عالمية

الجنّ يحتلون المنازل في المغرب


في المغرب إيمان شعبي واسع بالجنّ وقدراتهم الخارقة. تؤكد حنان، وهي أم لطفلين، أنّ منزلها كان الجنّ يسكنونه. تقسم أنّها شاهدت أكثر من مرة رفوف مطبخها تتحرك وحدها ومعها الصحون والكؤوس. تضيف أنّها كانت ترتعد من هذا المشهد في الأيام الأولى لسكنها.

تروي حنان لـ”العربي الجديد” كيف صُدمت في أول ليلة لها من تحرّك بعض الأشياء، من دون أن تجد لذلك سبباً، فاعتقدت أنّ الأمر يتعلق بهزة أرضية، أو بتحرك الأرض مع مرور شاحنات ثقيلة أمام المنزل. لكنّها بمرور عدة أيام وتكرار تحرك الكؤوس والصحون في المطبخ، وصرير الأبواب والنوافذ، بدأت تتيقن أنّ الأمر يتعلق بالجنّ، الذين يحاولون إزعاجها وإرغامها على الخروج منه. تتابع أنّها خيّرت زوجها بين أمرين، إما مغادرة البيت الجديد الذي اقتناه بشق الأنفس، وعبر قروض بالتقسيط، وهو أمر صعب جداً، أو أن يجد لمشكلة الجنّ الذين يسكنون بيتها حلاً.

تقول إنّ زوجها جلب بإلحاح منها عدة رُقاة شرعيين، وكان الوضع يهدأ كلما يتلو الراقي آيات قرآنية، ولا يحدث شيء أمامه، لكن بمجرد مغادرته تعود الحركة غير المرئية في المطبخ، إلى أن جاء أحد الرقاة المشاهير فوضع حداً للجنّ، وطردهم خارج البيت، كما تقول.

صمدت حنان في منزلها وانتصرت على الجنّ وطردتهم، لكنّ الجنّ تسببوا في رحيل أسرة من بيت كانت تقطنه في حي الفرح الشعبي بضواحي العاصمة الرباط. يقول رب هذه الأسرة لـ”العربي الجديد” إنّ رحيل عائلته من البيت كان اضطرارياً بعدما عاشوا الجحيم بعينه هناك. يسرد بعض تفاصيل ما كان يقع في البيت، ففضلاً عن الأبواب التي تغلق أحياناً بقوة من دون أن يظهر من يغلقها، كانت حوادث إشعال نار السبب الذي أدى مباشرة إلى اتخاذ قرار المغادرة نهائياً. فقد كانت نيران صغيرة تشتعل في الأركان فجأة من دون أدنى سبب.

يتابع أنّ ألسنة اللهب كانت أحياناً تظهر في أرجاء البيت، وعندما يهرع أحد أفراد الأسرة إلى إطفائها بالماء يجدها قد انطفأت وحدها، وهو ما استدعى العائلة إلى طلب نجدة فقهاء (يعملون في السحر) ورقاة لطرد الأشباح التي تعمر البيت. يتابع أنّ عمل الرقاة والفقهاء وحتى المشعوذين الذين أتوا للحدّ من شرور هذه الأرواح التي تتلاعب بالبيت بنارها، لم يُجدِ نفعاً، فبمجرد مرور وقت قصير حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه، فكان قرار ترك المنزل، وعدم بيعه فلا أحد يرغب في شرائه كما يقول.

يروي سكان في الرباط، خصوصاً في حي التقدم، عن حمام شعبي معروف كان يقصده الأهالي لغسل أجسادهم، وكانت تحدث فيه أشياء غريبة غير مرئية، مثل سماع صراخ يشبه صراخ أطفال صغار، وأيضاً حوادث تقع للمستحمين من دون سبب ظاهر. فكان بعض الرجال ينزلقون على الأرض، أو يتعرضون للصفع من أشباح لا يرونها، وفق ما يقوله بعض أهل الحي لـ”العربي الجديد”. أما النساء فكن يهرعن خوفاً من صراخ يصدر من جهة مجهولة. وهو ما أدى إلى تقلص عدد المستحمين هناك، ليغلق الحمام أبوابه قبل سنوات مضت، فشيّد مكانه مبنى سكني.

ليست المنازل والمرافق العامة وحدها ما يتحدث عنه المغاربة في كونها تؤوي “مخلوقات النار” بل أيضاً القصور الفارهة. ولعلّ أشهر القصص المعروفة في هذا الصدد قصة الملك الراحل الحسن الثاني مع قصره في مدينة أغادير، جنوب البلاد.

فقد راجت أحاديث كثيرة في عهده أن قصره ذاك كان مليئاً بكائنات الجنّ، حتى أنّه عُرف بعدم زيارته له لأنّ الجنّ تقطنه. في هذا الإطار بالذات، كان الباحث في التاريخ والثقافة الشعبية عباس فوراق قد ذكر في تصريحات صحافية سابقة حول قضية الجنّ وقصر الملك الراحل، أنّ بعضاً ممن حضروا إحدى جلسات طرد الجنّ داخل القصر عبر الرقية الشرعية، ذكروا له كيف أنّهم كانوا يرون الزرابي (السجاد والبسط) تطير من مكانها، وكذلك الأمر بالنسبة للكؤوس الفاخرة التي تقفز من مكانها وتتكسر أرضاً.

يضيف الباحث أنّه بحسب ما بلغه، استطاع الرقاة وكبار الفقهاء في المغرب أن يخلّصوا القصر من سكانه الغرباء من الجنّ، بدليل أنّ الملك الحالي محمد السادس أصبح، على عكس والده، يفضّل أن يقضي خلوته وراحته في قصر أغادير من دون أيّ مشاكل. يوضح أنّ هناك العديد من الظواهر الغيبية التي يصعب على العقل البشري استيعابها، وهنا يمكن إدراج قصر أغادير وما نسج عنه من حكايات لا يستطيع العقل ولا المنطق أن يصدقها في إطار تلك الظواهر، لكن من الصعب الجزم أنّ الجنّ تسكن الأبدان والقصور والقلاع، كما يقول.

العربي الجديد