الصادق الرزيقي

لم يستبق شيئاً!!


تتحدث بعض الأحزاب التي شاركت في الحوار ووجدت نصيباً ضئيلاً من السلطة أو التي لم تجد، عن أن المؤتمر الوطني استأثر بجزء كبير من (كيكة الحكم) ولَم يعط الآخرين شيئاً،

بل ذهب الأخ عبد الله علي مسار رئيس حزب الأمة الوطني ورئيس لجنة بالبرلمان إلى أكثر من ذلك، واصفاً حصة المؤتمر الوطني بأنها اللحم والعظم ولَم يلق للآخرين إلا فتات اللحم و (الكرشة) كما قال، ملمحاً إلى أن مفاصل السلطة كلها بيد الحزب الكبير، ولعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها لكن أخلاق الأحزاب السياسية التي سارت في ركاب وقافلة المؤتمر الوطني تضيق، عندما تكون السلطة موزعة على شركاء كثر ولا تتسع مواعينها للجميع .
> وحتى نكون موضوعيين أكثر، نقول إن ما قدمه الحزب الحاكم لشركائه لم يحدث في أعرق البلاد الديمقراطية في العالم، فلا يوجد حزب كبير يمتلك مشروعية وشرعية انتخابية كاسحة يتنازل طواعية عن نسبة تصل إلى أكثر من ٤٥٪‏ من سلطته لأحزاب وتنظيمات سياسية مختلفة لم تختبر شعبيتها ولَم يُقس حجمها على أي ميزان جماهيري، فقط لأنها شاركت في الحوار الوطني وجلست مع الآخرين على مقاعد قاعة الصداقة وتوجد توقيعات باسمها على دفاتر الحضور ومحاضر الاجتماعات .

> لا يوجد حزب في عالمنا الفسيح لديه السلطة كاملة، يتخلى عنها طواعية ويوزع نصيبه منها حتى يكسب لصالح الوطن أحزاباً أخرى ويلجم صوت السلاح والاحتجاج والتمرد .! ولا يوجد حزب سياسي في التجارب الديمقراطية وممارسة فنون الحكم يتبرع بما عنده لإرضاء أحزاب أخرى منافسة له في الملعب السياسي، ويقويها ويضخ في أوردتها عصارة الحياة وإكسيرها!!
> ما فعله المؤتمر الوطني كما يقول عدد كبير من المراقبين مروءة سياسية وكرم حاتمي لا حدود له، فغرماؤه بالأمس هم أصدقاؤه اليوم، فهناك أحزاب ما كان سيكون لها وجود ولا يُسمع لها ركز، لو لم يحملها الحزب الحاكم على ظهره لسنوات طويلة ويطعمها ويسقيها سنين عددا، ثم تأتي لتعض أياديه البيضاء من غير سوء كما يفعل بعض الغاضبين اليوم أو من فاتهم قطار المشاركة في السلطة التنفيذية.

> لقد خسر المؤتمر الوطني جزءاً كبيراً من السلطة، وخسر بعض قياداته وقواعده التي كانت تريد الإبقاء على الأوضاع كما هي قبل الحوار الوطني، لكن التجربة دلت على أنه كلما كان هناك تنازل للصالح العام ومن أجل الوفاق والتلاقي الوطني، ازدهرت فرص السلام والاستقرار والأمن والطمأنينة .
ليت الأحزاب السياسية الشريكة في الحوار تسكت عن هذه الأمور ولا تزايد على الحزب الذي تعاون معها وأخرجها إلى آفاق السلطة والمشاركة في إدارة الدولة، فقد كان بإمكانه تركها كما هي تكابد وتجتهد من أجل مواجهة الجمهور
> ومعرفة أوزانها الحقيقية التي قد لا تؤهل الكثير منها للمشاركة في إدارة وحكم جزء صغير من إدارية أو محلية .

> وكان بإمكانها وهي بعدد قطع الفسيفساء أن تتوحد في ما بينها وتنافس في الانتخابات أو تتكتل في تكتلات جبهوية وتشارك في الانتخابات، لكن المؤتمر الوطني وهو القاسم المشترك الأعظم لديها، هو الذي جمعها ووحدها ودعمها سياسياً حتى صارت لها أنياب وأظافر تنهش بها الأيادي التي ساعدتها .

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة