تحقيقات وتقارير

“من المسؤول؟” أثناء طواف موكب معتمد الخرطوم بالمدارس كانت الأسئلة تسابق الخطى.. أين أهدرت ملايين الجنيهات المخصصة لتحسين بيئة التعليم؟


لم يكن أحد من الذين حضروا تنوير معتمد محلية الخرطوم الفريق أحمد علي عثمان أبوشنب بخصوص تشييد وإعادة تأهيل عدد (52) مدرسة، يتوق للظفر بمعلومات في غاية الغرابة عن واقع بنية التعليم بأهم محليات ولاية الخرطوم قاطبة! يومها، بدا أبوشنب صريحا وواضحا، وهو يعلن أن مدارس المحلية والبالغ عددها (182) مدرسة أساس نصفها تقريبا يحتاج وبصورة عاجلة لإعادة تشيد بالكامل أو لتأهيله بصورة فورية. وأضاف: “وجدنا بعضها لا يصلح لاستقبال التلاميذ، ولهذا وضعنا خطة محكمة لتأهيل من يصلح للتأهيل وتشييد البقية من الأول”.

كشف حال
استطرد معتمد الخرطوم الفريق ركن أحمد علي عثمان محددا تاريخ معاينته للمدارس بخواتيم العام 2015م، حين نفذ جولة واسعة على مدارس مرحلة الأساس، في إطار التعرف على الإشكالات التي تواجه قطاع التعليم، وكانت المفاجأة التي واجهته وجود بعض المدارس تفتقر لأقل مقومات البيئة المدرسية الصالحة لاستيعاب التلاميذ في تلك المراحل السنية الصغيرة، فالفصول تصدعت بتقادم السنوات، بجانب انعدام الصيانة المؤسسة، وإن هناك مدارس لم تتم صيانتها منذ إنشائها قبل ما يربو على خمسين عاماً. وقع الحديث كالصاعقة على من حضر التنوير الذي عقده أبوشنب بمكتبه برئاسة المحلية، لسبب منطقي للغاية، أن سلفه اللواء معاش عمر نمر كان يدبج تقارير تعكس صورة مضيئة عن واقع مدارس مرحلة الأساس بمحلية الخرطوم، ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يسمع حديثا مدعما بالصورة يبيَّن أن بيئة التعليم بالخرطوم في العام 2015م كانت بهذه السوء والقبح الشنيع.

العنوان الخطأ
أخذ أبوشنب الصحفيين الذين حضروا تنويره في جولة واسعة على المدارس التي أشار إلى أنه أهلها تأهيلاً كاملاً، ضمنها كانت مدرسة اللاماب بحر أبيض النموذجية الأساسية بنين، الصدمة الأولى للوفد كانت الخطأ الشنيع على بوابة المدرسة العريقة (أنظر الصورة المرفقة)، فاللاماب صارت (لأماب)، ساعتها علق أحد مرافقي أبوشنب ساخراً (الجواب يكفيك عنوانه) في إشارة للافتة المدرسة النموذجية الخطأ. لم تسلم المواد المستخدمة في ترميم المدرسة من النقد خاصة الحديد، فأحد المعلمين بالمدرسة طلب عدم كشف اسمه وصف حديد الأبواب والشبابك بالسيء، وأشار إلى أن من الخطأ صناعة أبواب وشبابك فصول مدرسة أساس من حديد بهذا المستوى المتواضع، وأكد أن عمره الافتراضي لن يتجاوز العام الواحد.

البحث عن إجابة
حين كان وفد أبوشنب ومرافقيه يخرج من مدرسة ويدخل أخرى، كان هناك أكثر من سؤال يتقافز أمام الأقدام معترضا المسيرة، وهو ماذا كان يفعل اللواء معاش عمر نمر مادام أن (183) مدرسة أساس لم تتم صيانتها مطلقا، وأين أنفق ملايين الجنيهات يُفترض أنها مخصصة لتعليم الأساس الذي تقع مسؤوليته على رقاب المحليات؟ قطعا مثل هذه الأسئلة رغم أهميتها تظل دائما معلقة دون إجابة على باب محلية الخرطوم التي لا تجيب عليها فحسب، بل لا ترغب في سماعها، وهي تعلم يقينا أن أسئلة كتلك تدور على شفاه كل مواطنين المحلية.

بدأ أبوشنب في تلك الجولة شديد الحرص على ترسيخ رسالة واحدة أن (52) مدرسة أساس بمحليته أعاد تأهيل بعضها وأن بعضها الآخر حوله لأنقاض، وشيده من جديد من عدة طوابق، لأنه لم يكن يصلح للترميم وحتى يقطع الشك باليقين أصر على التقاط صورة جماعية للوفد على خشبة مسرح إحدى المدارس أطلق عليه اسمه (مسرح الفريق أبوشنب).

الخرطوم – محمد عبدالباقي
صحيفة اليوم التالي