رأي ومقالات

كمال عمر (شيع غرامه الاتولد ساعته اللى مات)


لتوه أدرك كمال عمر أنه في حاجة ليشغل حيزا لا متناهيا من الجدل السياسي، ولكن لماذا فعل ذلك؟ لا أحد يعلم بالضبط، لأن منطق الدوافع الخفية هنا هو الأقرب لتفسير التصرفات المباغتة، أكثر من (حنك) الاتساق مع المواقف المؤيدة للحريات، والتفرغ للمنظومة الخالفة، وبمغادرته كمال مجموعة البرلمان قبل الدخول كمن ي”شيع غرامه الاتولد ساعته اللي مات” .!!
?لم يكن الرجل الأكثر حضورا في الإعلام بحاجة لهذا الموقف الاستعراضي، لأن المنظومة الخالفة التي تحجج بها ليست عملا منفصلا عن الواقع، وكان يمكن له أن يدعمها بذكاء عبر تجربة عملية، ويمهد لها من داخل البرلمان الذي يضم أطياف من الناس، قبل أن تنداح بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بجانب أن الاحتجاج على التعديلات الدستورية بهذه الصورة الدرامية، وفي هذا التوقيت يثير عاصفة من الشكوك حول سياسي شديد الطموح، وسيعتقد الكثيرون – بل هذا ما أشيع- أن مقعد البرلمان لا يليق بالأفوكاتو، لأنه كان مرشحا لوزارة سيادية -على الأقل- وبالتالي ستفهم استقالته بصورة مخزية أكثر من كونها مشرفة.
? كمال عمر وجوده في البرلمان مهماً لدرجة أنه يمكن أن يمنح المداولات والسوانح حيوية تفتقدها، ويبطل الكثير من القرارات السيئة، ويضفي على القبة الأم درمانية روح معارضة، وصوت أخر يكسب المجلس التشريعي أثره المفقود، لكونه أخر ما تبقى من الأمل، بجانب المناط به في مراقبة السياسات الحكومية والدفاع عن مصالح الشعب، ومحاسبة الدستوريين وتقويم أداءهم، وبالتالي فإن وجود كمال عمر ومرافعاته في البرلمان أهم من وجوده في مكتب صغير بالأنحاء الهادئة، مع التأكيد طبعاً بأن المعركة الحقيقية (يا داب ابتدت) .
? لا شك أن موقفه كمال سيجعل حزبه في حرج بالغ، سيما وأن المهندس شرف الدين بانقا اتخذ ذات الموقف ورفض الترشيح، ولا يوجد مفر من ذلك التفسير المتحامل على كمال وشرف الدين، بأن طموحاتهما كانت أكبر من هذا المتاح إن لم تكن معلقة بطيف وزارة مكتنزة بكل شيء، وسيفتحان بذلك المجال لشماتة يصعب ردها بالرجاءات، وحسن الظن .
?الملاحظة الأخرى والتي لم يأخذها كمال عمر بعين الإعتبار، أن تحججه بتشويه توصيات الحوار من قبل لجنة بدرية سليمان، لا يخدم المشروع الذي كان يعمل له الراحل الترابي، وهو اصلاح المنظومة الحاكمة من الداخل، وعبر مراحل متعددة، وكل المراقبين والمقربين بما فيهم كمال كانوا يعلمون أن المقترحات الدستورية واجتراحات الشيخ لن تمر بسهولة، حتى ولو تم إجازتها، وتضمينها، فمن المتوقع الالتفاف عليها بأي ذريعة، (طواري، حرب، استهداف خارجي) والأناشيد تلك، أو عبر دولة الحرس القديم العميقة داخل البرلمان وخارجه، لكن مجرد الجلوس في البرلمان والصدع بالحق وكلمة لا واشهار المباديء يمكن أن يزعج الحكومة ويرغمها على تهذيب سلوكها، بجانب أن المواد المنشودة ليست مطلوبة كنصوص خلابة، بقدر النفاذ إلى روحها وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، ومحاسبة المقصرين، وحراسة ما تحقق – على قلته- حتى لا تكون ثمة عودة للوراء، لأن هذه الأشياء لا تمنح كهدايا في عيد الميلاد.

بقلم
عزمي عبد الرازق


‫2 تعليقات

  1. موقف الاستاذ كمال عمر غير مفهوم والتبريرات التى ساقها كمال عمر غير مقنعة
    ربما هناك شيء اخر حتما سيظهر مع مرور الأيام و توالي الأحداث ،،،،،،،،،،،،،