تحقيقات وتقارير

إدمان مشاهدة التلفاز يؤثر في الطفل نفسياً وصحياً ويحرمه متعة اللعب ويؤثر في سلوكه فمن يتحكم في “الريموت كنترول”؟! أطفال في المحك


في ظل التطور الهائل في عالم تكنولوجيا الاتصالات وتوالد القنوات الفضائية يوماً تلو الآخر، سيما تلك المتخصصة في برامج الأطفال وتخاطب عقولهم، باتت تشغل حيزاً في حياتهم وتأخذ جل وقتهم، بل كادت تبطش بالنشاطات الأخرى التي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل بنية ووعي وتركيبة الطفل الذهنية والبدنية كاللعب والجري والقدرة على التأمل الابتكار.

على الرغم من أن كثيراً من الأسر ترى متابعة برامج التلفاز ملاذاً آمناً لطفلها وتقيه حر الشمس ومنعطفات السلوكيات الأخرى بالشارع، إلا أن خبراء التغذية يرون أن الطفل أثناء فترة مشاهدته يمارس عادات تؤثر في صحته وتفكيره مستقبلاً، لأن تناوله للأكلات الدسمة والوجبات السريعة يكون نتاجها طفلاً بديناً غير صحي.

ملاذ آمن
لم تبدِ المواطنة شذى عوض اعتراضاً على مشاهدة الطفل للتلفاز طالما أنها تحدث وفق لضوابط وقوانين مرعية. وقالت لـ (اليوم التالي): “من الضروري أن يشاهد الطفل التلفاز، لكنها يجب أن لا تكون خصماً على رغباته وممارساته، وأن تكون بشكل متوازن ومنتظم، لأن المشكلة تكمن في تأثير المشاهدة المستمرة على الطفل صحياً”. وأضافت: “كما يمكنها أن يؤثر إدمان المشاهدة في نفسيته سلباً، إذ يجعل منه طفلاً انطوائياً، فيشكل له الأمر هواجس في كبره”.

وقال شذى: “هناك آباء وأمهات يعتقدون أن مشاهدة التلفاز ملاذ آمن لأطفالهم بدلاً من حر الشمس التي يلعبون فيها”. وأرجعت تمسكهم هذا لخوفهم من تعلم عادات أخطر يمكنه أن يلتقطها من الشارع، لذلك تطالبتهم بتقييم الوقت وتنظيمه حتى يخرج للمجتمع طفلاً سوياً أشبع رغبته في اللعب والمشاهدة أيضاً، لا سيما أن كثيراً من الأطفال يحبون اللعب أكثر من المشاهدة، إلا أن بعض الأسرة تقوم بزجرهم إلى التلفاز وتعويضهم اللعب مع أندادهم بالمشاهدة.

مشاهدة غير رشيدة
مشاهدة الأطفال التلفاز بالنسبة للموظف صادق أحمد لها ارتباط وثيق بتناول الكثير من الوجبات والأكلات السريعة والتي غالباً ما تحضرها الأم لأبنائها أثناء استمتاعهم بالمشاهدة، فتقودهم إلى بدانة وينتهي الأمر بإصابة الكثيرين منهم بأمراض القلب والسكر. وقال: “هناك جوانب أخرى سلبية تتمثل في إهمال الأطفال للواجبات الدراسية بجانب الخمول الذهني الذي يؤدي إلى قلة التحصيل الأكاديمي، سيما وأن الطفل يجلس لساعات غير محددة ولا محسوبة، وهذا يحرمه من القيام بنشاطات أكثر نفعاً من المكوث في المشاهدة، كاللعب مع الأقران والجري والمشاجرة والتأمل والابتكار”. ويزيد غير أن كثيراً منهم يتأثرون باللغة والسلوك التي يشاهدونها، والأخطر من ذلك أن معظم الأسر السودانية لا تعي ذلك، وخير دليل على حديثي هذا المشاهدة غير الرشيدة للأطفال عند تركهم يشاهدون المسلسلات المختلفة وبرامج تتعدى استيعابهم ومقدراتهم، التي قطعاً لا تساعد في تطورهم ولا نمو ذهنهم بطرق سليمة.

في السياق، عدت خبيرة التغذية ريهام حسن تناول الأطفال للأطعمة أثناء مشاهدة الأطفال للتلفاز عادات سيئة وسلوكيات ضارة بصحته النفسية والجسمانية، ينشأون عليها سيما أولائك الذين وصلوا السابعة من عمرهم وما فوق. وقالت: “نفسياً يشكل الطفل عالماً آخر ليكون بعيداً اجتماعياً عن الأسرة والعالم المحيط به، ويحيط نفسه بعزلة تمنعه من مشاركة أقرانه اللعب وكذلك لا يندمج مع أسرته الصغيرة ويمارس اهتماماته وحياته بطريقة خاصة”. وأردفت: “مشاهدة التلفاز بإسراف تجعل الطفل يستنفذ كل طاقاته في الأكل، وبذلك يكون تناول كمية كبيرة من الأطعمة بغرض التسلية، فتظهر عليه علامات السمنة ثم يبدن بطريقة غريبة، ويظهر ذلك بوضوح في طفل في العاشرة من عمره، نتيجة لعدم الحركة”. وأضافت: “عند تناوله الأطعمة الغنية بالدهون مثل الجاتوهات والشكولاتة، بجانب الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية التي نجدها في الشيبس والفطائر والبيتزا، فينتج عنها زيادة في الدهون التي تتراكم بكثرة حول البطن”.

الخرطوم – إمتنان الرضي
صحيفة اليوم التالي