ضياء الدين بلال

فعل صبياني!


-1-
قبل ثلاث سنوات ربما (أقل أو أكثر) نشر في عدد من الصحف، نفيٌ مباشر وصريح لمعلومة راجت في الأسافير مقرونة بصورة لا تخلو من الريبة ولم تسلم من الاستهجان لارتباطها بواقعة لم تكن صحيحة.
المعلومة أن الرئيس عمر البشير سجل زيارة لشيخ الأمين بمسيده بود البنا، والصورة المرفقة شيخ الأمين يهم بمعانقة الرئيس البشير!

-2-
التصحيح الصادر من القصر وضّح أن الرئيس لم يزر شيخ الأمين في مسيده، وأن الصورة اُلتقطت أثناء لقاء عابر في عزاء خاص بآل الكباشي!
النفي والنشر المتعدد، مترتب على قناعة بأن شيخ الأمين أراد استغلال الصورة، لتحقيق أغراض خاصة به، لذا قام بتحريف مكان التقاط الصورة، من عزاء آل الكباشي إلى مسيده!

-3-
وكتبت وقتها عن استغلال البعض لصورهم مع كبار المسؤولين لتحقيق أجندة خاصة بهم .
يفعلون ذلك لإرسال رسائل تؤكد تنعمهم وحظوتهم بعلاقات خاصة مع المسؤولين تيسر لهم الصعاب وتفتح لهم الأبواب.
وما إن نُشِرَ ذلك العمود تحت عنوان: (صورة الرئيس وشيخ الأمين)، حتى شرع الرجل في فتح بلاغ ضدي وضد الصحيفة.

-4-
فتح بلاغات النشر أمرٌ عاديٌّ وطبيعيٌّ في مهنة الصحافة، لكن المُفاجئ والخطير أن الرجل استعان في فتح بلاغه بمستشارة من وزارة العدل مثّلت دور وكيله في القضية!
مستشارة بوزارة العدل، وليست محامية بالسوق العربي، أو بسوق سعد قشرة، وهي واحدة من حوارييه المخلصات!

-5-
كتبنا وقتها عن ذلك التجاوز الخطير واستغلال النفوذ، ووجَّهنا المخاطبة لوزارة العدل فكانت الاستجابة، سريعة حيث تم تشكيل لجنة تحقيق مع المستشارة ونالت جزاءها الإداري، ولم تمضِ القضية بعيداً وشُطِبَتْ من الجلسات الأولى.
المعروف أن الرجل بنى شهرته ورواج اسمه عبر استغلال الصور مع المسؤولين والسفراء، واستخدم الفوتوشوب في فبركة الصور مع بعض أمراء الخليج.

-6-
وبواقع الصورة التي رسمها عن نفسه باعتباره صاحب نفوذ وتأثير وصلات مع الرؤوس الكبيرة في الدولة، تمادى في ممارسة أساليب العصابات بالاعتداءات الجسدية والخطف والاحتجاز.
أصبحت أخبارُه تنشر في صفحات الجريمة لا في صفحات البر والإحسان، بعض مريديه تحولوا لبلطجية بجلابيب الدراويش، يغلقون الشوارع ويسألون عن الأوراق الثبوتية.
من يخالف (الشيخ) يلقى جزاءه ضرباً مُبرحاً وركلاً مُوجعاً.
ومع كُلِّ تلك التجاوزات كانت السلطات تقف عاجزةً وواجمة، كأن على رؤوسها الطير لتقديرها أن الرجل محميٌّ من فوق.
عاجزة عن حسم البلطجية أو ساعية للحلِّ عبر “الطبطبة والتحنيس”!

-7-
انقلب السحر على الساحر وكُشِفَتْ أعيب الرجل وتم وضعه في الحجم الطبيعي .
قبل أيام حاول الرجل أن يعود لأساليبه القديمة ولكن في الاتجاه المضاد باللعب عبر الصور، فنشر لنفسه عبر وسائط التواصل الاجتماعي صوراً كيديةً بجوار مباني المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي؛ فعل ذلك وعلى وجهه ابتسامة تآمرية لا تخلو من خبث.
فلم يجد سوى الشتائم والإساءات من الجميع، موالين للحكومة ومعارضين، ومن هم على الحياد.
مصدر الاستياء خسَّةُ الفعل ودناءة الأسلوب والخفَّة غير المُحتمَلة لرجل ارتدى جلباب التدين ويستغلُّ لافتة الصوفية لفعل وقول ما لا يليق.
صور الرجل بجوار لافتة الجنائية لا تكشف زيف تدينه فقط، ولكن تكشف جهله بالسياسة؛ فالجنائية لم تعد لها قيمة حينما أصبحت الدول تتسابق في الخروج من تحت مظلتها المُخادعة وتستقبل الدول الموقعة الرئيس عمر البشير على وجه المودة والترحاب، دون اعتبارٍ لكرامة بنسودا، ولا مراعاةً لخاطر القانوني الشرير سيئ الذكر لويس أوكامبو.

– أخيراً –
التقاط الصور أمام المحكمة الجنائية للمكايدة والمغايظة، فعلٌ صبيانيٌّ فطيرٌ لا يليق بمن يرتدون ثياب المشايخ .

ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. وصلتني تلك الصورةعلي الواتساب قبل قرابة الاسبوع, ووالله, وقتها لم أفطن إلي ان المتصور أمام يافطة المحكمة الجنائية هو شيخ الأمين, وإستهجنتها, ولسان حالي يقول للمتصور, خلاص,, فالح.. يا المناضل,
    أما وقد علمت أن المتصور هو الشيخ,, فقد سقط الشيخ من نظري