الصادق الرزيقي

بداية النهاية


وصل بالأمس عدد من قيادات حركة العدل والمساواة خاصة من يحسبون من الآباء المؤسسين لها في بهيم حلكة أزمة دارفور الطاحنة التي اشتعلت نيرانها في عام ٢٠٠٣م، ولعب الرئيس التشادي إدريس دبي

دوراً بارزاً في هذه العودة عبر وساطته وجهوده التي ظل يبذلها حتى تكللت بالنجاح، ومازالت هناك مساعٍ تترى لإلحاق آخرين بقافلة الحوار والسلام.
> لقد عاد بالأمس سليمان جاموس القيادي البارز في حركات دارفور المتمردة الذي أرهقته النزاعات والحروب، وبدا وهو يهبط مطار الخرطوم التي غادرها من سنوات كأنه لم يكن يوماً هناك بعيداً، وملامحه وكلماته التي قالها تؤكد أنه جاء ليسهم في صناعة السلام وتحقيق الأمن، ومثله كان المهندس أبو بكر حامد نور وهو من مؤسسي حركة العدل والمساواة، ولا يمكن لأحد أن يزايد عليه لما قام به من أدوار في الحركة وقضية دارفور الشائكة، وعجبنا أمس للتفاؤل العظيم الذي يملأ جوانحه بأن الأمور ستسير في الاتجاه الصحيح، وبقية قيادات الحركة عبد الكريم كاري وحامد حجر وأبو القاسم عثمان كانوا أكثر وضوحاً في رؤية الأهداف التي من أجلها عادوا، ولما صار مناخ السلام اليوم هو الأكثر ملاءمة لعودة الجميع ليستظلوا تحت سماء الوطن ويقطفوا ثمار الحوار معاً، فقناعاتهم بدت قوية وراسخة بما وجدوه من جدية الحكومة التي مدت يدها رغبةً في السلام..

> عودة هذه القيادات المؤثرة والمهمة والتاريخية داخل الحركة، تعني أن إرادة السلام باتت أقوى من أي وقت مضى، وأن الحرب مهما طالت لا بد أن تنتهي بالاتفاق وتتأسس عليها أوضاع مختلفة وواقع جديد، وقد كان هؤلاء الإخوة منذ اندلاع الحرب في دارفور من ألد أعداء الحكومة وخصومها، وليس هناك من هم أهم منهم طيلة فترة الصراع في تنظيم صفوف حركتهم وعلاقاتها الأفقية والرأسية محلياً وإقليمياً ودولياً، فجنوح هؤلاء الإخوة للسلام هو أبلغ رسالة تعبر عن حتمية السلام والاستقرار، وأن البندقية لا مجال لها بعد اليوم في حل المشكلات بين أبناء الوطن الواحد، كما أنها رسالة لبقية الحركات التي باتت تقاتل بلا هدف أو اتجاه. وينبغي أن نعي جيداً ما قاله العائدون أمس في صالة مطار الخرطوم، فالسلام بات قريباً، وهناك من ينتظر بالخارج ليرى ما الذي سيتم بشأن مبادرتهم وعودتهم، وهنا لا بد أن نقول لقيادة البلاد ممثلة في السيد رئيس الجمهورية ونائبيه والحكومة، إن قضية دارفور تقف الآن على بعد خطوات قليلة من الحل الشامل ونهاية الحرب رغم الأحداث الأخيرة في وادي هور بشمال دارفور وولاية شرق دارفور، لقد لاحت فرصة ثمينة لطي ملف النزاع، ويكفي أن المجموعة التي وصلت بالأمس تمثل الثقل السياسي للقضية، وتعتبر عودة للوعي والتعقل بين صفوف أبناء دارفور من منسوبي الحركات المتمردة، وإذا أحسنت الحكومة التعامل مع هذا الملف وتجاوبت مع المبادرة التي ستطرح من قبل هذه المجموعة سنجد بلادنا قد تعافت وشفيت من الحروب، وانفتح الطريق أمام وئام حقيقي، وسينسى الناس مرارات الماضي ويقبلون على المستقبل، فهذه بداية النهاية لقضية وأزمة دارفور.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة