داليا الياس

أكثر من مجرد صندوق !!


بنحو (159) داخلية لسكن الطلاب الجامعيين تنتشر على امتداد البلاد وتستوعب حوالى (160) ألف طالب وطالبة من رعاياه، يحتفي (الصندوق القومي لرعاية الطلاب) بيوبيله الفضي ومرور (25) عاماً في خدمة هذه الشريحة الهامة جداً، تنقل خلالها بين العديد من المراحل، وأحرز الكثير من الإنجازات التي تشير بوضوح لكونه الآن أكثر من مجرد صندوق!!
والشاهد أن الواقف على تجربة هذه المؤسسة الكبيرة من حيث المعاني والمباني سيلحظ ببساطة حجم التطور الكبير والعطاء اللا محدود الذي يميز (الصندوق القومي لرعاية الطلاب) عن سواه من الصناديق ذات الصلة وغيرها.

وبالوقوف عن كثب ستكتشف أنك أمام مؤسسة نبيلة وفخيمة تمتد أذرعها في جميع الاتجاهات لتحتوي الطلاب تحت مظلتها الرشيدة، فهي لم تكتفِ أبداً بتوفير سكن للطلاب الوافدين أو دعمهم المادي المباشر ولكنها تعنى أيضاً بتوفير الزي الجامعي الموحد للطالبات، وتعمل على إصحاح البيئة والمحافظة على نظافة الداخليات، وتراقب الصرف الصحي، وتجتهد في توفير وجبات مجانية وأخرى مدعومة تلائم ظروف الطلاب، وتحرص على توفير العلاج مجاناً لا سيما لأولئك المصابين بمرض السكري المزمن والذين يتعاطون جرعة الأنسولين بشكل يومي راتب دون مقابل!!
ويقوم الصندوق إلى جانب مهام التسكين والعلاج وتهيئة الظروف وتوفيق الأوضاع، بدور رائد وكبير في ما يلي رعاية الإبداع الطلابي وتوسيع دائرة المناشط لتشمل الجميع بما فيهم الطلاب ذوي الإرادة، الذين اختبرهم القدر في عافيتهم، ولكنه لم يتمكن من النيل من مواهبهم وقدراتهم الإبداعية الخارقة، وهم للعلم، يتمتعون برعاية خاصة ولهم الأولوية دائماً وتراعى حاجتهم في كل التفاصيل.

وكنت بمناسبة هذا اليوبيل الفضي قد حاولت تقصي الحقائق في ما يلي آلية عمل هذا الصندوق الذي تناوشه بعض الآراء بالنقد هنا وهناك، كحال جميع المؤسسات الخدمية في البلاد، فوجدت أن مناوشته تصب فقط في دائرة نقص القادرين عن التمام.. إذ إنه لو لم يكن لصندوق رعاية الطلاب من إنجاز سوى هذه الصروح الهندسية البديعة والشامخة التي يتوالى افتتاحها في كل حين في معظم الولايات والتي يشار لها بالبنان، وأسماء الكبار من رجال البلاد التي تحملها على مر التاريخ وطلابها الرائعين الذين يلعبون أدواراً نبيلة في المجتمعات التي يوجدون فيها أينما كانوا، حتى نجحوا في خلق علائق وطيدة مع الجميع وأحدثوا حراكاً ثقافياً مؤثراً ومشهوداً لكفاه !

وبقليل من المقارنات والتفكير سنجد أن داخليات الصندوق تتسم بالانضباط، ولها لوائح وقوانين رادعة يقف عليها مشرفون أشداء يساهمون في تربية الطلاب وتوجيههم ومراقبة سلوكهم في هذه الأعمار الضاجة بحماس الشباب وإقباله على الحياة.. وتشهد البرامج الراتبة التي تقام داخل حرم الداخليات أو على مسارح الجامعات منافسات قوية وتخرج مبدعين أكفاء أصبح معظمهم من نجوم الصف الأول في شتى ضروب الموهبة، وكل ذلك تحت مظلة الصندوق لا سيما البرامج الموسمية التي يعتبر أميزها برامج شهر رمضان المبارك، التي حالفنا الحظ في الوقوف عليها والمشاركة فيها.

عليه.. لا يمكن على الإطلاق اعتبار (الصندوق القومي لرعاية الطلاب) مجرد صندوق حكومي بلافتة براقة.. ولكنه صرح شامخ.. ومؤسسة رائدة.. وجهاز تنمية بشرية.. وإدارة لتنمية القدرات واكتشاف المواهب.. وملتقى لتلاقح وانسجام الطلاب بعيداً عن الجهوية والعنصرية.. ومرتع للصبا الريان.. ومركز للانسجام والتمازج الفكري.. ومأوى ضد نائبات الوحدة والمعاناة والضنك.. ومقر للاحتواء والتآخي.. وشريك أصيل في عدد من الشراكات الذكية داخل وخارج السودان.. ومعين وملاذ وسند.

هو والحق يقال أكثر من مجرد صندوق؛ لأنه وطن صغير تتكامل فيه الأدوار وتتضافر الجهود من أجل حاضر أمثل ومستقبل أفضل لهؤلاء الطلاب المكافحين في سبيل غدٍ أجمل للجميع.

تلويح:
كل عام وكل العاملين في الصندوق وجميع الطلاب بألف خير.. وتحية خاصة للرجل الرشيد والقائد الحكيم البروفيسور (النقرابي)، الذي يعمل في صمت فتتحدث إنجازاته.

داليا الياس – اندياح
صحيفة اليوم التالي