رأي ومقالات

قراءة في مخرجات لجنة التشاور السياسي بين مصر والسودان


تابعت باهتمام ما توصلت اليه لجنة التشاور السياسي بين القاهرة والخرطوم يوم (الخميس) برئاسة وزيرا خارجية البلدين سامح شكري وإبراهيم غندور، في الحقيقة أنا لا أميل للتشائم أبدا، فأنا شخص متفائل بطبعي، لكن يبدو أنني أفرطت التفاؤل في مخرجات هذه الإجتماعات، وذلك لأن معطيات الأزمة هذه المرة مختلفة، فالخلاف لم يكن فوقي بين قمة الهرم في البلدين، ولكنه كان خلافا جماهيريا وصل حد الخطورة، ولذلك توقعت أن تكون الحلول أكثر عملية بقرارات واضحة تأخذ طريقها للتنفيذ فورا، بالضروة ليست كل الحلول فطبيعة القضايا صعبة ومعقدة وتحتاج إلى دوائر سيادية أكبر من الوزيرين مثل قضية حلايب وهذا ماتم إرجائه للرئيسين السيسي والبشير بالفعل.

لو إستعرضنا أهم نتائج هذه الإجتماعات سأبدأ بموضوع الإقامة والتأشيرة لأهميته لأنه يهم مصالح الناس، فبدلا أمن ن تشرع اللجنة في حل يرفع الإقامات والغرامات على السودانين بالقاهرة إستسهلت وفرضت إقامات مماثلة على المصريين بالسودان، وربما هذا جاء في صالح الحكومة المصرية، لكن للأسف على حساب قطاع عريض من آلاف المصريون الذين أصبح السودان مورد رزق بالنسبة لهم، وهنا أؤكد أنه ليس كل من يسافر إلى السودان هو من الإخوان وعلى من يريد أن يتأكد عليه بزيارة لمبنى السفارة السودانية بالقاهرة هذه الأيام ليرصد هذه الجموع التي ذهبت إلى هناك للحصول على التأشيرة، رغم تحديد السفارة لإستلام 100 باسبور فقط في اليوم، الا أن الناس تذهب من السادسة صباحا لحجز دورها، وهنا أقول أن المواطن المصري الذي يسافر إلى السودان قد تضرر، وأتساءل ماذا تبقى من الحريات الأربع؟!

الموضوع الثاني هو موضوع ممتلكات المعدنين فقد أعلن شكري أنها موجودة بمعبر أرقين منذ أكثر من شهر ونصف في إنتظار المكلفين من الحكومة السودانية بتسلمها. معروف أن قنصل السودان بأسوان عبد العظيم الشيخ هو المكلف بهذا التسليم، إلا أن الرجل أكد لي أن هناك خلط في هذا الموضوع وأنه منذ فترة تم الإتصال به تليفونيا من الجانب المصري لتسلم 3 عربات فقط من مجمل أكثر من 300 عربة، لافتا إلى أن هذا الإجراء غير مكتمل ولا يمكنه تسلم شئ إلا بخطاب معتمد وموجه للجهة التي سيستلم منها، وقال أما الإستلام بتليفون ولجزء بسيط جدا لا يمثل واقع على الأرض…
على أي حال رغم طول مدة هذا الموضوع لدرجة أن الحديث فيه تحول لسخف، إلا أنني سأعتبر ماحدث بادرة طيبة فبداية التسليم معناها أننا على طريق حله، وأميل إلى إقتراح التعويض المادي لأنه قد تكون هذه الممتلكات قد تعرضت للتلف… ومصر أكبر بكثير من أن يتهمها أحد بأنها طمعت في هذه الممتلكات.

الموضوع الثالث هو حظر دخول المنتجات المصرية إلى السودان وأؤيد أن هذا الحظر شأن سوداني، ولكني في الوقت نفسه أرى ضرورة الفحص الفني وخضوع هذا الموضوع للبحث العلمي بعيدا عن إتهامات الناس والتقارير الإعلامية التي لا يمكن الإعتماد عليها، فالأمر فني ويحتاج إلى بحوث فنية وسريعة بعيدا عن الضجيج.

الموضوع الأهم في نظري هو ميثاق الشرف الإعلامي وكنت أتوقع من اللقاء التوقيع على الفور على ميثاق بين الحكومتين يلزمهما بعدم انجراف الصحفيين بمصر والسودان إلى مهاترات وإسفاف وشتائم لا تليق ببلدينا، أما التأييد والمطالبات بابرام هذا الميثاق لا يسمن ولا يغني من جوع، كان يجب التوقيع فورا مع التزام كل طرف باعلامه ولو وصل الأمر لفرض أشد العقوبة على أي إعلامي يتجاوز فالشأن عام وليس شخصي ومن يحترم يحترم نفسه وبلده قبل أن يحترم الآخر وبلده.

الموضوع الذي آثار تعجبي هو نفي شكري لما نسب لممثل البعثة المصرية في الأمم المتحدة في إجتماع مجلس الأمن المغلق بشأن لجنة الخبراء الخاصة بالعقوبات على دارفور، مؤكدا التزام مصر بدعم موقف السودان في الأمم المتحدة وتنسيق المواقف، وتحدث عن أن الاتهام بأن مصر وقفت ضد السودان وطالبت بالابقاء على العقوبات في دارفور سبب له شخصيا ولكثير من المصريين قدرا من الألم، لأنه في حد ذاته نوعا من الشك وعدم الثقة، وقال إن مداخلة المندوب المصري في مجلس الأمن كانت خالية تماما من أي عبارة قد يستوحي منها عدم تأييد الموقف السوداني أو أي نوع من التحامل ضد السودان، مؤكدا أنها جاءت داعمة ومعضدة للسودان ولرفع أي نوع من التحامل عليه….
العجيب أن هذا الحديث لشكري كان في حضرة غندور ولكن الأخير آثر الصمت ولم يرد، وحتى لو رأى بروف غندور عدم إحراج شكري والدخول في مهاترات مع الضيف إلا أن شكري في المؤتمر نفى مانسب للموقف للمصري وأن هذا سيسجل لصالح مصر، وصمت وترفع غندور يحسب ضد السودان، وأؤكد أن هذا الموضوع بالفعل سبب لنا ألما كبيرا في مصر فلايمكن أن نكون ضد السودان أبدا وتحت أي ظرف، ولا أنكر أن نفي شكري وعدم رد غندور خفف كثيرا من هذا الألم.

الخلاصة أنه رغم الجو الإيجابي الذي صاحب الإجتماعات والكلام الحميمي بين الطرفين والتأكيد على ضرورة المضي قدما بالعلاقة إلى فضاءات أرحب، إلا أنني أقول لشكري وغندور ليس بالابتسامات والكلام المعسول تحيا العلاقات بين البلدين… الأزمة الأخيرة كانت إختبارا حقيقيا لتغيير هذه الطريقة تماما بالاتجاه إلى طرق أخرى أساسها الندية والإحترام المتبادل… القنبلة مازالت موقوته والإجتماع لم ينزع فتيل الأزمة كما يجب…

بقلم
صباح موسى


‫3 تعليقات

  1. يابت ياصباح انت قلت مصر أكبر من أن تكون طمعت فى عربات المعدنيين ومع ذلك أكدتى بأنها ستكون تعرضت للاتلاف. كيف ستتلف أن لم يكونو قد استعملوها. يابت ديل مصريين ديل ناس الرز اختشى من كلامك دة

  2. والله شوفي يا بت بمبة…
    سكوت لن يخفف لك كثيراً من الألم.. فسكوته شأن الدبلوماسية.. ولكنه فتح الباب للرد عن طريق الشعب.. وهو أقصيى على مصر من دبلوماسية غندور
    واعلمي ان الإبتسامات والمصافحة نعلمها فقط للميديا.. ونحن لا نرحب بها كشعب… حتى أن مسك غندور ليد شكري في المطار كانت لنا جرحاً..وخزيا.. وعرفنا وقتها ما سيدور في الكواليس وما سيعلن عنه.. لذا قررنا مواصلة كفاح الشعب بالمقاطعة التامة لكل ما هو مصري.. وستري بأم عينيك..

    كنت أقرا لك محبا… واقول صادقا.. ليس كل ما جاء في مقالك هذا بالمرفوض.. ولكن إذا كنتي أو كنتوا كمصريين تحبون ان تزيلوا الشحناء والبغضاء….. فكيلوا بنفس المكيال… للشعبين كشعب واحد…
    لك ولغيرك .. هنا .. وهناك…….. أقول

    كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
    كم نظرة بلغت في قلب صاحبها كمبلغ السهم بين القوس والوتر
    والعبد ما دام ذا طرف يقلبه في أعين العين موقوف على الخطر
    يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

    و زي ما يقولون في باب الحارة

    إن ما كبرت… ما بتصغر

  3. نحن علي ثقة وقناعة تامة..لايوجد غير حل واحد..ذهاب النظام المصري الي مزبلة التاريخ بعد محاكمات مفتوحة ونصب المشانق لمن قتل الشعب الاعزل بلا رحمة وسجن واعتقل واغتصب الشرفاء من نساء وشباب ورجال مصر…
    وحينها لاتوجد مشكلة بين شعب وادي النيل..
    وغدا لناظره قريب..