زهير السراج

مفوضية شنو يا عضو يا محترم ؟!


* والله لم أعرف هل أضحك أم أبكي عندما استمعت لعضو المجلس الوطني (محمد الحسن الأمين)، يدعو لتكوين مفوضية لمكافحة الفساد، فكم من مفوضيات وآليات تكونت وانفضت، ولم نسمع يوماً أنها فعلت شيئاً أو قدمت مفسداً للمحاكمة، ورغم ذلك فإن عضو المجلس المحترم يقول في حديثه، إن وجود مفوضية لمكافحة الفساد، يخيف المفسدين (خوفاً) من الملاحقة القانونية، وكأن المفوضيات السابقة كانت تطارد وتلاحق المفسدين، بينما الكل يعلم أنها لم تكن سوى (همبول)، بل إن الهمبول أفضل وأعظم شأنا، على الأقل فهو لا يأخذ أجرا على ما يقوم به من عمل، ولا يستريح لحظة ليتناول وجبة الفطور، أو يتصفح الصحف أو يتسلى بلعب الكوتشينة على أجهزة الكمبيوتر في المكاتب الحكومية، أو يتبادل (النكات والشمارات) على تطبيق الواتساب في أجهزة الموبايل التي تدفع تكلفة تشغيلها الحكومة !!

* وبمناسبة حديث العضو المحترم، فإنني أتساءل، ما الداعي لتكوين مفوضيات وإهدار المال العام عليها، إن لم يجد مرتكبو الفساد المساءلة والحساب، بل يحظى معظم المفسدين (نكاية في الشعب) بالترقية والترفيع، ويظل جلهم جالساً على نفس الكرسي سنوات طويلة، كما يجد البعض التبرئة والحماية، والثناء والتقدير من أرفع المسؤولين في استفزاز وتحدٍ واضح للشعور العام، فما معنى ذلك؟!
* لقد ظللنا نسمع كبار المسؤولين يطالبون كل من يتحدث عن الفساد بإبراز المستندات، وسمعنا وشهدنا تكوين العديد من مفوضيات مكافحة الفساد، فلا الذين أبرزوا المستندات ــ رغم أن تقديمها ليس من اختصاصهم ــ وجدوا من يصغي إليهم، ولا مفوضيات الفساد فعلت شيئاً، ولم نسمع أنها وبخت مفسداً، دعك من تقديمه للمحاكمة، إلا إذا كانت مهمتها (دغسمة الفساد) لا مكافحته!!

* دعكم مما تنشره الصحف عن الفساد، مرفقاً في بعض الأحيان بالمستندات الممهورة بتوقيع كبار المسؤولين، فالصحف في نظر الحكومة خائنة وعميلة و(…..)، كما وصفها أحد الكبار قبل بضعة أعوام، وهي كلمة بذيئة يعاقب القانون على نشرها، فما الذي حدث في الحالات الكثيرة التي أوردها ديوان المراجع العام في تقاريره منذ استيلاء الجبهة الإسلامية على السلطة قبل 27 عاماً، أم إن التحقيق في القضايا يأخذ كل هذا الوقت، ووظيفة المراجع العام كما نعرف، وظيفة دستورية يحظى شاغلها بسلطات واسعة جداً، من ضمنها الاطلاع على كافة الدفاتر والمستندات والفواتير، والتحقيق مع أي شخص مهما كان المنصب الذي يشغله التي يشغلها، فهل سمعتم يوماً بحالة فساد واحدة من الحالات الكثيرة التي وردت في تقارير المراجع العام طيلة السنوات الماضية أحيلت الى القضاء، أم ما هو الغرض من تقارير المراجع العام، وديوان المراجع العام، والأموال الضخمة التي تنفق عليه؟!

* دعكم من كل ذلك، فقد يكون كل ما يقوله وينشره المراجع العام والصحف، (كلام مضروب) و(تقارير مزورة) ــ وشغل ناس حاقدين على المجتمع ــ فما بالكم بالقصور الفارهة والأموال الضخمة التي يمتلكها مسؤولون وموظفون في الدولة ليس لديهم مصدر دخل إلا المرتب الحكومي الهزيل، ولم يرثوا من أهلهم شيئاً، فلماذا لا يسألهم وزير العدل (من أين لكم هذا؟)، أم إنه معجب بالإجابة الشهيرة (هذا من فضل ربي) حتى يوفر على نفسه مشقة السؤال، أم إنه يخشى على الكرسي الذي يجلس عليه، وبماذا سينفعه الكرسي يوم السؤال؟!
* متى يهتز ضمير الوزير بقضية واحدة تشفع له عند الله، وتشفي أحقادنا ونفوسنا المريضة؟

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة