عالمية

حفيد صدام حسين يكسر حاجز الصمت ويروي تفاصيل سقوط نظام جده


كشف حفيد الرئيس العراقي السابق صدام حسين المجيد، تفاصيل سقوط نظام جده بعد مضيّ 14 عامًا؛ حيث دفنت الكثير من الأسرار التي لا يزال بعضها لم يظهر للعلن، وبعد أن أصبحت تفاصيل حياة عائلة صدام حسين سراً غامضاً، واختيار أقارب الرئيس السابق صدام حسين العيش على هامش الحياة السياسية وبعيداً عن الأضواء.

وتمكنت صحيفة “الموندو” الإسبانية من عقد لقاء حصري مع أحد أحفاد الرئيس العراقي السابق، الذي قرر للمرة الأولى كسر حاجز الصمت والتحدث عن تفاصيل حياته بعد 14 سنة من سقوط حكم جده صدام حسين، حسب صحيفة سبق.

وفي هذا السياق صرّح “حسين ناصري” حفيد صدام حسين، في حوار هاتفي حصري مع صحيفة “الموندو”، قائلاً: “تركت العراق منذ أن كان عمري 9 سنوات، لكن في ذلك الوقت لم أكن أدرك فعلاً حقيقة ما يقع في البلاد”.

واسترجع “حسين ناصري” ذكريات دقيقة للأحداث التي جدّت قبل ذلك اليوم الربيعي المشؤوم؛ حيث أفاد قائلًا: “منذ انطلاق الغزو إلى تاريخ مغادرتنا النهائية لبغداد، لم نتوقف يوماً عن تغيير عنوان إقامتنا، فور مغادرتنا العاصمة اضطررنا للتوجه نحو المناطق الشمالية للبلاد حتى وصلنا قرية ربيعة، التي تقع بالقرب من مدينة الموصل على الحدود مع سوريا، ومن هناك تمكنَّا من عبور سوريا لنحطّ الرحال في الأردن”.

وتطرق “ناصري” إلى الأماكن التي اجتازها أثناء رحلته الوعرة رفقة عائلته؛ حيث كانوا عُرضة للعديد من المناوشات خلال مرورهم، وبخاصة أنهم يتنقلون بمساعدة مجموعة من السيارات الخاصة بعائلة صدام حسين.

وفي هذا الإطار قال “حسين ناصري”: “لقد غادرت البلاد برفقة أمي “رنا”، وإخوتي “أحمد، وسعد، ونبأ”، بالإضافة إلى عمتي “رغد” وأبناء عمي”.

وبعد مرحلة الطفولة التي قضاها هذا الشاب لم يتبقَّ لديه سوى ذكريات بسيطة عن جده، تتمثل في صورة فوتوغرافية تجمعه بجده وشقيقه على خلفية شجرة نخيل، وقد كانت ملامح الفرح والبهجة بادية على وجوههم، إلا أنهم لم يكونوا مدركين للمصير المأساوي الذي يتربص بهم.

وأضاف “حسين ناصري”: “عشت في العراق حتى سنة 2003، ظلت عبارات جدي الطيبة والمواعظ التي كان يقدمها لنا أثناء لمّ شمل العائلة، راسخة في ذاكرتي إلى اليوم، بالإضافة إلى ذلك كانت لي ذكريات جميلة مع أقاربي أثناء الاحتفالات ومأدبات الطعام، كان جدي دائماً ما يُولي أهمية قصوى لكل فرد من أفراد العائلة، فضلاً على أنه كان قادراً بنظرة واحدة على تبليغ مراده لكل فرد منا”.

وتابع الشاب حديثه عن ذكرياته؛ حيث أوضح أن جده كان يحبذ جمع كل أفراد العائلة، كبيرها وصغيرها؛ بغية تشجيعهم على الالتزام بالفكر القومي والأخلاق، حتى أكثر من حثه لهم على الدراسة.

وواصل: ظلت قيم صدام حسين ملازمة لأبنائه حتى خلال فترة بقائهم في المنفى، وفي سنة 2003، بعد أشهر من تواريه عن الأنظار في بغداد، تم القبض عليه في مزرعة بالقرب من مسقط رأسه تكريت؛ حيث كان يختبئ لعدة أشهر. وفي هذا الصدد، أقر “حسين ناصري”: “اعتقال جدي لم يمنعنا من التواصل معه؛ حيث كان يوجهنا وينصحنا عن طريق المحامين الذي يزورونه في السجن”.

وتابع حديثه قائلاً: “ما زلت أتذكر آخر لقاء جمعني بخالَيّ “قصيّ، وعدي” قبل أسبوع من انطلاق الحرب، أعتقد أنهما آنذاك كانا يدركان أن الأسوأ قادم لا محالة، وأن لحظة وداعهم آتية ولا مفر منها”.

الجدير بالذكر أن قصي وعدي حسين، اللذين كانا مؤهلين حينها لخلافة والدهم؛ قد قُتلا في حادث “تراجيدي” في غارات شنتها القوات الأميركية في الموصل في تموز 2003، عقب أن وشى بهما صاحب البيت؛ حيث كانا يختبئان. وقد تم دفنهما بعد ذلك في مقبرة تقع بالقرب من مدينة تكريت.

وفي غضون تلك الاشتباكات، لقي ابن قصي حسين، الطفل “مصطفى” البالغ من العمر 14 سنة، حتفَه.

وفي هذا الإطار بيّن “حسين ناصري”، أن: “الشيء الوحيد الذي أتذكره في تلك الفترة، أن قصي، الذي كان مكلفاً آنذاك بقيادة الحرس الرئاسي، دأب على تفقد أحوالنا ليتأكد ما إذا كان كل شيء على ما يرام أم لا، مبينًا: “على ما أعتقد كان ذلك اللقاء الأخير الذي دار بيننا قبل مقتله”.

وتابع الشاب: “في الواقع كانت المدة التي قضيتها في الأردن أطول من تلك التي عشتها في العراق، لكن أودّ لو أعود يوماً ما إلى بلدي؛ فما نراه اليوم في العراق ليس سوى رد فعل طبيعي ومتوقع. وفي الوقت نفسه، لطالما واجهت البلاد -ولا تزال تواجه- العديد من الحروب، علماً بأن ثروات البلاد قد أثارت مطامع عدة طوائف مسلحة، التي لا تزال إلى حد الآن تتنافس على السلطة”.

وفي ظل الشتات الذي عاشته البلاد على امتداد ثلاثة عقود من الزمن، وأمام حالة التهجير والنزوح التي سجلها العراق جراء العنف الطائفي لتنظيم “داعش”؛ بادر “حسين ناصري” بالحديث عن الدمار الذي شهدته بلاده على مرور هذه السنوات قائلًا: إن “كل الوقائع التي تلت تلك الفترة ليست نتيجة لسوء تصرف الإدارة؛ فالجميع يعلم أنها كانت مؤامرة مفتعلة من قبل العديد من الدول التي لها مصالح معينة في البلاد”، معتبرًا أن “العراق أصبح اليوم لا يعكس سوى الموت والإرهاب؛ فهو عبارة عن خراب ودمار تفوح منه رائحة الدم في كل ركن من الدولة”.

عقب سؤاله عن التفاصيل الغامضة لتاريخ عائلته المصغرة، خاصة تفاصيل حادثة قتل والده حسين؛ تحولت نظرة الشاب التي كانت تشع جرأة وصرامة عند حديثه عن جده، إلى نظرة شاردة، ثم قال: “في الواقع، لقد تزوجت رنا صدام حسين بشقيق حسين كامل صهر صدام، في سنة 1986، وبعد تسع سنوات هرب كلا الزوجين من بغداد إلى عمّان متحدِّين بذلك صدام حسين، وإثر 12 شهراً، قرر كلا الزوجين العودة إلى بغداد بعد أن قدم لهما النظام جملة من الضمانات بقصد حمايتهما، ليتم بعد ذلك إعدامهما بأمر من صدام حسين.

وفي هذا الصدد قال الشاب: إن “حيثيات هذه القضية معروفة لدى العموم، وعلى الرغم من كل ذلك، كل ما يمكنني قوله هو: أن والدي كان ذكياً جداً. لقد كان عمري حينها سنة ونصف السنة. حقيقة: أنا أفضّل عدم التحدث في هذا الموضوع”.

ومن المثير للاهتمام أن نهاية والد حسين ناصري الوحشية لم تؤثر على انبهاره بجده صدام حسين، علماً بأنه لم يكن يتوقع أن ينتهي الأمر بجده بتلك الطريقة البشعة.

أفاد “ناصري” في ختام حديثه قائلاً: “أنا أعلم جيداً أن جدي قد اقترف، فعلاً، العديدَ من الأخطاء، مثله مثل أي شخص آخر؛ فليس هناك أي شخص معصوم من الخطأ، على العموم، لا يستطيع أحد محاسبته اليوم، فلو كنت مكانه لما استطعت القيام بما قام به في ظل تلك التوترات الإقليمية والتهديدات التي كانت تعيشها البلاد آنذاك”.

الجدير بالذكر: أن حفيد صدام حسين، البالغ من العمر 22 سنة، يُعد من مشجعي فريق ريال مدريد، ومن محبي الفنان “إنريكي إيجليسياس”. ويتابع “حسين ناصري” دراسته، في الوقت الراهن، في مجال التسويق بإحدى الجامعات النخبوية الأميركية بالأردن.

مجلة الرجل


تعليق واحد