مقالات متنوعة

إذا اختلف اللصان


* خبر كبير تصدر إحدى صحف الأمس، يتحدث عن مثول الأمين المالي لإحدى الجامعات الحكومية أمام النيابة بتهمة الفساد المالي.
* أثناء مطالعة الخبر قفز إلى ذهني مباشرة حادث (لص الشطة) وما صاحب ذلك من حملة شرسة جداً وقتها من الرأي العام على من قام بهذه الفعل البشع، ليس على أصحاب الجريمة وحدها، بل على (كبار اللصوص) من تتستر عليهم الحكومة ولا تجروء على ذكرهم بحرف.
* وحتى لا نطلق الاتهامات جزافاً، دعونا نقدم بعض التساؤلات عسى أن تختصر علينا الزمن والمزيد من الاستفهامات.

* كم من المسؤولين بالدولة يستحق العقاب على جريمته (بالشطة)؟
* هذا أولاً، وثانياً، كم مسؤول قدم كشفاً يحوي ثروته وأملاكه الحقيقية (إن وجدت بالطبع) قبل التعيين، ومن قدم ذات الكشف بعد إنهاء خدماته أو بمعنى أصح (نقله من منصب لمنصب آخر)؟
* وكم منهم تم سؤاله عن حجم العقارات التي يمتلكها حالياً، وكنفوي السيارات التي تملأ فناء فيلته، ومن أين أتى برسوم الدراسة لأبناءه بكبرى الجامعات السودانية أو بالخارج؟
* وكم حساباً بنكياً يمتلك الواحد منهم، ومن أين لأبنائهم بالأموال التي يبددونها على طاولات السفه، والتي تتصدر أخبار تجاوزاتهم الأخلاقية مجالس المجتمعات وصفحات السوشيال ميديا؟
* في عدد من المواثيق الدولية، وفي قوانين معظم الحكومات المحترمة، تُلزم بعض المواد المسؤول الإفصاح قبل مباشرة مهامه عن أي عمل يربطه بالمؤسسة التي سينتمي اليها، كما تطالبه الالتزام بقيمها مثلما وردت في اللوائح وألا يأتي أي عمل يخالفها مثل الدخول في أي موقف أو عمل تجاري قد يقود إلى تضارب في المصالح المادية بينه والمؤسسة التي يعمل فيها، ويشمل الحظر المذكور أعلاه أسر المسئولين، وأقربائهم، وأصدقائهم وحتى معارفهم!
* فهل لدينا مثل هذه القوانين (المنظمة) أم أننا نسير عكس إتجاه الريح كما جرت العادة؟

* وإن كان فعلاً مثل هذه القوانين الصارمة، كم عدد من مسؤولينا إلتزم بها من وزراء وولاة ومعتمدين ومستشارين وغيرهم؟
* بالتأكيد الإجابة لن تكون في صالح الكثيرين خاصة مع قيام الشراكات (الذكية جداً) والتربيطات التي تتم في العادة بين شركات تتبع لمسؤولين نافذين مع مؤسسات حكومية، وما يصاحب ذلك من صفقات خرافية تحكي عن أسوأ أنواع الفساد التي مرت على تاريخ السودان، ودونكم صفقات مشبوهة لشركات بترول وذهب ومعادن وأدوية وطرق وجسور ومزارع والقائمة تطول.

* هل سمع أي مواطن بمسؤول واحد من أصحاب هذه الشركات أو المسؤولين النافذين قد ورد إسمه في يومية تحري بأحد أقسام الشرطة؟ أو حتى تم إستدعاءه للمثول أمام نيابة المال العام أو الثراء الحرام، أو حتي مفوضية ما تسمي بالشفافية أو مكافحة الفساد؟
* مؤكد لا، لأن هناك حماية وسياج قوي لقانون (محمي) يصعب فكَ طلاسمه، تحته لافتة (ممنوع الإقتراب أو التصوير).
* هذا القانون يمكن أن يُطبق فعلاً وبقوة في حالة واحدة فقط، وهي (تضارب المصالح)، أو الإختلاف على اقتسام الكيكة، عندها فقط يمكن أن نقول (إذا إختلف اللصان ظهر المسروق).
* وغداً سيختلف (اللصان) وسيظهر المسروق، أليس الصبح بقريب؟

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة