوثائق الأساسية اشتملت على (6) أجزاء تحتوي على المقدمة باعتبارها جزءاً أساسياً بجانب السياسات المتأثرة من التجارة والسياسات المؤثرة على التجارة في السلع والسياسات في الخدمات، بجانب الأشياء المتعلقة بالتجارة في الملكية الفكرية والشفافية في القوانين.

وأوضح يس أن السودان تمكن من إجازة أكثر من (80) قانوناً من أصل (107) تطلبها المنظمة، بينما يوجد (20) قانوناً في طور الفكرة، مشيراً إلى أن الوثائق المطلوبة تتعلق بالصحة النباتية والدعم المحلي المقدم للزراعة بجانب منع الممارسات المحظورة وإزالة كل الفوارق بين السلع الواردة والمحلية.

محاولات عديدة
رغبة السودان في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ليست جديدة، بل هناك طلب مدرج منذ عقود غير أنه لم تتم الاستجابة له حتى الآن، لأن المنظمة العالمية تضع شروطاً محددة للانضمام إليها تلزم الدول بإيفائها. وسبق أن تم تجميد طلب الحكومة في العام 2004م نتيجة لتدخل من الولايات المتحدة الأمريكية، بحجة أن السودان ضمن قائمة الدول المتهمة برعاية الإرهاب. والآن جرت الكثير من المياه تحت الجسر، ولذلك ارتفع سقف التوقعات بانضمام البلاد لمنظمة التجارة، وخاصة بعدما قطعت الحكومة بأن الانضمام ربما يتم بنهاية العام 2017م.

تكامل عالمي
يقول الخبر الاقتصادي، الدكتور هيثم محمد فتحي إن منظمة التجارة العالمية تتبع النظام التجاري متعدد الأطراف، والذي يتكون من مجموعة قواعد دولية يتعين على الدول الالتزام بها في العلاقات التجارية، سعيًا لتحرير التجارة الدولية من كافة العوائق والقيود التي تحد من حرية التبادل التجاري بين الدول. ولفت فتحي في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن السودان مطالب ببذل المزيد من الجهود لاستيفاء الشروط الموضوعة خصيصاً للدول طالبة العضوية، معتقداً أن الفرصة تظل سانحة لتحقيق هدف الانضمام، وقال إن انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية سيصبح حقيقة واقعة تحتمها التحولات في الحراك الاقتصادي العالمي، لافتًا إلى أن العالم الآن يتحرك من خلال منظومة التكامل الىقتصادي بين الدول وفقاً للنظرية القاعدية للاقتصاد الدولي والتي تعني تطبيق الميزة النسبية لإنتاج السلع والخدمات، مؤكداً أن كل دولة لديها ميزة نسبية في إنتاج سلعة أو خدمة من الخدمات، خاصة أن السودان لديه ميزة في إنتاج أجود أنواع الصمغ العربي على المستوى الإقليمي والدولي مما يضاعف فرص انضمامه للمنظمة الأممية وفقاً لهذه النظرية، مشيراً إلى أهمية إزالة كافة القيود المفروضة على التجارة كالنظام الجمركي، لأن شعار المنظمة هو (التجارة الحرة بدون قيود)، إضافة إلى توحيد سعر صرف العملة الوطنية، فضلاً عن مطابقة القوانين والتشريعات الوطنية مع القوانين العالمية.

ثمار متوقعة:
بدوره، ذهب الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي إلى أن السودان ليس في جزيرة معزولة عما يحدث في العالم من حوله حيث يتأثر اقتصادياً، وينبغي أن تكون لديه قدرة على التأثير، وقال لـ(الصيحة) إن الانضمام يمثل الاستغلال الأمثل بحيث يصبح دور السودان مؤثراً في اقتصاديات العالم، مشيراً إلى أن الحكومات المتعاقبة على البلاد أهملت الجانب الاقتصادي، وتابع: لو أنها فعلت ذلك لكانت في طليعة الدول الأفريقية، جازماً بأن الطريق مازال مفتوحاً عبر إعطاء الجانب الاقتصادي ما يستحقه من أولوية، مشيراً إلى انضمام معظم دول العالم الى هذه المنظومة بينما بقيت 16 دولة أقل نموًا يأتي السودان من بينها، مضيفاً أن الانضمام إلى هذه المنظومة يفتح فرصاً عديدة للولوج للأسواق العالمية، لافتاً إلى أن هناك بعض الإشكالات، وأردف قائلاً: بقدر ما يتيح الانضمام من فرص إيجابية فإنه يفرض على الحكومة تهيئة الاقتصاد بما يجعل البلاد في وضع تستطيع معه صد الهجمة المتوقعة من الشركات العالمية ومنتجاتها المنافسة للإنتاج المحلي.

هيكلة مطلوبة:
ودعت الخبيرة الاقتصادية والمحاضرة بجامعة الجزيرة، د. إيناس إبراهيم لتصحيح وإعادة هيكلة النظم الاقتصادية والسياسية وأن يُدار الاقتصاد بعقلية مهنية تجارية عالمية بجانب مواكبة ما يجري في العالم من اهتمام بالوقت وسرعة الأداء واحترام الزمن ورفع كفاءة الإنتاج في كافة القطاعات الزراعية والصناعية والتعدينية، وقالت لـ(الصيحة): لا يمكن أن ننافس المجتمع الدولي بإنتاج هزيل في مجال الزراعة والصناعة وبقية القطاعات الإنتاجية، ونادت بتطوير البنية التحتية، وقالت إنها تعوق عملية الإنتاج في البلاد كثيرًا بجانب تطوير السكة حديد بصورة عاجلة باعتبارها الأكفأ في نقل المنتجات لدولة تتطلع لمد العالم بكثير من المنتجات الزراعية، وقالت إن النقل عن طريق الشاحنات والطرق يكلف أضعاف ما يكلفه نقل السكة حديد، مبينة أهمية الاهتمام بالميناء وتطوير أساليب المناولة وترقيتها وتحديثها، معتبرة أن النقل بهذه الطريقة يكلف ما يزيد على المليار دولار سنوياً كإيجارات للحاويات، وقالت إن ذلك زيادة للتكاليف ورفع لتكلفة الإنتاج، ودعت لمزيد من التأهيل للكوادر حتي تكون نداً للمنافسة في هذه المرحلة الأخيرة للانضمام.

شروط عضوية:
وتضم منظمة التجارة العالمية في عضويتها 137 دولة، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في السنوات القادمة، حيث تتفاوض 32 دولة حالياً للانضمام إلى المنظمة، وهناك 20 دولة لم تقدم للعضوية في المنظمة، وتشترط المنظمة الدولية عدة شروط على الدول الراغبة في الانضمام إليها، كما توجد بعض الإجراءات الواجب اتباعها للانضمام إلى المنظمة، منها تقديم تنازلات للتعرفات الجمركية، كما تشترط المنظمة على الدولة الراغبة في الانضمام تقديم جدول للتنازلات يحتوي على تعرفات جمركية تشكل التزامات لا يمكن رفعها من حيث المبدأ إلا في حالات خاصة، على أن تقدم الدولة جدولاً بالالتزامات التي ستتبعها في قطاع الخدمات يشتمل على قائمة بالحواجز والشروط التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية ووضع جدول زمني لإزالتها، وتتعهد الدولة الراغبة في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بالتوقيع على بروتوكول انضمام يشمل الموافقة على تطبيق والتزام جميع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، ما عدا اتفاقية المناقصات الحكومية واتفاقية الطائرات المدنية فإنهما من الاتفاقيات الاختيارية.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. لن يقبل السودان غضوا في منظمة التجارة العالمية ا دام البشكير رئيسا بمعن اخر حتي يدخل الجمل في سنام الخياط