تحقيقات وتقارير

السودان.. بوابة الخليج وعمقه الاستراتيجي في القارة السمراء


في خطوات متلاحقة، بدا السودان حليفاً استراتيجياً لدول الخليج، في موقف يتناغم مع المواقف العربية، لتكون الخرطوم ضمن أفضل بوابات الخليج سياسياً وأمنياً واقتصادياً في القارة السمراء، وهو الدور الذي لا يمكن تعويضه بغيابها.

الحرص الخليجي على اللحمة العربية كان سبباً لسعي دول الخليج لاحتواء السودان، والتوصل لاتفاقات شراكة استراتيجية معه، وهو النموذج الذي نفذه “التعاون الخليجي” مع الأردن والمغرب، حسبما أفاد وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، لدى عودته مرافقاً للرئيس السوداني، عمر البشير، بعد زيارة للكويت والبحرين بدأت في 11 أبريل/نيسان الجاري.

الوزير غندور قال إن التوقيع على تلك الشراكة مع الأمين العام للمجلس سيتم خلال أول اجتماع وزاري قادم، واصفاً الخطوة بأنها “نقلة” في العلاقات بين السودان ودول الخليج.

– شراكة في اتخاذ القرار

ولم تكتف دول الخليج بتوسيع علاقاتها بالسودان عبر الاستثمار وزيادة التبادل التجاري فقط، بل عزز ذلك مشاركة الخرطوم في التحالف العربي في اليمن منذ 2015، ومشاركتها كذلك في التحالف الإسلامي.

– تخفيف الضغوط وتعاون عسكري

شهد مارس/آذار الماضي مناورات جوية مشتركة، كانت الأولى من نوعها بين السودان والسعودية، وقد عززت رفع قدرات القوات الجوية العملياتية، وتحسين التقنيات المرتبطة بالعمليات الجوية وتطوير التعاون.

كما شهد العام الجاري تدريبات عسكرية بحرية بين السعودية والسودان في قاعدة الملك فيصل البحرية؛ بهدف تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب والتهريب في البحر الأحمر، كما شاركت القوات السودانية في 2016، ضمن مناورات “رعد الشمال التي جرت بمدينة خالد العسكرية في حفر الباطن شمالي السعودية.

وللتعاون الخليجي دورٌ ملموسٌ في تخفيف الضغط الدولي على حكومة الرئيس السوداني، عمر البشير، أثمر عنه تخفيف العقوبات الدولية؛ ما أتاح حرية انتقال الأموال من السودان وإليه، كما يعزز سعر صرف العملة المحلية، بعد حصار دام نحو 30 عاماً.

– قطع العلاقات مع إيران

أثمر كشف السودان عن “المخططات الإيرانية” في المنطقة عن قطع العلاقات وطرد السفير؛ وهو ما مثّل قفزة قوية نحو المنطقة العربية ورغبة في تعميق التعاون ورفع مستوى الجاهزية المشتركة، خاصةً أن قرار السودان جاء إثر الاعتداء على سفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد الإيرانية.

كما أغلقت الخرطوم المراكز الثقافية الإيرانية والحسينيات وفروعها المنتشرة في السودان في سبتمبر/أيلول 2014، وقد أمهلت الملحق الثقافي الإيراني 72 ساعة لمغادرة البلاد.

الخطوات السودانية دلت على أن المصير السوداني الخليجي مشترك وواحد، ولا بد من العمل على حمايته والحفاظ عليه، حسبما أشار الفريق طه عثمان الحسين، مدير عام مكتب الرئيس السوداني، عمر البشير، في يناير/كانون الثاني 2017، ونشرته صحيفة البوابة المصرية.

– قطر .. رمانة الميزان

ثمة تفسيرات ترجح أن تكون قطر قد أدت دوراً بارزاً في تحسين العلاقات السودانية الخليجية وتقويتها، خاصةً أن الدوحة تقوم بدور سياسي وإنساني بارز في أزمة دارفور.

وفي سبتمبر/أيلول 2016، خص الرئيس السوداني دولة قطر بالتقدير والحرص على وأد الفتنة بين الأطراف المتنازعة في دارفور وفق اتفاق الدوحة.

كما استضافت العاصمة القطرية في شهر أبريل/نيسان عام 2013 مؤتمراً للمانحين لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور، بمشاركة عشرات الدول والوكالات الدولية، وجمع المؤتمر 3 مليارات ونصف مليار دولار تغطي 4 سنوات، ضمن استراتيجية لتنمية الإقليم تمتد لست سنوات.

– استثمارات سعودية

بحسب صحيفة “السودان تربيون”، فإن الاستثمارات السعودية بالسودان تحتل المرتبة الأولى عربياً بنحو 590 مشروعاً سعودياً في السودان، وبإجمالي 11 مليار دولار معظمها في قطاع الزراعة، بحسب الأرقام الصادرة عن مفوضية تشجيع الاستثمار السودانية.

كما أن الحكومة السعودية تستحوذ على نسبة 30% من مصنع سكر كنانة، أكبر وأقدم مشروع لإنتاج السكر في الوطن العربي، حيث يقدر إنتاجه بنحو 450 ألف طن سنوياً، وهو ما يخدم سياسة السعودية الراغبة في إنشاء صندوق لتحفيز الشركات السعودية للاستثمار بالسودان، خاصة في مجالات الغذاء حتى يكون سلة غذاء العالم العربي، وفقاً للصحيفة ذاتها.

محمد عبود
الخليج أونلاين