عالمية

الشيخة موزة وأنجلينا جولي ومعركة الاهرامات


أثارت تقارير عن عزم نجمة هوليود، الممثلة أنجلينا جولي، المشاركة في فيلم عن تاريخ السودان ضجة في مصر، ويقول مهند هاشم، الصحفي في القسم الأفريقي في بي بي سي، إن الجدل انصب على من يمتلك أكبر اهرامات.

وتأتي الإشارة إلى أن تصوير الفيلم في السودان لإظهار مساهمتها في الحضارة الإنسانية كحلقة جديدة في التوتر بين المصريين والسودانيين بشأن قضايا خلافية بينهما،

وكتبت أكثر من صحيفة عن أن شركة إنتاج قطرية ستمول الفيلم الذي قيل إنه سيكون من بطولة نجمي هوليود انجلينا جولي وليوناردو كابريو.

ويهدف الفيلم إلى الدعاية للسياحة التاريخية في السودان عبر سرد التاريخ النوبي القديم فيه.

ونشر سودانيون تغريدات حملت صورة تظهر جولي كملكة نوبية، وحملت روابط تقارير عن مؤتمر صحفي أكدت فيه نجمة هوليود وسفيرة الأمم المتحدة أنها ستزور السودان في مايو/أيار لتحديد مواقع تصوير الفيلم.

والتقت محطة تلفزيونية مصرية بالمصممة السودانية، سمر درويش، التي افادت تقارير أنها ستصمم أزياء جولي. على الرغم من أيا من هذه التقارير لم يؤكد.

تقرير في صحيفة القدس العربي “أنجلينا جولي تزور السودان هذا الشهر والخرطوم آخر من يعلم”

جولة أميرة صحراوية

وبدأت الضجة بهذا الشأن في مارس/آذار الماضي، عندما زارت الشيخة موزة بنت ناصر زوجة أمير قطر السابق، السودان بوصفها سفيرة للأمم المتحدة.

ونشرت صور زيارة الشيخة موزة إلى أهرامات البجراوية، الموقع الذي يضم أهرامات من مملكة مروي التي يرجع تاريخها الى الفترة بين 320 قبل الميلاد و 50 بعد الميلاد، في شبكات الإعلام التي تملكها قطر، كما انتشرت بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي.

بيد أن هذه الزيارة تعرضت إلى انتقادات شديدة وسخرية في وسائل الإعلام المصرية.

انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صورة تظهر جولي كملكة نوبية

وينظر العديدون في القاهرة إلى الخطوة القطرية في استثمار مبلغ 135 مليون دولار لتطوير المواقع الأثرية في السودان، بوصفها محاولة لتقويض قطاع السياحة في مصر وكجزء مما يصفونه بالجهود التي تبذلها الدولة الخليجية لتشويه سمعة مصر وقيادتها.
حجم الاهرامات

وتندر الإعلامي المصري، عزمي مجاهد، في برنامجه في تلفزيون العاصمة على أهرامات السودان عند عرضه صور الشيخة موزة قربها.

وقال “كل نجوم العالم لهم صورهم قرب إهرامات الجيزة ولكن الشيخة موزة التقطت صورة لها قرب (مثلثي جبن) في السودان”.

غضب المصريون من عبارة نسبت للشيخة موزة تقول “السودان أم الدنيا”

وإنصب وابل من التعليقات الساخرة على حجم الاهرامات السودانية، ما أثار وزير الاعلام السوداني، أحمد عثمان، الذي قال إن “إهرامات السودان أقدم من اهرامات مصر بألفي عام “، وهو زعم يجادل الآثاريون بشأن صحته.

وسارع سودانيون آخرون إلى الإشارة إلى أن بلدهم يمتلك مجموعة أكبر من الأهرامات ومجموعها 230 هرما.
“السودان أم الدنيا”

يتحدث المصريون دائما عن أنفسهم بفخر أن “مصر هي أم الدنيا”.

وسيدرك أي زائر لمصر تأثير هذة العبارة التي تكررت في السرديات الرسمية والشعبية المصرية وتجسد في مقولة مصر “حضارة 7000 عام “.

لذا أثارت عبارة كتبتها الشيخة موزة بخط اليد عن أن السودان “أم الدنيا” المعلقين المصريين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
منع صلصة الطماطم

وأظهر التراشق الكلامي بين البلدين الجارين توترات متزايدة بشأن مواقف خلافية من قضايا من أمثال:

مياه النيل

الفوضى في ليبيا، التي لها حدود مع البلدين

الصلات بدول الخليج العربية

صلات السودان مع الاسلاميين

وقد اتهم الرئيس السوداني، عمر البشير، مؤخرا مصر “بطعن بلاده في الظهر باحتلالها” أراض سودانية في منتصف التسعينيات.

وصف أحد الاعلاميين المصريين إهرامات السودان بأنها “قطع جبن مثلثة”

وكان البشير يشير إلى منطقة مثلث حلايب على شاطئ البحر الأحمر المتنازع عليها بين السودان ومصر، حيث يدعي كل من البلدين السيادة عليها.

وبعد الضجة التي اثارتها زيارة الشيخة موزة، دعا العديد من صفحات الفيسبوك في السودان إلى مقاطعة البضائع المصرية، وخاصة الفواكه والخضروات، زاعمين أنها ملوثة بمخلفات المجاري.

ومنذ مارس/آذار، علقت وزارة التجارة السودانية استيراد عدد من المواد من مصر، من بينها صلصة الطماطم (الكاتشاب) والطماطم والسمك.

وجاءت إجراءات الخرطوم في أعقاب إجراءات مماثلة اتخذت في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ودعا بعض السودانيين إلى فرض قيود على سفر المصريين إلى السودان.

اتهم الرئيس السوداني مصر “بطعن بلاده في الظهر”

وعلى الرغم من تقليل المسؤولين في البلدين من هذه الضجة في العلن وتأكيدهم على الروابط التاريخية بين الشعبين، الا ان السودان فرض رسوما على تأشيرة سفر الرجال المصريين إليه.

مصر غاضبة؟

وتغضب القاهرة من موقف الخرطوم بشأن عدد من القضايا، وفي المقدمة منها صلات السودان القريبة مع اثيوبيا، حيث يُبنى حديثا “سد الألفية الكبير” الذي قد يقلل حصة مصر من مياه النيل، وهو ما يعتبره حكام مصر لوقت طويل أكبر تهديد لبلادهم.

والقضية الثانية هي صلات السودان بالإسلاميين في مصر وداعميهم القطريين.

وتدعم قطر جماعة الأخوان المسلمين، التي حظرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد إطاحته بالرئيس محمد مرسي المنتمي لهذه الجماعة في عام 2013.

ولم يتحسس السودانيون بشدة من ذلك؟

يصف بعض المصريين السودان بأنه مقاطعة جنوبية لمصر، غير أن المصريين عادة ما يعدون البلدين بلدا واحدا كما كانا إبان الاستعمار البريطاني لوادي النيل.

وظل السودانيون يشتكون لوقت طويل من تعليقات عنصرية من جانب بعض المعلقين المصريين تسخر من بلادهم وحكومتهم.

وأحد ردود الفعل على الضجة الحالية انشار هاشتاغ تحت عنوان # أعرف السودان، في محاولة من السودانيين لرفع مستوى الوعي ببلادهم وتراثها.

BBC