تحقيقات وتقارير

رجال حكومة الوفاق.. مبارك الفاضل.. (الاستثمار) في قبضة (بلدوزر)


لو وُضع وزراء حكومة الوفاق الوطني في قائمة قابلتها أخرى تحوي المناصب، لما وصلنا السيد مبارك عبد الله الفاضل، إلا بوزارة الاستثمار. وبالفعل جِيءَ بسليل البيت المهدوي، ليكون قائماً على أمر الاستثمار في بلاد انفتحت عليها المشروعات من كل حدب وصوب، وحتى استثمارات بلاد العم سام، يُنتظر أن تنبت في الأراضي السودانية.

براجماتي
يُقال والعهدة على الراوي، إنه ما خُيّر (البلدوزر) مبارك الفاضل، بين أمرين، إِلَّا واختار أكثرهما جلباً للمصلحة، ولذلك تتوزع الآراء حوله بين (براجماتي) دون سقوف، و(ذرائعي) قادر على توظيف الأدوات والوسائل للنفاذ إلى أهدافه، وعله اكتسب بسبب ذلك توصيفه بأنه تنفيذي لا يشق له غبار، ولكن لا غرو أن أكثر الوسوم التصاقاً بالفاضل كونه سياسياً يعاير الأمور –دائماً- بالمنظور الديني الخاص بفقه أقل الضررين.

سر اللقب
لا يُعرف على وجه الدقة كيف نُسّب الفاضل إلى البلدوزر، ولكن قرائن الحال تشير إلى مقدرات فذة لدى الفاضل، تجعله يجرف كل ما تعاهد عليه الناس بما في ذلك قناعاتهم الراسخة رسوخ الأصابع في الراحتين، كقوله المزلزل دون طرفة رمش إنه يمتلك واصلة قوية باستخبارات الدنيا إقليميّها ومحليّها.

علاقة ملتبسة
كعب أخيل عند الفاضل، بلا شك، يتمثل في علاقته الغائمة والملتبسة بابن العم الإمام الصادق المهدي، وإلى هذه العلاقة يرد دخول وخروج الفاضل غير ما مرة من حزب الأمة القومي، حتى إن بعض الآراء تذهب مباشرة إلى أن مواقف الفاضل قرباً ونأياً من الحكومة تتناسب عكسياً مع مواقفه من الإمام.

وإن لم يقلها مباشرة، فالفاضل يظل مطروحاً كبديل قوي للمهدي، على الأقل لدى أنصاره من حَمَلة لواء الإصلاح والتجديد في الأمة.

ولا يُخفي الفاضل تبرمه من مكوث لقب الإمام في بيت العم، مع أن كسوبه من لدن الجبهة الوطنية مروراً بالتجربة الديمقراطية، وليس نهاية بالتجمع الوطني الديمقراطي؛ حقيقة بتقديمه متى شخصت أبصار الأنصار باحثة عن الرجال أو الحق الذي يُعرف بالرجال.

سليل المهدي
مع أنه لا يعرف الحلول الوسطى ــ وقد ينجر إلى أكثرها بعداً عن التوقعات ــ أبصر الفاضل النور منتصف القرن المنصرم، في أوساط أسرة ذات باع في التصوف والسياسة ينادي روادها بأن يكون السودان للسودانيين، وقد كان بعد مولده بسنوات ست من أيلولة السودان لأهليه في العام 1956م.

ونال الفاضل تعليماً متميزاً في الجامعات الأمريكية، ولكنه لمَّا تخرج مازج بين الاقتصاد الأكاديمي والسوق، وبين إدارة الأعمال وإدارة تحالفات سياسية لا يزال هو صندوقها الأسود، وصاحب القدرة على تسويد كثير من بيّضت السياسة وجوههم، متى أفصح عن مكنونات صدره.

مهندس سياسي
بداية ذيوع اسم الفاضل، كان مع أحداث يوليو 1976م أي ما عُرف بـ(المرتزقة)، حيث هندس الطريق أمام العقيد محمد نور سعد، وقوات الجبهة الوطنية لتجتاح الخرطوم في الثاني من يوليو العام 1976م، ولكن تفاصيل صغيرة هزمت الخطة، فانحاز الشاب الأنصاري مع بعض (الأحباب) إلى فئة المتحيزين لليبيا، بذات الوقت الذي كانت سنابك النميري تدك فيه دار الهاتف، وتردي قائد العملية. فمايو النميري وإن تخلت يومذاك عن الشيوعيين، ما تخلت عن مسيرتها المخضبة بالأحمر.

وحين عرف المهدي والفاضل، أن (دواس) مايو لا يأتي بالنصرة، قفلاا راجعين، في 7/7/1977م. ومن على يخت، أبحرا مع (الزعيم الأوحد وحادي الاتحاد الاشتراكي)، على أمل قيادة عملية إصلاح وترميم من الداخل، ولكنهم رموا بتقلبات النميري الذي انقلب على الجميع، وديمقراطية اقتلعها الناس بصدورهم العارية في 1964م.

ولما تقارب أمير المؤمنين النميري مع الإسلاميين، وأعلنها شريعة، عرف أبناء العمومة أن الدنيا لن تكون مهدية، ومن بعد سنوات كانت للتنكيل، ثار الناس على النميري واقتلعوه في ثورة شعبية مجيدة العام 1985م، ولما جرى وضع صندوق الاقتراع في العام 1986م آبت رئاسة الوزراء لمرة ثانية للمهدي، الذي كان على يمينه في هذا المشهد الرجل (الفاضل).

ديناميكية
غالب الظن أن لقب البلدوزر التصق بالفاضل في سنوات الديمقراطية الثالثة بسنواتها الثلاث، حيث شغل الرجل مناصب عديدة، وتارات جمع بين مناصب تعتبر لمشقتها شقيقة بالرضاعة، فضلاً عن تحركاته المحمومة خارجياً وداخلياً.

وحين تحرّك العميد الركن عمر البشير بإيعاز من الإسلاميين للانقلاب على المهدي في يونيو 1989م؛ لم يجد الضابط المظلي صعوبة تذكر في استلام سلطة الإخوة المتشاكسين، بل واستلام كل قادتها بمن فيهم رئيس الوزراء، ولكن الوحيد الذي أفلت وقتذاك كان وزير الداخلية مبارك الفاضل، الذي لعب دور وزير الدفاع بتحذير المهدي من تحركات الجيش.

ولمّا لم يصغ إلى كلامه، وضع انقلابيو الإنقاذ المهدي في الحبس، هو وقادة الأحزاب أجمعين ـــ بمن فيهم الترابي ــــ ولكن الفاضل ذاب كخيط دخان، وتمكن من الانسلال للخارج ووضع اللبنات الأولى للتجمع الوطني الديمقراطي المعارض.

وحين خرج د. حسن الترابي إلى القصر منهياً المسرحية ومعلناً الجبهة الإسلامية كاتباً رئيساً لسيناريو الانقلاب، لم يجد قادة الأحزاب سوى اللحاق بركب الفاضل الذي هندس لهم حلفاً وظّف له كل قدراته التفاوضية، وصلاته الخارجية، ثم ما انتهى حتى وضع عيون كل البصّاصين لتصيب الحكومة بعيونها، هذا وإن كان صاحب الشفاء السيد صلاح أحمد إدريس يشكو من عيون الفاضل التي تسببت في دك مصنعه بالصواريخ الـ (توماهوك) وهو مما اعتاد أن يبرأ منه مبارك بُرء السقيم من المرض.

المهم أن ذلك الحلف (التجمع الوطني الديمقراطي) لم يكن له نظير، إذ مازج بين المعارضتين المدنية والعسكرية، ولكنه انتهى مع كل تلك المقدرات إلى التفكك، وكانت إحدى أكبر ارتكاسته، لما قاسم الفاضل ابن عمه الأمر مطلع الألفية، لا طمعاً في الرئاسة وإنما أملاً في الإصلاح، غير أن المحصلة أن صف الأمة انشق، ومن ثم ارتأى أهل الإصلاح والتجديد دخول قصر الرئاسة في العام 2002م، وهو دخول لم يستمر خلا عامين، فانتهى الحال بالفاضل من القصر إلى الأسر، حيث جرى اتهامه بالتخطيط لعملية تخريبية أرادت الوطن بالانقلاب على انقلابيي العام تسعة وثمانين.

حليف قوي
مجدداً؛ عاد الفاضل إلى بؤر الضوء، بمعاونة الحركة الشعبية التي خلقت الحدث في العام 2005 بتوقيع اتفاق سلام شامل أنهى عقدين من الصراع في البلاد.

على أيامها ظهر الفاضل كحليف قوي للشعبية، وكاقتصادي يحرك رساميله شمالاً وجنوبًا، وحين قرر الجنوبيون التصويت للانفصال بذات النسب التي يتحصلها الحكام الديكتاتوريون في الانتخابات حوالي 99%، ذهب الفاضل مع مصالحه جنوباً، ولم يؤُب إلا بعد ثنائه على الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس عمر البشير، مع مواقفه الموجبة من “الوثبة” التي تجعله أكثر قرباً من أقرانه للقفز في مقعد وثير بحكومة الوفاق الوطني.

في الكابينة
ينفي القيادي الشاب في حزب الأمة القومي، عبد الجليل الباشا، عن السيد مبارك الفاضل، صفة (البراجماتية)، وينعته بأنه واقعي وذو قراءات سليمة للواقع، ومما قاله لـ (الصيحة) إن بعض رؤى الفاضل التي أطلقها قبل عام من اليوم، تمشي حالياً بين ظهرانينا.

وفي ذات الوجهة، يذهب الصحفي المهاجر، اللصيق بقضايا حزب الأمة، محمد الماحي الأنصاري. بقوله في حديثه مع (الصيحة) بأن الفاضل (أحق) بالحصول على حصة كبيرة من (كيكة) السلطة التي قال البشير إنها في الأصل صغيرة.

فالفاضل ــ والكلام للأنصاري ـــ ذهب تلقاء السلطة كونه يرى تغييراً هيكلياً مهماً في توجهاتها بتقديم العسكريين مع تقزيم الإسلاميين الحركيين. وفي الصدد نوه إلى التوافقات الكبيرة بين رجل الأمة ورئيس مجلس الوزراء القومي، النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح، على نحو ما جرى في لقائهما الثنائي بمجرد وصول الفاضل من جولة خليجية، وهو ما يعكس أهمية الفاضل حتى لو قورن باللجنة التنسيقية العليا لمخرجات الحوار الوطني.

وعليه، فإن خيار الفاضل في الاستثمار يظل من أفضل الخيارات الحكومية الأخيرة التي لا علاقة لها بالمحاصصات، حيث يخبر البلدوزر الاستثمارات جيداً، ويرفد ذلك كله بعلاقات خليجية وغربية جعلت كثيرين يرون فيه (كرزاي السودان).

الخرطوم: مقداد خالد
صحيفة الصيحة


‫3 تعليقات

  1. الاستاذ مبارك الفاضل المهدي السلام علبكم
    نهنئكم بمنصب المسؤليه الجديد القديم الذي جاء هذه المره في وقت انفتحت
    فيه ابواب الاستثمار علي موارد السودان الغنيه المتعدده وتحتاج الي رجل يهئ المناخ الاستثماري ويدير ويحدد اولوياته باحترافيه وعلم ونامل ان
    يتم علي ايدكم اجتياز (عقبه عنق زجاجه) اقتصاد السودان !!!وان يكون اختيار حزبكم في شخصكم موفق .
    جاء في الانباء اليوم ان اللجنة العليا للإشراف على ملف علاقات السودان مع دول الصين والهند وروسيا اعلنت عن اتجاه لإنشاء فرع للبنك الصيني للتنمية بأفريقيا في الخرطوم !!وقال عوض الجاز نائب رئيس اللجنة أن إنشاء الفرع سيساعد على تسهيل المعاملات المصرفية وهذه بلاشك خطوه عمليه في الاتجاه الصحيح لبناء قوه السودان الاقتصاديه الذاتيه التي تجعل منه رقم يصعب تخطيه في اي اعاده ترتيب اقليميه متوقعه ونحن نعايش اعتذار البشير عن القمه لاسباب خاصه !! فزياده الاستثمارات الصينيه في الزراعه والتصنيع الزراعي مؤشر جيد وتعتبر قدوه حسنه لتشجيع المصارف المماثله في الهند والبرازيل ودول الاتحاد الاوربي مجتمعه ومنفرده كذلك صناديق الاستثمار الخليجيه عامه بالاضافه لفتح ابواب الاستثمار الحلال للمصارف الاسلاميه التي تملك فوائض اموال ضخمه تعيد تدوريها مجبره في اسواق الغرب الربويه لعدم وجود فرص استثماريه شرعيه بالخليج والمنطقه العربيه مبنيه علي دراسات جدوي مدعومه بضمانات بنكيه او عقاربه او مؤسسسات ضمان معترف بها.
    الصيغ الشرعيه كالمزارعه والاستصناع و غيرها من صيغ التمويل الشرعي المستحدث تستطيع ان تمول الاف شباب للسودان لزراعه البنجر وصناعه استخراج السكر منه في مساحات صغيره بحجم عشره فدان مثلا ومصانع صغيره لانتاج سكر البنجر للاستهلاك المحلي كونه ارخص وللصادر لدول الجوار .كذلك تمويل الاف الشباب لزراعه البطاطس بمساحات صغيره وتصنيعها للتصدير للاسواق المحيطه بالسودان. وايضا تمويل الاف من الشباب لزراعه البطيخ والشمام مع انشاء مصانع كرتون او اخشاب للتغليف النوعي التصدير !!وايضا تمويل بيوت محميه باحجام متوسطه لزراعه خضروات للصادر مع تمويل مصنع تغليف حديثه وهكذا لعشرات المنتجات الزراعيه والبستانيه والحبوب الزيتيه والقمح والارز وتربيه الحيوان والاسماك والدواجن الي نهايه سلسه الاستهلاك والوفره!! مجال الاعمال والاستثمار الزراعي الصناعي في السودان كما هومعلوم مفتوح للمصارف العربيه والاسلاميه والعالميه وواعد لايجاد فرص ايتثماريه لمئات الالوف من الشباب لدخول قطاعات الانتاج الزراعي الصناعي .. ومشوار الالف خطوه يبدا بخطوه واحده او بمصرف محلي او اقليمي او عالمي واحد يتبعه اخرون ان تبنته الدوله كاستراتجيه عمل . والله الموفق وهو المستعان.

  2. شكرا (ود نبق)دايما تعليقاتك فيها رؤية شخص محب لبلده…ينظر بتفاؤل للمستقبل….تمنياتي لك بالتوفيق…نتمني أن تري أفكارك و مقترحاتك النور

  3. الأخ ود نبق تحية طيبة واشكرك على اقتراحاتك الجميلة ونتمنى للسيد مبارك الفاضل التوفيق والنجاح ولحكومة الوفاق بشكل عام التوفيق والسداد