تحقيقات وتقارير

أبرزهم بلال ونهار وثلاثي الشرق عمداء الجهاز التنفيذي.. هل آن أوان التنحي


سبعة عشر عاماً قضاها أحمد بلال في المناصب الدستورية

موسى ومبروك وآمنة ضرار نجحوا في زحزحة قبائل بالشرق من مربع المحلية الى فضاء القومية

نهار.. شمس لا تغيب وتسطع في خمس وزارات

حزب الأسود الحرة: أحزابنا ما تزال تدور في فلك الرجل الواحد

الأمين السياسي لمؤتمر البجا: هذه من مميزات أحزاب العالم الثالث

ما إن دانت السلطة لقادة الجبهة الإسلامية القومية، بقيادة الراحل الدكتور حسن الترابي، عبر انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م، حتى عكفوا – سريعاً – على إقصاء الأحزاب من المشهد السياسي. وهو ما تمظهر في بيان الانقلاب الذي قضى – فوراً – بحل الأحزاب السياسية، ذلك أن الانقاذيين يعلمون أن الإبقاء على رئة تلك الأحزاب معبأة بالأكسجين يمكن أن يجعلها تزفر بقوة، ما قد يطيح بهدأة الأوضاع التي فرضها الانقلاب الذي خطط له منفذوه بعناية فائقة، لا تخلو من صرامة في التعامل مع الخصوم. وربما هذا ما جعلهم – أي انقلابيي الجبهة الإسلامية – يقدمون 28 ضابطاً إلى المقصلة في خاتمات رمضان ومُبتدِرات العيد، قبل أن تكمل الإنقاذ عامها الأول، وذلك بعدما حاول الضباط الذين ينسبهم كثيرون إلى حزب البعث، انتهاج ذات الطرق التي أتت بالإنقاذيين ألى دست الحكم.

انفتاح مشروط
لكن رويداً رويداً، أرخت الإنقاذ قبضتها على كافة مفاصل الدولة، وذلك بعدما استشعرت أن الأطروحة الأحادية الإقصائية التي تحكم بها البلاد ربما تعصف بما ترفعه من مشروع فكري وبرنامج وطموح سياسي. وربما لذلك سارع قادتها إلى التخلي عن فكرة المراسيم الدستورية التي كانوا يحكمون بها البلاد بعدما قاموا بتعطيل الدستور، وبناء على ذلك ظهر ما يعرف في الأوساط السياسية والإعلامية بالنظام السياسي الذي كانت تدار من خلاله شؤون البلاد، باستشعار ما يقره المجلس الأربعيني الذي أعقب حل الحركة الإسلامية، قبل أن تأتي مرحلة الكيان أو الوعاء الجامع ثم لاحقاً المؤتمر الوطني.

المهم أن تلك الفترة شهدت بروز مبادرة الحوار الشعبي الشامل التي أطلقها الشريف زين العابدين الهندي في العام 1996م والتي أسمهت بصورة كبيرة في ظهور دستور 1998م وأيضاً ما يُعرف بقانون التوالي السياسي المثير للجدل، والذي اجترحه الراحل الدكتور حسن الترابي، وذلك بعدما اشترط الشريف لمشاركته في الحكومة أن تكون منزوعة الدسم العسكري أو غير كاملة الدسم العسكري. فكان ذلك سبباً في ظهور التعددية المشروطة بموالاة الإنقاذ.

ولما كان الإنقاذيون أكثر نهماً لإسباغ صفة التعددية على حكومتهم، فقد دغدغوا عواطف كثير من قيادات الأحزاب الفاعلة قبل الانقلاب للدخول في النظام التعددي الجديد، بعد استيفاء شرط الموالاة أو التوالي السياسي، فكان أن قام الأكاديمي النور جادين بتسجيل حزب الأمة، كما تبعه آخرون من تشكيلات سياسية أخرى على ذات الفعل.

تلك كانت الأجواء العامة التي مهّدت لدخول الأحزاب لحكومة الإنقاذ أو المؤتمر الوطني، وهي أحزاب – برأي الكثيرين – تم الإتيان بها لتجميل وجه حكومة التوالي السياسي، ولذا أطلق عليها كثيرون اسم أحزاب الزينة، خاصة أن أكثريتها لم تكن جزءًا من المشهد السياسي قبل انقلاب الإنقاذ.

اللافت في أمر القوى السياسية التي ارتضت المشاركة في حكومة الإسلاميين أن قادتها ظلوا يحتكرون الجلوس على المناصب الدستورية منذ ذلك الحين وحتى يوم الناس هذا، بل إن بعضهم لم يبارح المنصب مطلقاً. ومع إرهاصات إعلان حكومة الوفاق الوطني تبرز الأسئلة، هل يستمر من يصح أن نطلق عليهم عمداء الحكومة لتعميرهم في المناصب، أم إنهم سوف يتيحون الفرصة لغيرهم، وهل وجودهم الدائم في المناصب الدستورية يأتي لقلة الكوادر أم هو أحد أدواء السياسة السودانية، التي تتمظهر في كنكشة القادة والزعماء في المناصب، أم إن كفاءتهم هي التي تحتم استمراريتهم؟.

نهار.. شمس لا تغيب
خمسة عشر عاماً قضاها رئيس حزب الأمة الفدرالي أحمد بابكر أحمد نهار، عضواً أساسيًا بمجلس الوزراء الاتحادي، متنقلاً بين خمس وزارات. مشوار تنفيذي تتباين حوله الآراء ما بين قادحة ومادحة لأداء الرجل الذي عرف السياسة باكراً وولج دروبها وخبر تعرجاتها وشعابها وهو شاب، حيث نشأ في منزل كان يعتبر معقلاً لحزب الأمة بإقليم دارفور.

أكاديمياً فإن نهار تلقى تعليمه في مراحله الأولى بمدينة الفاشر، ثم التحق بجامعة وارسو وحاز على شهادة البكالريوس في الطب، وعن عودته إلى السودان فإن مشواره المهني بدأ بمستشفى السلاح الطبي بأم درمان، ثم مستشفى الخرطوم، فمديرًا لمستشفى الفاشر الملكي، ليعود مجددًا إلى بقعة الأنصار ليعمل طبيباً بمستشفى أم درمان، ليترك بعد ذلك مهنة الطب ويتجه إلى التجارة حيث كان والده من كبار أثرياء البلاد، والعمل في التجارة أتاح له فرصة التفرغ للعمل السياسي في بداية عقد الثمانينيات، ومن أبرز المحطات التي سطع فيها نجمه انتخابات الديمقراطية الثالثة حينما قاد بفاشر السلطان مظاهرة احتجاجية ضد تخصيص 22 دائرة انتخابية فقط لكل إقليم دارفور، ليستجيب المركز في ذلك الوقت الذي خرجت فيه البلاد من براثن حكم شمولي، وكانت تستنشق نسيم الحرية في فترة انتقالية وتتأهب لخوض غمار الديمقراطية الثالثة، ورغم نجاح نهار في زيادة الدوائر الانتخابية بدارفور إلا أن والده الذي مول الحملة الانتخابية لحزب الأمة بالإقليم الغربي من ماله الخاص رفض الدفع به مرشحاً حتى يتفرغ كلياً لدعم موقف الحزب، وهذا ما فعله نهار حيث ظهرت بصماته ومن معه في فوز حزب الأمة بأربع وثلاثين دائرة بدارفور من جملة تسع وثلاثين، وفي الحكم الديمقراطي الثالث تم تعيينه وزيرًا للحكم المحلي ونائباً لحاكم إقليم دارفور الدكتور التجاني سيسي. وبعد استيلاء الإسلاميين على الحكم وإجهاض التجربة الديمقراطية تنقل نهار بين سجني شالا بالفاشر وكوبر بالخرطوم معتقلاً مرات عديدة لقيادة خط حزبه المعارض للنظام بإقليم دارفور.

مرحلة جديدة
عقب توقيع حزب الأمة اتفاق نداء الوطن بجيبوتي مع المؤتمر الوطني استدعى الإمام الصادق المهدي ،أحمد بابكر نهار إلى القاهرة وتم تكليفه بأمر ترتيب عودة الإمام التي كان يفترض ان تكون عبر البر من دولة ليبيا حسب اقتراح نهار حتى يلتقي الإمام بأنصاره في دارفور، كردفان، النيل الأبيض والجزيرة ومن ثم دخوله الخرطوم، غير أن إمام الأنصار الموسوم بعدم الاستقرار على رأي واحد صرف النظر عن هذه الفكرة ليسرها نهار في نفسه غير أنه تجاوز هذا الحدث سريعاً وتم الدفع به عضواً في اللجنة التي بحثت مع المؤتمر الوطني في بداية هذه الألفية تنفيذ اتفاقية جيبوتي، لتمر الكثير من المياه تحت جسر حزب الأمة ليحدث الانشقاق الشهير بخروج تيار الإصلاح والتجديد بقيادة مبارك الفاضل بعدما رأى أن المشاركة في الحكم ضرورة تفرضها معطيات تلك المرحلة من عمر البلاد، وكان نهار أميناً عاماً للحزب الوليد، إلا أن مبادرته في العام 2002 الرامية إلى نزع فتيل الأزمة بدارفور التي كانت ثورتها تعتمل وتقف على شفا الانفجار، كانت سبباً في تلويحه بوداع الإصلاح والتجديد الذي كان سبباً في جلوس نهار على منصب وزير التربية والتعليم الاتحادي في العام 2002م.

وبعدها قام نهار بتكوين حزب الأمة الفدرالي، واستمر في ذات الوقت وزيراً للتربية والتعليم حتى العام 2005، وشهدت الوزارة في عهده استقراراً غير أن إنهاء تكليفه لم يمكنه من تنفيذ فكرته بإعادة المدارس القومية والداخليات حيث كان يرى أنها من ممسكات الوحدة الوطنية، ليتم تكليفه بمنصب وزير التنمية العمرانية واستمر لخمس سنوات، ثم وزيراً للسياحة وبعدها وزيراً بوزارة العمل، فالنقل والطرق والجسور وأخيراً النقل، ومن أبرز إنجازاته إكمال العمل في طريق الإنقاذ الغربي والكشف عن بيع خط هيثرو وإزاحة الستار عن مخالفات شركة شريان الشمال التي شهدت وقائعها حدثاً طريفاً حينما حضر إلى نهار نواب دارفور بالبرلمان وطلبوا منه عدم إثارة هذه القضية بدعوى أن مالك الشركة الحاج عطا المنان نافذ فقال لهم نهار: (بدل تقيفوا معاي لأن الشركة نالت أموالاً بغير وجه حق، عاوزِني أتراجع)، وهنا يبرز السؤال بعد أن استعرضنا جزءاً يسيراً من سيرة نهار، هل بات الرجل يملك في كنانته ما يقدمه في حكومة الوفاق الوطني أم إن أوان وضع عصا الترحال قد حان؟

مثله والبشير وبكري
يجيب على تساؤلنا أمين الإعلام بحزب الأمة الفدرالي نجم الدين دريسة الذي يلفت إلى أن رئيس الجمهورية ونائبه بكري حسن صالح ظلا في الحكم منذ العام 1989، وقال في حديث لـ(الصيحة) إنهما لا يزالان يؤديان مهامها دون توقف، معتقداً أن هذا يعني قدرة نهار على مواصلة مشواره الوزاري، ويؤكد أن قرار استمراريته من عدمها تحددها أجهزة الحزب التي تبدو على قناعة تامة بمقدرات نهار الذي يمتدحه دريسة ويعتبر أنه حقق الكثير من المنجزات للوطن والمواطن من خلال توليه عدداً من المناصب الدستورية، ويصفه بالنزيه والصادق والوطني، ويرى أن كل معايير المشاركة في حكومة الوفاق الوطني تنطبق على نهار، مؤكداً استمرارية رئيس حزب الأمة الفدرالي في الجهاز التنفيذي بل يرى أنه يستحق بحكم خبرته وجماهيرية حزبه المنتشرة في كل أنحاء البلاد، منصباً في مؤسسة الرئاسة.

بلال.. انتهازي أم موضوعي؟
في سن باكرة بمدرسة كوستي الثانوية لفت القادم من بادية الغبشة إحدي ضواحي مدينة أم روابة الطالب أحمد بلال عثمان الأنظار إليه حينما قاد مظاهرة احتجاجية ضد إدارة المدرسة بدعوى رداءة الطعام المقدم للطلاب القادمين من أنحاء متفرقة لتلقي العلم بكوستي. بعد تلك الحادثة ظل العمل السياسي حلماً مؤجلاً لدى الشاب أحمد بلال رغم امتلاكه أدواته لينصب جل جهده على التفوق الأكاديمي ليتمكن بفضل نبوغه من وضع قدميه على أرض الجميلة ومستحيلة التي كانت صعبة المنال في ذلك الوقت، ليلتحق بكلية الطب، وبعد نيله درجة الماجستير بحث عن تحسين وضعه المادي ولم يهتم كثيراً بالسياسة، فعمل طبيبًا بمستشفيات عديدة منها نيالا وود مدني ، لتتسبب مشاجرة مع مديره بمستشفى مدني في العام 1983 في تركه البلاد والتوجه نحو الجارة ليبيا التي كانت جاذبة للسودانيين الذين عانوا في تلك الفترة من آثار فجوة غذائية حادة اجتاحت البلاد، وهناك التقى بلال من خلال عمله طبيباً بمشفى حكومي بأحد أقرباء الرئيس الليبي معمر القذافي الذي نجح في أن يكسب وده لبراعته في الطب وأفقه الواسع، ليذهب بلال إلى ألمانيا للتخصص في طب المناطق الحارة ويعود مجدداً الى الجماهيرية التي أقنعته فيها أطروحات القذافي، وحينما عاد إلى السودان في العام 1986 أراد خوض الانتخابات باسم حزب اللجان الثورية غير أن أهله بأم روابة كانوا يدينون بالولاء للاتحادي وطلبوا منه الترشح تحت مظلة الحزب على أن يضمنوا فوزه، ليفعلها ويفوز ويصبح عضواً في الجمعية التأسيسية، وفي ذات الوقت تم تعيينه وزير دولة بالصحة لتبدأ مسيرته مع المناصب الدستورية التي أكملت عشرين عاماً بالتمام والكمال هذا العام، ولولا وجوده في القاهرة معارضاً للإنقاذ في عشريتها الأولى لنافس محمد طاهر إيلا بوصفه أقدم دستوري بالبلاد حالياً.

تعرض بلال للاعتقال في عقد التسعينيات، لذا اختار القاهرة مستقراً ليكون بالقرب من الشريف زين العابدين الهندي الذي لم يكن متحمساً للمشاركة في الحكم مثلما كان أحمد بلال وعثمان عمر الشريف وجلال الدقير، ليتم تعيين بلال وزيراً للصحة في عام 2000 ومنذ تلك الفترة ورغم الأحداث التي شهدها الحزب بوفاة الشريف وانسلاخ أكثر من مجموعة من الاتحادي المسجل وذهاب جلال الدقير مستريحًا ومستشفياً في لندن والخلاف مع مجموعة إشراقة، إلا أن بلال ظل زبوناً دائماً في الحكومة الاتحادية متنقلاً بين الوزارات حتى إنه خالف رؤية الشريف الداعية إلى عدم تولي الحزب لوزارة الثقافة والإعلام حتى لا (يشيل الحزب وش القباحة)، وتولى أيضًا منصب مستشار الرئيس، ورغم أن البعض يصفه بالانتهازية وإقصاء خصومه في الحزب بذكاء إلا أن مسيرة بلال السياسية لا يبدو أن عجلتها ستتوقف رغم دورانها في المناصب لسبعة عشر عاماً متواصلة، فما رشح من أنباء أن الرجل سيأتي وزيراً للثروة الحيوانية وربما يكون نائباً لرئيس الوزراء القومي، رغم أنه طبيب بشري. وهذا يعني أنه ربما لن يعود مجددًا إلى وضع السماعة على أذنيه والكشف على المرضى مثلما فعل وزير الخارجية الأسبق الدكتور حسين أبو صالح.

ثلاثي الشرق والاتفاقية
بعد إبرامهم اتفاقية سلام مع الحكومة في الرابع عشر من شهر أكتوبر عام 2006 فإن زملاء الكفاح المسلح من قادة جبهة الشرق اختار كل واحد منهم العمل منفرداً، فموسى محمد أحمد القائد الميداني جلس على رئاسة الحزب العريق مؤتمر البجا مفجر ثورة الكفاح المسلح، فيما اختار صاحب الدكتوراه الفخرية وخريج إحدى الجامعات السورية مبارك مبروك سليم قيادة على رأس حزب الأسود الحرة، واختارت الدكتورة آمنة ضرار التي نذرت حياتها لقضايا أهلها أن تتولى قيادة حزب الشرق الديمقراطي، ورغم القول بأن الأحزاب الثلاثة مجرد واجهات لقبائل بالشرق إلا أن القادة الثلاثة نجحوا في زحزحتها من مربع المحلية الى فضاء القومية وبات لها أنصار بعيداً عن حاضنتها، ومنذ العام 2007 فإن الثلاثي لم يغب عن المناصب الدستورية، فموسى ظل مساعداً للرئيس، وأمنة ضرار تنقلت بين عدد من المناصب آخرها وأطولها بوزارة الموارد البشرية، أما مبروك وهو الرجل المشهور بكثرة الترحال، فقد تنقل خلال السنوات العشر بين البيئة والثروة الحيوانية في مقعد الرجل الثاني بالوزارتين، تواجد دائم للثلاثي بالجهاز التتفيذي المركزي يري كثيرون أنه لم يود على الشرق بفائدة، إلا أن آخرين يؤكدون أن تواجدهم أسهم في تنفيذ معظم ما جاء باتفاقية اسمرا، ويعتقد تيار ذو عددية مقدرة أن على الثلاثي التنحي، لكن يوجد من يؤكد أهمية استمراره إلى العام 2020 لضمان تنفيذ كافة بنود الاتفاقية لإخراج الشرق من مربع ثالوث الجهل، الفقر والمرض.

ضرورة وسرية
قلت لرئيس حزب الأسود الحرة بالخرطوم، حامد قليل، إن المؤتمر الوطني أبعد الكثير من الوزراء تنفيذاً لسياسة الإصلاح وإفساح المجال لوجوه جديدة لتشارك في السلطة، وسألته لماذا لم تفعلوا مثله، فأشار إلى ضرورة الاعتراف بأن الأحزاب السودانية ما تزال تدور في مربع الحاجة إلى قائد يمتلك الكاريزما، ويرى أن استمرار مبروك رئيساً للحزب ووزيرًا اتحادياً أمر تفرضه الاتفاقات الموقعة مع المؤتمر الوطني الذي يقول إن بعضها سرية لا يعرفها إلا رئيس الحزب، وهذا يعني أهمية استمراره قريباً من مطبخ القرار بالدولة، ورغم تأكيد حامد قليل على أن استمرارية مبروك موضوعية وطبيعية إلا أنه رأى أهمية إفساح المجال لوجوه جديدة من قبل رؤساء الأحزاب للمشاركة في السلطة، مؤكداً على وجود كوادر متميزة بمختلف القوى السياسة تملك أدوات الاستوزار.

واقع لا يثير الغرابة
بخلاف الدستوريين السالف ذكرهم، فإن بابكر دقنة والصادق الهادي وغيرهما أيضا رؤساء أحزاب ظلوا يحتكرون المشاركة في السلطة، هذا الواقع لا يبدو غريباً لدى الأمين السياسي لمؤتمر البجا الدكتور معتصم أحمد موسى الذي يرى في حديثه لـ(الصيحة) أن الأحزاب السودانية ومنذ أربعينيات القرن الماضي ظلت تدور في مربع حكم الرجل الواحد، ورغم إقراره بأن هذا غير مألوف في الأحزاب بالدول المتقدمة إلا أنه يعتقد بأنه سمة مميزة للأحزاب في العالم الثالث، وقال إن البلاد ظلت تمر بفترات انتقالية واستثنائية ألقت بظلالها السالبة على المؤسسية وتطور الأحزاب، ويعتقد موسى أن المرحلة الحالية تشهد اقتراب القوى السياسية من النضج بدخولها في تكتلات ربما تفضي مستقبلاً إلى أحزاب موحدة وقوية، معتبراً استمرارية موسى محمد أحمد في حكومة الوفاق الوطني أمراً متوقعاً وضرورياً وذلك لمواصلة مشواره في إنفاذ اتفاقية سلام الشرق، ولفت الى أن كل رؤساء الأحزاب والحركات الذين شاركوا في الحوار الوطني سيتم تعيينهم في مناصب دستورية، وهذا بحسب الدكتور معتصم جزء من تفاصيل المشهد السياسي وواقع الأحزاب بالبلاد.

الخرطوم: صديق رمضان
صحيفة الصيحة