الطيب مصطفى

الحركة الإسلامية وفقدان البوصلة!!


تملَّكتني الدهشة وأنا أقرأ تصريحات الشيخ الزبير أحمد الحسن حول دور الحركة الإسلامية وتوسّعها وتطوّرها، وقلت ليته صمت ولم ينبس بكلمة مما قال، فقد كان حديثه خصماً على الحركة التي فقدت – تحت إدارته الحالية – البوصلة واختلطت عليها الأوراق ولم تعُد تدري ما تفعل.

فقد قال الزبير لدى مخاطبته بالأمس الجلسة الختامية لمشروع (الهجرة إلى الله.. الوثبة الثانية بمحلية همشكوريب: إن المؤتمر الوطني يقود السودان نحو التصالح والوفاق والتعافي الوطني واستصحاب جميع القوى السياسية الموقّعة على مخرجات الحوار الوطني والوثيقة الوطنية في إدارة شؤون البلاد. وشن الزبير هجوماً على الممانِعين وحَمَلة السلاح، وقال إن الحركة منفتحة على جميع القوى السياسية السودانية.

بربَّكم هل يخفى على الزبير أن الحركة تخلَّت عن العمل السياسي وسلَّمته للمؤتمر الوطني الذي أنشأته ذراعاً لها يوم استولت على الحكم، فإذا به ينقلب عليها ويصبح سيداً عليها لدرجة أن يصبح أمينها العام في آخر عهدها مجرد نائب في برلمان يضم مئات الأعضاء بدلاً من أن يكون ممسكاً من علٍ بخطام الدولة محدِّداً وجهتها ومرجعيّتها وبوصلتها على غرار ما يفعل خامنئي أو الخميني في إيران؟.

وبالرغم من ذلك يملك الزبير الشجاعة ليرد على المتسائلين حول دورها وعما إذا كانت قد حُلَّت فيقول بجرأة يعلم أنها لا تقوم على ساقين: (ليس هناك اتجاه أو رأي بحل الحركة بعكس ما يروّج له المرجفون) بل إنه يتحدّى ويقول إن الحركة ستوسّع وتطوّر مواعينها للمضي قدماً إلى الأمام مع الحفاظ على جوهرها وفكرها وإنها باقية ومستقرة وقوية بأهل السودان وأهل القرآن).

بربكم ما الذي يجعل الزبير يخلط بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والحكومة ويدافع عن الحكومة والوطني وسياساته بالرغم من أن الحركة أسلمت الشأن السياسي للحزب الذي من المفترض أنه ذراعها السياسي، وما الذي يجعله ينبري للدفاع عنها محمِّلاً الحركة الإسلامية كل أخطائها وأوزارها وخطاياها وعجرها وبجرها وبضاعتها المزجاة؟! فليحدّثني الزبير عن أي يوم من الأيام تحدّث فيه الوطني في أي من منابره ولقاءاته السياسية عن الحركة الإسلامية التي يُفترض لأنه ابنها الذي أنشأته من العدم قبل أن ينقلب عليها ويعتقلها في سجنه الكئيب؟.

ثم عن أي توسّع وتطوّر في المواعين يتحدّث الزبير وأية قوة تلك التي تتمتّع بها الحركة التي قال إنها ستحافظ على جوهرها وفكرها !!!

أين هو ذلك الجوهر والفكر الذي يتحدث عنه الزبير والحركة باتت تابعاً للوطني وحكومته وتصر على أن تدافع عنه ظالماً أو مظلوماً متحملة في سبيل ذلك كل أخطائه بالرغم من أن هياكلها وأماناتها لا علاقة لها بما يصدر عنه وعن حكومته من قرارات وسياسات وممارسات؟!

أية قوة للحركة تلك التي يتحدّث عنها الزبير، وهي عاجزة مستكينة لتطاول بني علمان على الإسلام وشرائعه وشعائره ولتهكُّمهم وسخرّيتهم من (الفضيلة) والصلاة والتربية على قيم الإسلام ومبادئه؟!

حق لبني علمان والشيوعيين أن ينتاشوا الحركة الإسلامية بسهامهم وإشاعاتهم فهم لا يعادون الوطني إنما ظلوا يعادون طول عمرهم خصمهم الفكري والتاريخي المتمثّل في الحركة الإسلامية وبدلاً من أن تنأى بنفسها عن الوطني وحكومته وتدافع بالحق عن نفسها أنها ليست مسؤولة عن أخطاء الحكومة وعن الحزب الحاكم تصر على لف الحبل حول عنقها مانحة أعداءها باعترافاتها المجانية ودفاعها عن الحزب والحكومة فرصة للنيل منها وتأليب الناس عليها!

لمصلحة مَن يفعل الزبير ذلك ومَن منحه الحق في الانقلاب على مرجعية الحركة التي قضت بالخروج على السياسة وتسليمها للحزب الحاكم مكتفية بالدعوة بعيداً عن السياسة وتضاريسها ثم تحمل أوزارها؟!

صحيح أنني ظللتُ وآخرين نقول إن تخلّي الحركة عن السياسة والفصل بينها وبين الدعوة يعتبر توجُّهاً علمانياً ولكن أن تخرج من السياسة ولا تكون لها علاقة عضوية وهيكلية بالشأن السياسي ولا تخضع برامج وخطط وقرارات الحكومة قبل أن يُصار إلى انفاذها لمؤسسات الحركة ثم بعد ذلك تُحاسب عليها أو قل تعتبر ما تقترفه الحكومة مرضياً عنه من الحركة مدافعاً عنه أمام الملأ والتاريخ فإنه أمر غريب بحق.

يعلم الزبير أنني لم أكتب ما أكتب الآن إلا حرصاً على مصلحة الحركة التي تقلّدتُ في هياكلها وتنظيماتها مراكز قيادية رفيعة قبل الإنقاذ وبعدها وخارج السودان وداخله ثم فارقتها وخرجت عليها لأسباب ليس هذا محل طرحها. لقد عانت الحركة الإسلامية من الانشقاقات ولعل أحد أهم الأسباب أنها لم تحدّد العلاقة بين ما يسمى بالحاءات الثلاثة (الحركة والحزب والحكومة)، وقد كتب أبرز مفكّري الحركة الإسلامية أمين حسن عمر الذي سبق لشيخه الترابي أن وصفه – حسب رواية الأخ خليفة الشيخ مكاوي – بأنه أفقه أبناء الحركة الإسلامية .. كتب أمين عن العلاقة بين الحاءات الثلاثة مقارنا بين التجربة المغربية والمصرية والتونسية وأذكر أنني ذكرتُ ذلك قبل أيام في لقاء جمع بعض الإسلاميين وآن الأوان لتكوين لجنة للنظر في العلاقة ببن تلك الحاءات وحبذا لو ترأسها الأخ أمين حسن عمر .

إن على مؤتمر الحركة القادم أن يعكف على هذا الأمر ولا ينبغي أن تحمل الحركة أوزار الحكومة بالرغم من أنها ليست جزءاً منها فقد شوّهت صورة الحركة بتلك العلاقة الشائهة للأسف الشديد.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. الطيب مصطفى زعلان شديد شكله ما اكل من الكيكه. هوهو قاصد الحكومه. معليش شوف غيره الحكومه الأيام الجايه ح تغلط وخليك جاهز واردمه