عالمية

هل قرر سلفا كير التنحي؟


بعيداً عن انشغالات الخرطوم اليومية وتلفتها بحثاً عن تشكيل حكومي جديد أدمنته طيلة الفترة الماضية، كانت جوبا تنافس شقيقتها الخرطوم في سرقة الأضواء، ونقلت تقارير إعلامية عن إذاعة جنوبية ولائية في بحر الغزال أن اجتماعاً في القصر الرئاسي في جوبا ناقش بطلب من رئيس البلاد سلفا كير ميارديت، ترشيح 4 قيادات لخلافة الرئيس.
ونقل راديو “نم لاو” أن سلفا كير طلب خلال جلسة مغلقة بالقصر الجمهوري ترشيح خليفة له حال تنازله عن السلطة، وأن التشريحات انحصرت في أربع قيادات هم: نيال دينق نيال، كاستيلو قرنق، أويت أكوت ومجاك أقوت. وأضافت الإذاعة أن رئيس هيئة الأركان الجيش الشعبي الفريق بول ملونق أوان رشح كاستيلو قرنق القيادي الجنوبي المقيم في ألمانيا، قائلاً “إن كاستيلو شخصية وطنية مقبولة لدى الكل وتحديداً وسط المجتمع الدولي”. لتنطلق رحلة البحث في مبررات الخطوة الرئاسية الجنوبية حالياً.

باسم الرئيس:
اعتبر المتحدث باسم الرئيس سلفاكير أتني ويك أتني، أن الخبر يعد إحدى الفبركات الإعلامية التي تستهدف حكومة جنوب السودان من فترة إلى أخرى، وأن الخبر لم يخرج من جنوب السودان البتة، واصفاً الإذاعة التي أوردت الخبر بالإذاعة “الوهمية جداً”، مؤكداً وجود إذاعة واحدة وتلفزيون رسمي هما إذاعة وتلفزيون جنوب السودان، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن تكون اجتماعات بالغة الأهمية وتدار إعلامياً نافياً وجود اجتماعات بالأصل.
من جانبه اعتبر رئيس مجموعة المعتقلين السابقين الـ (G10) باقان أموم في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الحديث عن تنحي سلفاكير مجرد بالونة اختبار ليس ألا وهو ما سيكشفه الوقت، قاطعاً بأنه لم يتم مثل هذا الاجتماع البتة.
بيد أن تحليلات أخرى تذهب إلى أن الأمر يتجاوز الإشاعة والفبركة التي تحيط بقيام الاجتماع، وتنظر للفكرة نفسها على أنها موجودة. ويرى باقان أن ما يجعل تنحي الرئيس سلفاكير أمراً يفرضه الواقع هو وجود ضغوط كثيرة يزيد من تعقيدها الأزمة ضاغطة بضيق الحال تردي الأوضاع والفشل الكامل  بالإضافة إلى الضغوط الداخلية والخارجية بالإضافة إلى الضغوط الصحية، كضغط الدم والفشل الكبدي، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع وارتفاع سعر الدولار المجاعة وارتفاع معدلات جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
فيما اعتبر قيادي بجبهة الخلاص التي يتزعمها توماس شيرليو – فضل حجب اسمه – في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الحديث عن اجتماع لاختيار خليفة للرئيس سلفاكير غير صحيح، مرجحاً أن يكون ذلك من صنيعة الحركة الشعبية بالمعارضة بقيادة د.مشار في سياق الحرب الإعلامية والتعبئة ضد مجلس أعيان الدينكا.
معلومات أخرى:
وطبقاً لمعلومات تحصلت عليها (السوداني) أمس، فإن مجلس أعيان الدينكا طلب من الرئيس سلفاكير ضرورة التنازل لشخص أكثر مقبولية، وطالبه بأن يتبنى هذه الفكرة بهدف إزالة الغبن عن باقي القبائل من غير الدينكا. ومضت المصادر إلى أن التسريبات ترتبط بزيارة وفد أعيان الدينكا إلى السودان الأسبوع الماضي بقيادة فرانسيس دينق وبونا ملوال، وأنهم أشاروا في حديثه للحكومة السودانية إلى أن هناك تغييراً سيحدث في جنوب السودان مدعوم من الغرب. وكشف المصدر المسؤول في حركة سيرليو أن الرجلين طَلَبَا من الخرطوم دعم القادم الجديد أن حدث ذلك، وأضاف: “السودان طلب منهم أن يجلسوا إلى باقي مجموعات المعارضة ويقدموا هذه الفكرة التي يحملون إلى المعارضة، إذا قبلت بها عليهم تشكيل جبهة تضم كل هذه التيارات”. وقطع المصدر بأن المعارضة بقيادة مشار استغلت هذه الظروف لتخويف بقية القوى المعارضة بترويج أن سلفاكير سوف يتنازل لآخر من قبيلة الدينكا.
ليست الأولى:
بعيداً عن التحليلات والترجيحات والظنون، قريباً من الوقائع فإن الحديث عن تنحي الرئيس سلفاكير ميادرديت لم تكن وليدة الراهن، وبرز ذات الاتجاه في يوليو من العام الماضي.. وقتها نقلت تقارير إعلامية عن مصادر – لم تسمها – أن ثمة مُشاورات تجري في جوبا لاختيار خليفة للرئيس سلفاكير استجابة لضغوط تمارس. وأكدت مصادر وصفت بالحكومية في جوبا وقتها أن عملية تنازل ميارديت عن السلطة باتت مسألة وقت، لا سيما أن تلك الرغبة وجدت دفعاً من عائلته بسبب ظروفه الصحية، وأنه تم ترشيح وزير الدفاع الجنوبي كوال جوك لخلافة ميارديت، إلا أنه اعتذر عن المهمة. وأضافت المصادر حينها أن الأمر انحصر بين بونا موال، ونيال دينق نيال.
المعنى والمضمون:
ربط الأزمة الجنوبية بتنحي الرئيس سلفاكير بدا كأمر يختزل الأزمة في الشخوص ويبتعد بها عن الجذور الموضوعية المرتبطة بذلك، إلا أن باقان أموم يرى عكس ذلك، ويذهب إلى أن تنحي الرئيس سلفاكير تعد خطوة لإفساح المجال لحل الأزمة عبر الاتفاق تشكيل حكومة مهنية محايدة لوفق الحرب إعادة الاستقرار  للبلاد، وأضاف: “هذه الحكومة المحايدة هي الآلية المثلى لتنفيذ برامج السلام المضمونة في اتفاقية السلام”. وقطع بأن هذا النمط من الآليات الانتقالية أصبحت ضرورة بعد فشل آلية حكومة الوحدة الوطنية التي جمعت فرقاء الحرب وأطراف الصراع حول السلطة وفشل صيغتها الاستيعابية للمعارضة المسلحة (كير/تعبان)، وأضاف ما يواجهه جنوب السودان حالياً بالإبادة الجماعية ما يفرض التحرك لإنقاذ البلاد من التشتت. وأضاف أموم: “لا حل عسكري لهذا التحدي، بل الحل يكمن في وقف الحرب وابتدار الحوار الوطني الشامل الحر المعافى من هيمنة جهة كانت الحكومة أو أي قوى أخرى”.
وحدد باقان أموم شكل الحكومة المطلوبة لخلافة سلفاكير باعتبارها حكومة محايدة تتشكل من شخصيات وطنية غير سياسية معروفين بعدم انتمائهم إلى أي حزب أو مجموعة سياسية أو مسلحة.

السوداني


تعليق واحد