رأي ومقالات

ولكن للصبر حدوداً …!!


شتم أحد الدهماء الأحنف بن القيس، وكان هذا حكيماً وحليماً، ولم يرد على شتائم الشاتم .. وسار على طريقه كاظماً غيظه وغضبه، فتبعه الشاتم وكان مازال يشتم ويسب ويلعن بتطرف وحماقة..

وعندما شارف الأحنف على مضارب قبيلته، وكان الشاتم مازال في شتائمه وسبابه وحماقته، التفت إليه الأحنف متوسلاً وناصحاً: (يا هذا، إن كان قد بقي في نفسك شيء فقله، كي لا يسمعك أحد من القبيلة ويؤذيك ).. وإن كانت الحكومة السودانية ودبلوماسيتها تبدو في نظر نظام السيسي ومخابرات مبارك وإعلامها كما (الأحنف)، فهم لا يعلمون بأن الأحنف اقترب من ..(مضارب قبيلته)..!!
> وكما قال الرئيس البشير قد تصبر الحكومة على مكايد المخابرات المصرية وشتائم إعلامها واحتلال حلايب، ولكن هل يصبر الشعب السوداني على صبر هذه الحكومة وحماقة تلك الحكومة ومخابراتها وإعلامها؟.. فالحقيقة التي يجهلها هاني رسلان ومن يسمونهم المختصين في الشأن السوداني، هي أن الشعب هنا متقدم على حكومته في مواجهتهم ــ بكل الوسائل التي يختارونها ــ حتى يعود مثلث حلايب إلى حضن الوطن، ثم فرض سياسة الصاع بالصاع والمعاملة بالمثل.. وقد تصبر الحكومة السودانية ويصمت إعلامها، ولكن لن يصمت الشارع السوداني وإعلامه ما لم ينتزع الاحترام قبل حلايب..!!
> وقد صبرنا على سفهاء الإعلام واحترمنا حقوق الجار، كما تفعل حكومتنا وإعلامها حالياً، ولكنهم فسروا الصبر والاحترام خضوعاً وخوفاً.. وإن كان هاني رسلان خبيراً في الشأن السوداني، فليتابع أرشيف الأزمات ويحكم .. رسلان يعلم أنهم يحتلون حلايب، ويستحقون ــ على هذا الاحتلال ــ الإساءة (يومياً)، إلا أن الإعلام السوداني لم يُبادر بالإساءة لحكومة مصر يوماً ما.. وما من سجال بين إعلام البلدين إلا وقد كان الطرف البادئ بالإساءة (مصرياً).. وكثيراً ما نجد أنفسنا في معركة مع سُفهاء الإعلام المصري في قضايا لا ناقة لنا فيها ولا جمل.. وعلى سبيل المثال، تهزمهم الجزائر في كرة القدم فيغطون أسباب الهزيمة بالإساءة إلى بلادنا .. وهذا موثق..!!
> وتقصد الشيخة موزا بعض مناطق الآثار بالسودان فيغضبون على الشيخة موزا بالإساءة إلى تاريخنا، وهذا موثق .. ويزرعون بمياه الصرف الصحي فتحظر كل دول الدنيا زرعهم فيغضبون ــ على الحظر الجماعي ــ بالإساءة إلى بلادنا فقط، وهذا موثق .. وهكذا .. لم يُبادر إعلامنا إطلاقاً بالهجوم في كل المعارك الإعلامية الفائتة رغم توفر أسباب المبادرة، ومنها احتلال حلايب.. ومرد ذلك أن رسلان وبعض جهلاء مصر يظنون أن السودان (ابنهم الصغير)، وعليه أن يصبر ويتحمل تصرفات (الأب) صائبة كانت أو خائبة، وهذا ظن خاطئ ثم مغلف بمزاعم العلاقات الأزلية والأخوية وغيرها من (الأشعار الكاذبة)..!!
> أشعار الطفولة ليست بذات مذاق مرحلة الطفولة .. وعندما يبلغ طفلنا سن الوعي لا يجد أشعار الطفولة ذات الصلة بعلاقة البلدين في واقع الحياة، ولكنه يكتشف أن وراء كل أزمة أو مأساة أو كارثة سودانية (جهات مصرية).. هكذا حالنا مع أنظمة مصر ومخابراتها وإعلامها منذ استقلال بلادنا.. نؤازرهم في حروباتهم ونفرح لهم في انتصاراتهم ونحزن معهم في مصائبهم، ثم لا نجدهم في (مواقف الضيق)، أو نجدهم بحيث زادوا حرائق أزماتنا (حطباً وبنزيناً).. أو يستغلون صراعاتنا السياسية بالاحتلال ودعم الحرب وليس السلام، كما يفعلون حالياً في الجنوب و(جبال النوبة)..!!
> مواقف مصر الرسمية في قضايا السودان لم تعد مخبوءة.. بمخابراتها تصول في جبال النوبة وجنوب السودان، وبدبلوماسيتها سعت لإعادة الحظر على السودان، وبإعلامها تحرض وتسيء .. ومكاتبها وشققها مأوى المعارضين والمتمردين.. وهكذا بدد الوعي العام هنا كل أوهام (العلاقات الأزلية)، وكشف تلك الأوهام بحيث تبدو ــ حتى لعقول تلاميذ مدارس الأساس ــ علاقات (الأذى لينا).. ولهذا من الطبيعي أن يشيِّد شعبنا جداراً من أزمة الثقة بينه وبين مصر.. وستظل قضية حلايب (أم القضايا) والامتحان الأساسي لنخب مصر إن كانت صادقة في العبور بالبلدين والشعبين إلى (بر التعايش)، أم ستظل تقبع بهما خلف جدار مخابراتها حتى ( ينفذ الصبر)..!!
> حلايب هي الامتحان .. ومصر لم تُحرر طابا بالحرب، فلماذا لا تختار طريق الحل المتفق عليه دولياً؟.. نعم، ليخرج نظام السيسي من مطرقة الرأي العام المصري وسندان أزمة ثقة الرأي العام السوداني، فالطريق إلى حل قضية حلايب يجب أن يمر بالتفاوض المباشر أو بالتحكيم الدولي (عاجلاً).. وإن كانت مصر في عهد مبارك ترفض اللجوء إلى التحكيم الدولية وتبرر رفضها بتبرير فحواه: (البشير ومبارك اتفقا على أن تكون حلايب منطقة تكامل)، فإن هذا التبرير يتناقض مع وضع المثلث الراهن.. هي ليست منطقة تكامل ولن تكون.. هي سودانية، وعلى مصر إثبات مصريتها بالتحكيم الدولي قبل أن (ينفذ الصبر)..!!
> وكانت الحكومة هنا قد شكلت لجنة لحسم قضية حلايب بالدبلوماسية، ولكن أعلنت مصر رسمياً ــ في أبريل 2014م ــ عن رفضها التفاوض المباشر مع السودان حول مثلث حلايب، وأصدرت خارجيتها بياناً بالنص: (حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي)، وكان هذا رداً على طلب الخارجية السودانية للتفاوض.. وكان الجديد في هذا الرفض، أن مصر ــ منذ احتلالها المثلث ــ لم تكن ترفض التفاوض بوضوح، بل كانت تراوغ و (تلف وتدور)، ثم تمارس التخدير.. وعليه، بما أنها ترفض الآن التفاوض المباشر وكذلك التحكيم الدولي، فليكن مجلس الأمن هو خيار ما قبل (نفاذ الصبر)..!!

الطاهر ساتي
الانتباهة


‫7 تعليقات

  1. لله دراك يالطاهر ساتى. لقد سرت حقائق كلها مؤثق.ان دل ذاك إنما يدل على وطنيك.ولم تهتم بمصلحك الشخصيه كما يفعل الآخرين من الصحفيين.
    وهناك نقط مهم جدا. هى ان هذا الجيل لا يعرف مصر ولايعرف علاقه ازالية او علاقه قويه قديمه. نحن جيل الوطنيه هى الأول عندنا. لا نقبل الدونيه ولا الاهانه ولا الاستفزاز لوطننا اوشعينا.

  2. يا استاذ الطاهر البلد نصها ممكن اضحي بابو حلايب
    عشان مصالحه ولك في الهندي وبنت شداد ومعظم كوادر الاتحاديين وغيرهم وهلاء هم المقويين المصريين علينا
    سووا صفوفكم اول ثم ناضلو من اجل حلايب
    نحن عادينا اسرائيل لانها احتلت فلسطين
    فكيف لمن يختل بلادنا
    مصر بالنسبة للسودان عدوة مافي ذلك شك
    وما زال هناك من يعتقد غير ذلك
    لاتوجد ازمة بين السودان ومصر يوجد احتلال هذا هو المسمى الصحيح
    والاتحاديين مفروض اول من يقف ضد ذلك هذه دوائرهم
    فان لم يكونوا في الطليعة فعلى الاقل مع الصفوف

  3. يا استاذ الطاهر هانى رسلان مصاب بدوار واسهال مزمن بسبب سقوط مبارك وبقاء البشير فلقد ظل هذا الرسلان يتمشدق بالحريه والديمقراطيه الموجوده فى مصر وغير موجوده فى السودان وظل يزكرنا فى كل مناسبه بأن البشير وصل للسلطه بانقلاب عسكرى حتى لو كان الموضوع عن زراعه البطيخ فى الاكوادور والآن وبعد أن حول السيسي مصر الى اكبر سجن فى التاريخ واكبر حظيره للحمير الساده والمخططه لم يعد رسلان يتحدث عن الحريات كما كان بل يمارس البلطجه المصريه المتكلسه والتى اصبحت تصيبه هو نفسه بالأمساك لعلمه بعدم جدواها .

  4. لا فض فوك يا أستاذ الطاهر .. ورثنا و للأسف نتائج الفهم الخاطئ للحكومات المصرية و مخابراتها من حكوماتنا المتعاقبة المنبطحة خوفا من قوة مخابرات مصر المزعوم و قوة جيش مصر المهزوم .. أستطيع أن أقول أن الأيام ستثبت لنا أن قوة مخابرات الصرف الصحي خواء و أن أفراد جيشها عبارة عن أصحاب كروش مترهلة لا يستطيعون مجاراة من قاتل لأكثر من خمسين سنة في أحراش الجنوب .. و أقول لسعادة الرئيس البشير أرسل لهؤلاء الكلاب قوات الدعم السريع لتسومهم سوء العذاب و لنريهم شيئا مما يجهلونه و ما الدعم السريع الا شيئ من حتى

  5. كعادتك دائماً استاذنا الطاهر .. تكتب فتجيد وتقنع لمن يعرف شي اسمه المنطق ..
    أما ” رسلان” فكما قال الأستاذ/ أبو عمر .. مصاب بدوار واسهال ..
    عموماً .. سلمت يداك ، فقلمك يعكس نبض الشعب السوداني قاطبة .. إلا من شذ
    ولكل قاعدةٍ شواذ ..
    والأمة لا تجتمع على باطل ..