مقالات متنوعة

الأصل .. ما ببقى صورة


الصورة التي ظهر فيها السيد والي ولاية النيل الأبيض.. وهو يتفقد المرضى.. جعلته في موقف لا يحسد عليه.. وهو الذي تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورته في فعاليات الدورة المدرسية.. مستقبلاً الفنانة ذائعة الصيت استقبالاً رسمياً.. وبالبرادو القلبي رادو وكمان البساط الأحمر.. عندما تقارن ابتسامته الواسعة آنذاك.. ومن ثم ملامحه في الصورة الثانية التي تظهره وكأنه نام وصحى (لقى نفسه برعي).. تكاد تتعاطف معه.. فما هو إلا من غزية.. وإن ترشد غزية يرشد.

وغزية هنا المقصود بها الجو العام المتعارف عليه.. فالدولة جزاها الله خير الجزاء عنا.. فهي تمعن في الصرف البذخي على الاحتفالات والمهرجانات.. والسفريات الخارجية.. والزيارات الاستطلاعية.. ولكن يبدو أن لها (رأي) في الصرف على الصحة والتعليم وضروريات الحياة.. وأكيد (رايا عديل).. يعني نحن حنعرف أحسن من الحكومة؟؟.. غير أن هناك ما لفت انتباهي في تلك الصورة.. ليس هو منظر الأسرة التي يبدو أنه جرى (تلقيطها من الجيران).. ولا منظر النساء اللائي بلغ بهن الإعياء مبلغاً.. يبدو أنهن حاولن الجلوس فلم تساعدهن أجسادهن.. فاخترن الاتكاء.. احتراماً للسيد الوالي.. لا ليس هذا المنظر.. ولا منظر الجدران المتقشرة.. التي عندما سخر منها البعض كان الرد.. أن الجدران لحائط في فصل وليس في مستشفى.. فقلنا ليتهم سكتوا.

الذي لفت نظري هو منظر (الدرب) المعلق على شئ ما في الحائط.. حاولت تكبير الصورة لأقصى مدى.. فلم يظهر شئ.. كيف تم تعليق ذلك (الدرب)؟؟ زمان على أيامنا (زمن جوز الحمام تلاتة فرد).. كان هناك حامل حديدي للدرب.. يعلق عليه.. ومن ثم تطور ليصبح له عجلات وكدا ليتحرك به المريض إن أراد ذلك.. أين ذهب كل هذا؟ .. مسلسل الاختفاء بدأ بكمامات الأوكسجين التي صارت من علامات البذخ.. كمامات شنو.. الأوكسجين ذاتو.. أضحى كماليات.. دعك من الدم وبنوكه.. أما قصص غرف العناية المركزة.. وإيه مش عارف إيه.. فتلك توهمات نسأل الله منها الشفاء.. لكن أن يطال الاختفاء حتى (حامل الدرب) كدا أوووفر يا جماعة .

في المقابل صارت الاحتفالات تكبر وتتضخم.. وتظهر معها حاجات وحاجات وشنو وشنو.. الدورة المدرسية التي كانت تقام كل عام في مدينة.. يحيي لياليها الطلاب.. وتظهر فيها إبداعاتهم في الإلقاء الشعري والغناء والمسرح.. ومن ثم ينفض سامرها بهدوء ودون ضجة تذكر ولا مصاريف ترهق كاهل المواطن.. في تلك الأيام كانت الجهات التنفيذية تهتم بالصحة والتعليم والخدمات وتترك (العيش لي خبازو).. ومتابعة الأنشطة لي ناسها.. والاحتفالات لي جهاتها.. انظر ماذا حل بنا عندما انقلبت الآية.. وصار جل اهتمامات الولاة هو الظهور في مهرجان بذخي يدفع فيه ما يدفع.. ويصرف فيه ما يصرف.

الشاهد في الموضوع.. أن الأمور (جاطت) منذ حدوث (حول) في الرؤية.. وترك الولاة الاهتمام بالتعليم والصحة.. وتباروا في الـ(شو) والبوبار.. لذلك نطالب رجاء كل زول يركز في (ورقو).. خلوا موضوع الدورة المدرسية.. لي ناسها.. وتفرغوا أنتم لما تم تعيينكم له.. حتى لا تتكرر تعابير تلك الصورة المشهودة.. وبعد غيبة نعود الى مسجل عم آدم.. في رائعة الراحل حسن الزبير (.. ما البصر دون البصائر.. والأصل ما ببقى صورة).

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة