زهير السراج

جاء الدور على الهلال والمريخ !!


* بعد أن دمروا كل شيء، ونهبوا كل شيء ، واستولوا على كل شيء، يريدون الآن الاستيلاء على الأندية الرياضية ــ خاصة ناديا الهلال والمريخ ــ وضمها الى ممتلكاتهم التي نهبوها من الدولة في غياب الدولة والقانون، ويخجل الواحد والله أن يصف ما بقى من رياضة في الاندية بالرياضة، فكل ما يوجد فيها عبارة عن لعبة متهالكة متواضعة يطلقون عليها اسم (كرة القدم) لا علاقة لها بالكرة ولا بالقدم، وانما مسخ مشوه مثل غيره من الأشياء التي شوهتها حكومة الإنقاذ التي لم تبق على أي شيء جميل، ومثلما انهارت كل المشروعات الكبيرة والبنى التحتية الضخمة والروح السودانية في عهد الإنقاذ، إنهارت أيضاً الرياضة ولم يبق منها إلا (الشلاليت) التي يطلقون عليها اسم (كرة القدم)، وينفقون عليها المليارات من دم الشعب المسكين، ويكملون بها الوجاهة الاجتماعية التي يفتقدون اليها!!

* مرة اخرى تعود الى السطح، النغمة النشاذ بتحويل (الأندية الرياضية) الى شركات مساهمة عامة، وهي التي سيطرت على الإعلام الرياضي العليل بشدة قبل عامين، عندما أفصح أحد رئيس نادى الهلال (أشرف سيد أحمد)، عن رغبته في تحويل نادي الهلال الى شركة مساهمة عامة، معتقداً أن المليارات التي أنفقها على إعادة تأهيل (إستاد ونادي الهلال) يمكنها أن تشتري نادي الهلال صاحب التاريخ الكبير والاسم الذي لا يقدر بثمن، والاستحواذ على أكبر عدد من الاسهم في الشركة الجديدة، فيكون صاحب الأمر والنهي الوحيد في النادي الذي ضحى الملايين بأغلى ما عندهم ليبقى ملكاً للجميع، ومصدراً للحب والمتعة في كل الأزمان والعهود، ولو تضاءل وانتكس مثل كل شيء في هذا الزمن الردئ، الذي إمتشق فيه الجبان السيف، وامتلك قليل الأصل المال، يعبث به كما يريد!!

* نقلت الأنباء أمس أن ( أزهري الطيب الفكي) المدير العام لسوق الخرطوم للأوراق المالية، كشف عن اتجاه السوق لتمويل الأندية الرياضية بالبلاد، لافتاً إلى قرار الفيفا بتحويل الأندية إلى شركات مساهمة عامة، ورهن مشاركة الفرق في المنافسات العالمية عبر شركات مساهمة عامة، وشكا أزهري من بعض التحديات التي تواجه الأندية في جانب الميادين والاستادات التي تتبع للدولة!!

* كان هذا ما جاء في حديث مدير الخرطوم للأسواق المالية، وهو حديث خاطئ تماماً، ولا أدرى إن كان المدير يعلم ذلك أم لا، فالاتحاد الدولي لكرة القدم أو اختصاراً الـ(فيفا) لم يلزم بتحويل الاندية الرياضية الى شركات، وليس من حقه، وإنما فرق كرة القدم فقط التي تنضوي تحت تلك الاندية، لأن الاندية الرياضية يمكن أن تضم فرقاً رياضية تمارس أنواعاً أخرى من الرياضة التي لا تدخل تحت نطاق الـ(الفيفا)، وهنالك كما نعرف أكثر من 24 إتحاداً رياضياً دولياً للأنشطة الأخرى فضلاً عن اللجنة الأولمبية الدولية، وهي مستقلة تماماً بنفسها ولا علاقة بها للفيفا من ناحية إدارية أو تنظيمية، وبالتالي ليس من حق الفيفا ــ وهو لم يفعل ــ أن يقرر تحويل الاندية الرياضية لشركات، وإنما فرق كرة القدم التي تنضوى تحت تلك الاندية، وهو ما لم تفعله الاتحادات الدولية الاخرى .. إذن فنادي مثل الهلال يمكنه أن يظل كما هو ـ ملكية عامة ــ ولكن حسب قرار الفيفا يجب أن يتحول فريق الهلال لكرة القدم الى شركة، أي أن تكون الشركة تابعة لنادي الهلال أو المريخ أو جزءا منه، وليس العكس، والهدف من هذا القرار هو ضبط المعاملات المالية والمحاسبية وخضوعها لقانون الشركات فقط، لا أكثر ولا أقل !!

* وحتى لو فرضنا ــ بعيداً عن قرار الفيفا ــ أن النية تتجه لتحويل النادي (أي نادي) لشركة مساهمة عامة، فإنه أمر مستحيل في الوقت الحالي ويصعب تحقيقه في المستقبل، لوجود موانع قانونية كبيرة، فالنادي حسب التصديق الممنوح له هو مؤسسة اجتماعية، كما أنه ملكية عامة لا يجوز تحويلها لشركة مساهمة عامة إلا بتعديلات قانونية كثيرة، فضلاً عن القيام باجراءات معقدة منها حصر الممتلكات وتصفية الديون بعد حصرها، ثم تحديد القيمة المالية السوقية لاسم النادي (الهلال أو المريخ أو أي اسم آخر) ..إلخ، ثم تأتي بعد ذلك مؤامة عملية التحول وربطها بقانون الشركات وسوق الاوراق المالية، وهو عمل يحتاج لجهد كبير وسنوات طويلة، خاصة مع وجود معارضين كثر له، وحسب القوانين السائدة فإن حكومة السودان يحق لها أن تملك (50 % ) من الملك العام عند تحويله الى شركة مساهمة عامة، ما يعني أن الحكومة ستصبح الشريك الاساسي في النادى وصاحبة الكلمة فيه، بدلا عن جماهيره، ولا أعتقد أن حكومة عاقلة يمكن أن تقبل بهذا الوضع، لتضع على كاهلها أعباء إضافية، أو توقع نفسها في مشاكل هي في غنى عنها، اذا حاولت أن تتخلص من أنصبتها!!

* غير أن الحذر واجب، فمثل هذه الحكومة التي تمكنت من تدمير مشروع ضخم مثل الجزيرة، وكل المشروعات والبنى التحتية الكبرى، ودمرت الروح الوطنية، ونهبت كل شيء بلا نازع من ضمير أو اخلاق، يمكنها أن تفعل كل شيء .. ونصبح ذات اليوم لنجد أندية المريخ والهلال والموردة وأهلي شندي وحي العرب بورتسودان مملوكة لنبت بشري شيطاني بدلاً عن جماهيرها الوفية!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. اخي زهير رغم علمي المتواضع لا ارى فرقا بين ان تكون الاندية الرياضية شركة مساهمة وبين ان تكون شركة مساهمة تابعة للاندية .
    وحسب علمي المتواضع كل الاندية العالمية مملوكة لافراد لا علاقة لهم بكرة القدم ولا بوطن الفريق يعني مستثمر ياباني ممكن يمتلك فريق بريطاني واغلب اثريا الخليج يملكون اسهم في الفرق العالمية .
    ما الفرق بين ان يكون الكردنال رئيس للهلال يامر وينهي والكردنال شريك في الهلال على الاقل عندما يكون شريكا يحرص على استثماراته .