أم وضاح

سقوط وسقوط


ما الذي ينتظر حدوثه السيد وزير البني التحتية حتى يقدِّم استقالته؟ أو ما الذي ينتظره والي الخرطوم ليقيله؟ ثم يتقدم بخطاب اعتذار لأهل الشباب الذين لقوا حتفهم من أعلى كبري الحلفاية ومنهولات الموت تفتح فمها الكريه لتبتلع شباب زي الورد، كل ذنبهم أنهم ولدوا وعاشوا زماناً ماتت فيه الضمائر وما عادت تحرِّك من هم مسؤولين عنهم حتى فاجعة الموت الرهيبة؟ فما الذي كان ينتظره الوزير ليحرِّك أتيام وزارته بشكل عاجل لمراجعة كبري الحلفاية؟ ألم يحرِّك جموده موت ثلاثة من الأبرياء ابتلعهم جوف النيل في صمة خشمهم مخلِّفين الحزن والفجيعة.. بعدين كدي النسأل الوزير ومهندسي وزارته عن جدوى هذه المنهولات الضخمة في كبري طويل عريض بهذا الحجم؟ ولنفترض أن الإجابة هي أنه لا غنى عنها، طيب ألم يكن بالإمكان أفضل مما كان؟ وأقصد أن تؤمَّن بشكل جيد ولا تتأثر بحركة المارة من العابرين عليه حتى لا تصبح هذه المنهولات هي مصيدة الموت الأسود .

لماذا أدمن المسؤولين انتظار حدوث الكارثة وبعدها البكاء على اللبن المسكوب؟ وهو زاتو البكاء.. المسؤولين
خلوه )يا كافي البلاء( ولم يخرج واحد ببيان توضيح أو اعتذار، وواضح كده أصبحت عندهم مناعة ضد الصدمات والأزمات والقضايا المهمة والكوارث التي تهز الجبال من عظمها، كيف يعني يطلع شاب من بيتم لأبيه لا عليه، يبتلعه النيل؟ ويكلم أسرته ويقطع حشا أمه والقاتل منهول مفتوح ومهمل هو نتاج طبيعي لفشل والي، وفشل وزير وفشل إدارة هندسية جميعهم مسؤولين أمام الله عن هذه الأرواح، لأن المسؤولية لا تتجزأ، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.
ولأن الكارثة لازالت قائمة أتوقع أن تكون آليات الوزارة والوزير مرابطين في الكوبري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن الكوبري يشهد يومياً حركة دؤوبة تزداد وتتضاعف في رمضان عقب الإفطار، ويا وزير البني التحتية قول لي مهندسيك أن مرقت لي بره عليك الله أغشوا كوبري الجامعة البكركب من أوله لي آخره وأدونا إجابة لسر الحفر والمطبات التي تملأه من البداية للنهاية، ويا ريت لو غشيت شارع الطيار الكدرو في بحري لتقف على حفرة المصرف الكبيرة في نص الشارع التي أحاطها المواطنون بشوية كراتين للتحذير من خطر الوقوع بها، وركز شوية يا سعادتك عشان ما تقع فيها أو أحد موظفيك وتشعروا بشعور الرهبة والخوف والغبن والظلم الذي شعر به الضحايا لحظة السقوط الأولى.

وأن كانت حادثة المعلمة التي سقطت في المرحاض قبل فترة قد كشفت عن البيئة السيئة للمدارس وأشاعت يومها حالة من الحزن والغضب، فإن حوادث كوبري الحلفاية لا تقل بشاعة عنها، والسقوط الأعظم ليس هو السقوط في بالوعة أو منهول رغم فجيعته، السقوط هو الفشل في امتحانات المسؤولية والواجب والضمير والإحساس بمعاناة الشارع، والسقوط هو حالة سد أضان بي طينة والثانية بي عجينة ويا سعادتو “بكري” ما تورينا حاجة.

كلمه عزيزة
مستحيل أن يغني “شكر الله عز الدين” “من غير ميعاد” كما غناها “محمد وردي” ومستحيل أن يتكرر “وردي” نفسه، لأنه عبقرية وحس وإحساس لا يتكرر، أن هناك ظلماً كبيراً أن نحكم على أداء “شكر الله” بقياس سمعنا لأداء “وردي” وصوته المهيب، أحسن “شكر الله” واجتهد في “من غير ميعاد” وأوصلها بإحساسه وطريقة أداؤه كـ”شكر الله” الذي أتوقع أن يتميز هذا العام في “أغاني وأغاني” وهو يعلم أنها فرصة جاته من السماء.

كلمه أعز
سهرة منتصف الليل على “سودانية 24” حكمت عليَّ أمس بالسهر الطويل، وأنا لست من عشاقه، لكن خفة دم “محمد عثمان” وثنائيته المميزة مع الرائعة من غير تكلف “شهد المهندس” والشاب “محمد فتحي” جعلتني أسيرة للسهرة التي ذكرتني بالأنس الجميل أيام الراحل “إبراهيم أحمد عبد الكريم” و”محمد سليمان” “دنيا دبنقا” وذلك السمر اللطيف، لكن هناك ملاحظة مهمة لابد من أخذها في الاعتبار أن مساحة الأستوديو الضيِّقة ليست مناسبة مع حالة البراح الفكري واتساع مساحات العفوية والتلقائية قدموا البرنامج من أستوديو أكثر اتساعاً ودهشة وواطة الله واسعة وماهلة.

عز الكلام – ام وضاح