سياسية

مؤتمرات الوطني.. مسك الختام


– الشيء المختلف والشاذ في مؤتمرات الحزب الحاكم, أنه أقام معظم مؤتمراته خارج دوره سواء كان في المركز او الولايات وخاصة المؤتمر العام. لقد درج الحزب في السابق أن يقيم ختام أفراحه وأتراحه في قاعته المسماة بـ(كرش الفيل)
يعظم فيه ما يشاء من أحداث ويعقد فيه مايشاء من مؤتمرات لتحمل طبيعة التنظيم وشكله وإرثه, وربما هناك تظهر معضلة الصرف على تلك المؤتمرات ليس بالشيء الهين. ولكن حزباً كالوطني الذي قدر عضويته بـ(6) ملايين عضو لا يستحيل عليه أن يوفر كل معيناته دون اللجوء الى الاستدانة أو الاستعانة بالحكومة. لقد لخص الحزب الحاكم في ختام مؤتمره العام جملة من الأحداث التي كانت غائبة عن الأذهان, ومضى الحزب خطوة نحو إعادة سيرته التي كاد الزمن ينهكه, ربما المظهر العام الذي بدأ خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الترتيب الجيد سمة المؤتمر هذا العام والملفت للنظر أصحاب (الجاكتات) المميزة مكتوب عليها السلامة والتأمين ينتشرون في أرجاء المكان المخصص, الى جانب أن كل منشط خصص له أشخاص بلباس مميز لتسهيل التعامل معهم, أما داخل القاعة لا يختلف عن المؤتمر السابق من حيث التنظيم ربما الترتيب, ولكن استطاع الحزب أن يحشد له كل عضويته التي جاءت من كل حدب وصوب ليشهدوا منافع لهم . ولكن الجهد المقدر الذي لمسناه كان ولايزال ما يقوم به المسؤول عن الإعلام والصحفيين هو جهد مقدر من زميلنا محجوب عبد الحفيظ. هذا الشاب المليء بالحيوية كان حريصا إخراج التغطية بصورة تليق وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه من خلال توفير معينات العمل والتغطية. ويبدو حرص الحزب على الإعلام أن خصص له مركزا متخصصا الى جانب الإعلان المنتشر والتغطية المباشرة والحية. والملاحظ ان الوطني بدأ تطبيق مبادئ الانضباط والعمل المؤسسي من خلال الحديث أن الحزب الذي لا يلتزم بالمواقيت لا يستحق ان يطلق عليه حزباً كبيرا, ولذلك بدأ المؤتمر في مواقيته بالضبط التاسعة صباحاً بحضور رئيس الجمهورية وهو أمر لاحظه أحد قادة الأحزاب ولفت إليه وأشاد به, ولكن طبيعة السودانيين لا يلتزمون بالوقت ولذلك كان واضحاً أن البعض ما زال (يجرجر) رجليه خارج القاعة رغم أن المؤتمر بدأ.
روح الإجماع
لقد بدأ رئيس الجمهورية عمر البشير خطابه هادئا لسبب أن الخطاب كان مكتوباً, حيث قال الدورة الحالية تأتي بعد أن أنجزنا المرحلة التأسيسة لإصلاح الدولة وتوخينا من إطلاقه تحسين ورفع قدرات الأجهزة لتكون مؤهلة وفاعلة لتنفيذ مطلوبات تحقيق النهضة الشاملة. وأكد المضي بعزيمة لتنفيذ مطلوبات المرحلة الثانية من الحوار الوطني مستلهمين روح الإجماع الوطني التي تأسست في المرحلة الأولى بهدف إستدامة مناخ الوفاق الوطني وتعزيز الثقة بين القوى السياسية والقوى الفاعلة في المجتمع, بعيداً عن التنازع السياسي والمجتمعي حول السلطة أو الموارد, والانتقال ببلادنا إلى مرحلة التحول السلمي الكامل. وقال لن يتأتى ذلك إلا بتقوية مؤسسات المجتمع وفي مقدمتها الأحزاب كي تكون قادرة على قيادة المجتمع. وأعرب عن تطلعه في المرحلة الثانية من الحوار الى ترسيخ ممارسة حزبية قائمة على قدر كامل من الرشد من مواقع المشاركة في الحكومة أو في المعارضة الوطنية المسئولة لبناء نظام ديمقراطي فاعل يقوم بإنفاذ السياسات والبرامج التي تضمنتها مخرجات الحوار وحوتها وثيقة التراضي الوطني.
تجربة وطنية
ولفت إلى وضع قواعد ومرتكزات البناء الدستوري الجديد للبلاد الذي يفضي الى إقرار دستور دائم. وإقراره بأوسع قدر من المشاركة المجتمعية بما يحقق الرضى والإجماع الوطني من كافة فئات المجتمع ومؤسساته وتأسيس تجربة وطنية متفردة في خصوصيتها لحكم راشد ومستقر قائم على التعددية الديمقراطية المرتكزة على حرية الأفراد والتنظيمات. وقال نؤسس في هذا الدستور مطلوبات التمكين الذي يقود لحكم القانون والتوافق على تأسيس قانوني يكفل استدامة الحريات والحقوق وفق نظم قضائية مستقلة . وقال إننا نتطلع الى حماية هذه الحريات والحقوق وفق معايير الشفافية والنزاهة لتنفيذ قيم العدالة. ودعا القوى السياسية والمجتمعية للمساهمة بأفكارها ومقترحاتها التي تقود الى تجسيد قضية التراضي الوطني لأرض الواقع.
مبادرة متجددة
وأعلن البشير ان المؤتمر الوطني يجري دراسات لابتدار مبادرة متجددة بشأن وضع الدستور الدائم وكيفية بناء كيانات سياسية تجمع الشتات وتؤسس كيانات أكبر تعزز الأمن والاستقرار السياسي وتؤمن مسيرة التعددية السياسية للتداول السلمي للسلطة وترتقي ببلادنا الى آفاق أرحب. وقال: اخترعنا برنامجا واضح الأهداف محدد الغايات شاملا الالتزامات إصلاح الحزب والدولة أولهما ان واقع أدائنا في الدولة قد حقق نجاحات مقدرة في بعض القطاعات رغم التحديات التي واجهته وإصلاح هيكلي توفرت له الإرادة السياسية المساندة لمطلوباته والرضاء المجتمعي الدائم له. ثانيهما اعتماد منهج برنامج الإصلاح على مستوى الحزب والدولة ولا يلغي هذا المنهج ما سبق من اداء ولا يقف منه موقفاً اعتذاريا بل يبني بناءً إيجابياً .
منهج الإصلاح
وأكد البشير ضرورة النظر الى منهج إصلاح الدولة والحزب كضرورة مستمرة تتطلب سياسيات وإجراءات ذات بعد هيكلي ووظيفي متجدد يستجيب للتحولات العديدة التي شهدتها البلاد, لذلك يظل برنامج حزبنا للإصلاح الشامل عملية مستمرة متطورة. وقال سيظل المؤتمر الوطني داعيا الى إصلاح حقيقي شامل تتكامل فيه مع جهود بقية القوى الوطنية. للارتقاء في هذا المؤتمر لنسجل فيه عملنا وتفاؤلنا بتباشير مرحلة سياسية جديدة في بلادنا عبرنا اليها جميعا بإرادة حرة وحوار وطني أداره ابناء السودان على مختلف انتماءاتهم السياسية بشفافية كاملة وحضور فاعل وبإخلاص وتجرد, وهذا هو مصدر نجاح الحوار وتجربة سودانية فذة انتجت مخرجات هي ملك لأهل السودان يلتزمون بها ويحمونها ويحصنونها ويحصنون بها التوافق الوطني بين القوى السياسية وقوى المجتمع الفاعلة.
ميلاد حكومة
وجدد البشير حرصه الأكيد والصادق دعوة الممانعين ومن بقي أسيرا للتردد للاستجابة الى الإجماع الوطني والانضمام الى مسيرة التوافق الوطني الشامل, كما جدد التزامه وعزمه على تنفيذ مخرجات الحوار بالتشاور مع القوى السياسية التي انحازت للحوار والاستماع لتلك التي لا تزال مترددة ومتأخرة في الاستجابة للدعوة. وأعلن عن ميلاد حكومة الوفاق الوطني التي نصت عليها مخرجات الحوار وذلك بإعلان التشكيل خلال الأسبوع القادم ليكون الاداء التنفيذي وتحويل المخرجات الى برامج تستهدف تحقيق النهضة الشاملة والنهوض بواجبات خدمة مواطنينا وأرجو ان أدعو كل القوى السياسية خاصة عضوية حزبنا للوقوف بقوة دعماً لحكومة الوفاق واسناد برامجها. وأكد ان الحكومة المرتقبة تجيء وسط أجواء مشبعة بالأمل والتفاؤل وبلادنا تنعم بالأمن والأمان والاستقرار وسط محيط يمور بالتحولات وتنتشر فيه الفتنة والفوضى, وتمر بلادنا بانفتاح خارجي مدروس جعل بلادنا في قلب قضايا امتنا العربية والإسلامية وأصبحت تسهم بإيجابية مبادرة ومشاركة وفق رؤية واستراتيجية لخدمة المصالح.
غاية المشروع
وقال البشير إن غاية مشروعنا الإصلاحي هي تحقيق النهضة. وجدد التزام حزب المؤتمر الوطني بالسلام كخيار استراتيجي لا تراجع عنه نبذل كل الجهود المطلوبة لتحقيقه وأعلنها صراحة بان أيدينا ستظل ممدودة لكافة شركاء الهم الوطني نتوافق سويا لجعل المرحلة الثانية من الحوار الوطني أنموذجا لتجربة سودانية متفردة ذات خصوصية سياسية سودانية .
تهديد ووعيد
ويبدو ان ممثل مجلس أحزاب الوحدة الوطنية الفريق شرطة محمد الفضل الذي تحدث امام المؤتمر العام للوطني نيابة عن المجلس, كان يريد إطلاق رصاصات في جسد الأحزاب المنهكة, ولذلك كانت متعبا ومنزعجا من ثقل حجم القوى السياسية وكبرها, ولذلك قال عندنا (94) من الاحزاب حاملة شهادة التسجيل. واشتكى الفضل كثرة الأحزاب في الساحة السياسية منها القديم والجديد والذين في الطريق مع وجود ضبابية المعايير التي أدت الى تساوي الكتوف وانفراط في المقامات.
وطالب الفضل لدخول اي حزب انتخابات (2020) شريطة الحصول على (21%) من جملة أصوات المستحقين, وان تلتزم تلك الأحزاب بطرح برامجها الانتخابية الذي يخاطب عموم القضايا الوطنية بعيدا عن الجهوية والتسامي فوق الخلافات والتسامح الوطني. ولفت الى ان النزاعات داخل الأحزاب تظهر عند التطبيق للنصوص وتظهر المشاكل في السودان في القيادة والصلاحيات واللجان. وقال ان علاجها يأتي بقيام المؤتمرات العامة الآنية. وأكد ان المؤتمرين قادرون على معالجة أي خلل.
وشدد الفضل على ضرورة وضع ضوابط في قانون الأحزاب يلزم كل حزب بإجراء انتخابات كل (5) سنوات واذا تجاوز المدة على المجلس الذهاب الى المحكمة الدستورية مطالبا بتجميد او تصفية الحزب. وقال (التأجيل المتكرر مع (الكنكشة) للقيادة مقدمين ذرائع واسباب لعدم قيام المؤتمرات ) الأمر الذي يؤدي الى تصفية او تجميد الحزب إذا تجاوز ميعاد قيام المؤتمرات بعامين.
وأقر الفضل بوجود أسباب حقيقية تتعلق بمالية الأحزاب وقال(مال الحزب في جيب رئيسه) . وطالب بفصل مالية الحزب من مال الرئيس, كما طالب بفتح حساب بنكي في المركز والولايات تتعلق بمالية الأحزاب تقدم من خلالها تقارير عن الاداء المالي للأحزاب امام مجلس الأحزاب ويعتمد من خلالها وليس مجرد ملف يتم من خلاله الرقابة لنشاط الحزب في السودان.
تونس الخضراء
عندما قدم الأمين العام لحركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي للحديث دوت الصالة بالتكبير ولكن الرجل بدأ بالاشادة والثناء على التجربة السودانية في الحوار الوطني إلا انه ترحم حسب قوله الى مخطط الحوار د. الترابي. وأكد ان تونس تكبر وتراقب ذلك وعبر عن أمله في أن يتفق أهل السودان وقواه السياسية، والتفرغ لبناء ونهضة بلادهم التي أشار إلى أنها تملك الكثير من الخيرات والثروات، وأكد مساندة حكومة وشعب بلاده لحكومة وشعب السودان.
التركي والصيني
نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي يس اكتاني نقل لحكومة وشعب السودان تحيات شعب بلاده والرئيس رجب طيب أردوغان، وأكد متابعة بلاده لتطورات الأوضاع في السودان الذي قال إنه يمر بتحديات مشابهة للتي تواجهها بلاده، مشيرا إلى دور الشعبين التركي والسودانى في إفشال مخططات الأعداء، وعبر عن أمله في أن يتمكن الحزب الحاكم في السودان من تحويل شعاراته المطروحة إلى أرض الواقع من خلال الاستغلال الأمثل للإمكانات المادية والبشرية التي يتمتع بها السودان. كما تلقى المؤتمرون برقية من الحزب الشيوعي الصيني عبر فيها عن تثمينه لمستوى العلاقات المتطورة بين البلدين وعلاقات الحزب الشيوعي مع المؤتمر الوطني، وثمن فى برقيته جهود الحكومة السودانية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وإنهاء النزاعات والسعي الجاد من أجل تحسين معاش المواطنين . وجدد الحزب الحاكم في الصين حرصهم على المضي قدما بالعلاقات الراسخة بين البلدين والحزبين في إطار من الاحترام المتبادل واحترام الخصوصية تعزيزا لجهود تحقيق المصالح المشتركة.
مباركة الميرغني
ممثل الأحزاب المشاركة الأمير أحمد سعد القيادي الاتحادي الأصل أكد أهمية التحاور والتوافق بين كل الأحزاب السياسية على القيم الكلية والتوافق على القوانين والتشريعات . وقال كي نحقق ما نصبوا إليه لا بد من المشاركة الفاعلية من كل فئات المجتمع وبتوافق واسع من أجل تحقيق المصالح العليا للدولة، مشيرا إلى أن أصلاح أجهزة الدولة والاتفاق على دستور دائم يأتي استنادا إلى مخرجات الحوارين السياسي والمجتمعي من أجل حكم راشد في البلاد.
ونقل للمؤتمرين تحيات ومباركة مولانا محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي ومرشد الطريقة الختمية لمآلات الحوار ومخرجاته التي من خلالها يتحقق السلام والتنمية المستدامة في البلاد، وتمنى مولانا الميرغني التوفيق والسداد للمؤتمر الوطني في إعادة ترتيب بيته الداخلي ومواصلة السعي نحو الإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة.
وزن السودان
أكد الأمين العام لحزب الحركة الوطنية بدولة تشاد محمد زين بادة عمق ومتانة العلاقات الأزلية السودانية التشادية، مؤكدا أن ما يمس السودان يمس تشاد لما يجمعهما من أواصر الأخوة والدم . وهنأ السودان برفع العقوبات الاقتصادية.
وقال هذا يهمنا ويهم منطقتنا الإقليمية، وأضاف نحن نعترف بوزن السودان في القارة الإفريقية ونؤكد علاقتنا بحكومة السودان وبالمؤتمر الوطني التي امتدت منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، لافتا إلى أن المؤتمر سيكون له أثر إيجابي يتجاوز الحدود السودانية . وأشار إلى أن دولة تشاد تمضي على ما يصدره رئيسا البلدين من توجيهات استراتيجية من أجل تعزيز علاقات التعاون بين حكومتي البلدين، وقال هناك مؤتمر للمصالحة في حدود البلدين، ويحدونا الأمل أن نرى السودان وقد حسم الصراع في دارفور بصورة جذرية، ونحن مهمومون بهذا الأمر خاصة وأن السلام في السودان ضرورة ويعزز الإنجازات التي تحققت، مشيرا إلى دور القوات المشتركة السودانية التشادية وما ظلت تواجهها من تحديات خاصة تهريب البشر، مشيداً بما ظل يقدمه رئيسا الحزبين الحاكمين في السودان وتشاد البشير وإدريس ديبي في تفعيل عمليات الاندماج والتكامل الإفريقي بفضل موقع البلدين الجغرافي والاستراتيجي، لافتا إلى أن هناك الكثير من السمات الإفريقية التي تربط بينهما على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن المصير المشترك الذي يتطلب تضافر الجهود لمواجهة التحديات والمشاكل التي تواجه شعوبهما وشعوب القارة.

الانتباهة