رأي ومقالات

أطفال الإيجار


*يُعتبر فيلم (المتسول) بطولة النجم عادل إمام من أشهر الأفلام العربية التي تناولت قضية التسول، أو ما أصبح حالياً يُطلق عليه تجارة البشر وتسخيرهم لجمع الأموال عن طريق التسول.
*وفي الأسبوع الماضي قامت المُحققة الصحفية( بالصيحة) الغراء (مياه النيل مبارك) بعمل تحقيق ممتاز عن التسول، قامت فيه بالعمل كمتسولة لمدة سبعة أيام، وفي خلاصة تحقيقها كتبت (أن أخطر ما خرجت به خلال هذه الفترة والتجربة هو أن الأسر التي توافق على تأجير أطفالها للمتسولين تمضي أعدادها في زيادة)، وقد اكتشفت المحققة أن الأطفال يتم تأجيرهم يومياً لممارسة التسول مقابل 50 جنيهاً تمنح لأهل الطفل، إضافة الى وجبتي الإفطار والغداء للطفل المُسخر من قبل والديه لممارسة مهنة التسول، عن طريق تأجيره لمتسولة تأخذ منه ما يجمعه خلال اليوم، وتمنح والديه قيمة إيجاره.
*خطورة هذا الأمر أننا نراه بأعيننا فى غدونا ورواحنا، بل بعضنا يشعر بالعطف على الأطفال الرُضع المحمولين على ذراع المتسولات في عز الهجير والشمس في كبد السماء، ويقمن بمنحنهن جنيهات والآلام تعتصر قلوبهم، جراء مشاهدة الرضع والرضيعات يعانين هذه المعاناة، وللحدود المشتركة مع بعض الدول الجارة أثر في ازدياد نسبة التسول بالأطفال، فحسب تحقيق الصحفية النابهة (مياه النيل) أنها وجدت سيدة كاميرونية تعمل كمتسولة بالأطفال في قلب مدينة أم درمان، والشواهد على امتهان الأجانب للتسول عديدة، أينما يممت وجهك شطر إشارة مرور أو بعض محطات الوقود، وكثير من أفنية المساجد تكون مرتعاً لهم لممارسة التسول بالأطفال.

*انتظرت قرابة الأسبوع بعد نشر التحقيق الصحفي عن التسول، ولم اقرأ رد فعل من أية جهة من الجهات المختصة وهي جهات كُثر، بداية بالمجلس القومي للطفولة أو وزارة الرعاية الإجتماعية ولاية الخرطوم، أو وزارة الرعاية والضمان الإجتماعي الاتحادية، أو وزارة الداخلية، كل هذه الجهات لديها خطوط تماس مع قضية عمالة الأطفال أو إيجارهم لممارسة التسول.
*التساؤلات عديدة والاستفهامات كثيرة، كيف لأب أو أم أن تقوم بتأجير أطفالها هل استفحال الفقر والمسغبة سبب، هل الهروب من مناطق الصراعات المُسلحة سبب، هل جهل هؤلاء الآباء والأمهات بمخاطر الشوارع الصحية من حرارة الشمس، أو كربون عوادم السيارات أو التحرش بهم سبباً في تنامي تلك الظاهرة

*المطلوب من منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة المهتمة بقضايا الطفولة، وإضافة الى منظمات المجتمع المدني السودانية العاملة في مجال الطفولة، والوزارة المعنية، أن يسرعوا بعمل جسم تنسيقي، واجراء البحوث اللازمة عن هذه الحالة ووضع الحلول العلمية وتنفيذها بأعجل ما تيسر، وكمثال وضع قوانين رادعة وآليات تنفيذ سريعة، وإقامة دور ايواء للأطفال الذين يتم تأجيرهم للعمل كمتسولين باليومية، رجاءً أنقذوا الطفولة بإيقاف ظاهرة أطفال للإيجار.

راي:طاهر المعتصم
صحيفة آخر لحظة