تحقيقات وتقارير

دفع بوجوه جديد وزراء “الوطني” بحكومة الوفاق… أبرز التحديات وأخطر المهام


“الوطني” حافظ على الوجوه الشبابية في الحكومة دون تغيير
بروف هاشم جاء لـ(المعادن) عبر صهوة الحوار الوطني

حامد ممتاز وجه جديد يبحث عن إثبات جدارة الشباب
الركابي .. وزير (محسوب) على الجيش أكثر من “الوطني”

خبراء ومحللون : إنقاذ مشروع الوثيقة الوطنية أبرز تحديات وزراء الوطني

يدخل الحزب الحاكم في السودان المؤتمر الوطني بقدمية حكومة الوفاق الوطني التي جاءت على غرار حوار سياسي امتد لنحو عامين ، حيث نجد الوطني قد تنازل عن ثلث مقاعد السلطة أي مايعادل أكثر 30% منها لصالح الأحزاب والقوي السياسي لإفساح المجال لمشاركة أكبر قدر من القوى السياسية التي اقترب عددها إلى مائة حزب .

أبرز التحديات
مع هذا تظل هناك قضايا ملحة وآنيه على طاولة حكومة الوفاق تنتظر الحل علي وجة السرعة بل تعتبر تحديات ماثلة في انتظار المعالجات السريعة منها حل قضية الحرب الأهلية ، تخفيف حده الفقر وغلاء المعيشة ،بناء علاقات خارجية إستراتيجية وإتاحة هامش واسع من الحريات ، خاصة وأن الوطني قد دفع بعدة وجوه جديدة للجهاز التنفيذي بالدولة من أجل إنفاذ برنامج حكومة الفترة الانتقالية ومن ثم القدرة علي خلق التوازن السياسي بين كل مايصدر من موجهات حزبية وحكومية .

سقف الأسهم
معلوم أن الوطني أقدم على التنازلات الأخيرة من تلقاء نفسه رغباً في إصلاح المشهد العام من خلال عملية دفع تقوم بها الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق وهو أمر يبدو مقبولاً لكثير من المراقبين. ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، د. فتح الرحمن الجعلي، أنه لا شك أن توسعة الماعون السياسي لاستيعاب القوى ذات التوافق الوطني في حده المناسب ،أمر يحسب لصالح الممارسة السياسية في بلادنا ويخص المؤتمر الوطني فيها بنصيب وافر من ذلك الحمد، مؤكداً أن نسبة الثلث نسبة معقولة في هذه المرحلة ولكنها تحتاج لزيادة مستقبلاً بحيث تكفل درجة من المساهمة في صنع القرار الوطني دون أن يكون لحزب واحد حق احتكار القرار قبولاً أو رفضاً بالأغلبية الميكانيكية. ويضيف الجعلي لـ(الصيحة) أن مجمل التغييرات التي أحدثها المؤتمر الوطني في طاقمه من خلال حكومة الوفاق الوطني فيها مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية، ففيها يلاحظ أن غالب الوزراء الذين تم استبدالهم من أصحاب الانتماء غير المسنود بقوة القبيلة أوالجهة أو مراكز القوى،وذلك يقرأ إيجابياً فكون الكادر الواعي داخل المؤتمر الوطني له الاستعداد لقبول التضحية ويملك روحاً رياضية لمقابلة التغيير أمر إيجابي جداً، وهو أمر متوقع من الكوادر أصيلة الانتماء، ولكن السالب في التغيرات الأخيرة أنها أذعنت لضغوط (لوبيهات) قبلية و جهوية وهي مؤثرة جداً في القرار، مايعني أن سلوك الموازنات والترضيات سيستمر كثيراً وسيتعود عليه الناس وربما تسود ثقافة (النجمة أو الهجمة) وتسيطر ، وهذا أمر مضر جداً بحاضر ومستقبل العمل السياسي بالبلاد ويضعف الدولة، اذ يعتبر مسكناً يهدئ الألم ويعطي الحكومة فرصة النوم دون قلق، لكنه لن يعالج المرض وسيضعف الدولة جدا،حيث أن رئيس الوزراء القومي الفريق أول بكري شخصية مناسبة جدا لقيادة المرحلة أثق جدا في مقدرته على القيام بدوره ، فهو شخص واسع الأفق وجيد التواصل مع الآخر ،لكن عليه أن يدرك أن دوره ليس المحافظة على استمرار هذه التشكيلة المختلفة فقط ،وإنما قيادة الدولة بكل متطلباتها وأولها الهيبة وضبط الأداء وعليه فان المرونة الحازمة مطلوبة وهي دواء موجود في صيدلية بكري.

خيارات مدروسة
الشاهد في الأمر أن الوطني حافظ على الوجوه الشبابية في حكومة الوفاق دون تغيير، وهنا يؤكدعبدالقادر كاوير، أحد القيادات الشابة بالمؤتمر الوطني، أن اختيارات حزبة المؤتمر الوطني للحكومة عادة ما تكون مدروسة في الدفع بالعناصر، وأهم عناصر الاختيار هي إعطاء الفرصة لوجوه جديدة في كل مرة (حامد ممتاز) وسحب عناصر أخرى حتي وإن كانت شابه(عبيدالله محمد عبيد الله) وزير الدولة بالخارجية، فنجد أنه يقدم الشباب بنسبة محددة ويوازن في ذلك بين المرأة والرجل وبين جغرافيا السودان المختلفة بالتركيز علي المناطق محل النزاع، لاسيما وأن تجارب ممثلي المؤتمر الوطني عادة ما تكون ناضجة من واقع الخبرات التنظيمية المتراكمة لهذه العناصر وللثقة الكبيرة التي يمنحها الحزب لممثليه، بخلاف اختيارات الأحزاب التي عادة ما تكون عنصر ارتباك في التشكيل الحكومي، فالأحزاب تقدم عناصر أحياناً بعيدة عن العمل التنفيذي وتفتقر للخبرات وحساسية المواقع، وتلعب معايير مختلفة في طريقة الاختيار أغلبها ينصرف نحو مدي قرب ورضا الشخص من قادة الأحزاب وبناءً عليه أحياناً قد نفاجأ باختيارات غير مناسبة وسرعان ما تثبت عدم قدرتها على تقديم شيء، ويضيف كاوير (للصيحة) هذه الاختيارات غير المناسبة أحياناً تؤدي لخلل يقع علي المؤتمر الوطني عادة إصلاح هذا الخلل وبالتحسب له مسبقًا بوجود وزير دولة أو وكيل للوزارة المعنية، يقع دائماً علي المؤتمر الوطني تحمل العبء وإصلاح الخلل، وهناك من الصعوبات والتحديات المتوقعة التي تواجه الحكومة الحالية هي قدرتها علي إنقاذ مشروع الوثيقة الوطنية، وبرنامج إصلاح الدولة، واعادة التوازن للاقتصاد الوطني والخروج من نفق العقوبات إلى آفاق الانفتاح والتنمية واستثمار حالة التحسن في العلاقات لصالح الاقتصاد الوطني، كذلك تحدي ذاتي وهو قدرة هذه الحكومة علي الانسجام والتوازن خاصة وأنها حكومة ضخمة ومتنوعة وذات خصوصية، فضلاً عن تحدي إعادة استيعاب كل الذين يودون الالتحاق بالسلام والحوار من حركات مسلحة وأحزاب معارضة في حالة موافقته.

تحليل شخصية
وعن الشخصيات المختاره من قبل المؤتمر الوطني والأدوار التي بمكن تلعبها، يوضح الأستاذ الجامعي والكاتب الصحفي د. محمد خليفة لـ( الصيحة) أن اختيار حامد ممتاز،الأمين السياسي للحزب ، لتولي مقعد وزير الدولة بالخارجية أمر جيد خاصة وأن الرجل هو كادر حزبي ممتاز في العمل الداخلي والحوار، و لكن تم الدفع به لوزارة الخارجية ونتخوف عليه من مصير عبيد الله محمد وزير الدولة السابق الذي لم يترك أي بصمة في الوزارة سيما وان ممتاز ليس ضليعًا في الشأن الدبلوماسي الذي يؤهله هذا المنصب له . وحول تكليف وزير مالية ذي خلفية عسكرية يقول محمد الأمين فأن وزير المالية الفريق الركابي فهو محسوب على القوات المسلحة أكثر من الموتمر الوطني ويساهم في زيادة عسكرة الحكومة ، وقد يكون اختياره لزيادة ضبط الصرف داخل المالية، أما بشأن وزير المعادن د. هاشم علي سالم فهو محسوب أيضاًعلي الشخصيات القومية وهو موتمر وطني، وهو مهندس نسيج في الأصل جاء لوزارة المعادن عبر صهوة الحوار، رغم أن الوزارة يعول عليها الوطني في النهضة الاقتصادية وتحتاج لعقلية استثمارية متخصصة.

آمال مهدرة
بنبرة من الإحباط والتأسف ، يقول المتحدث باسم مجموعة السائحون، المهندس أبوبكر محمد يوسف، كان العشم كبيراً في أن يتداعي كل أهل السودان لحوار جامع حوار لايستثني أحداً ولكن للأسف غاب عن الحوار غالب الحركات المسلحة، في تقديري أيضاً كانت هنالك مسأله جوهرية حالت دون حضور الكثيرين للحوار. ومضي بالحديث مع (الصيحة)أن الحريات وبسطها كانت من ضرورات ومطلوبات الحوار كما هي من مخرجات الحوار، فضلا عن أنه كان المأمول أن يتم بسط الحريات واقعاً ومعنىً. وأردف كيف أحاورك وصوتي مخنوق وقلمي مكسور وبعض مني مسجون لذا كان الجمع الحاضر لمحفل الحوار ناقصاً، لذا يظل عشم ان تبسط هذه الحكومة السلام مجرد أمنيات بعيدة المنال للأسف الوجوه الآتيه لدسك الاستوزار من قبل حوش الوطني أتت بذات المعيار القديم ومن ذات الدائرة الضيقة ولم تلب متطلبات وأشواق المرحلة، حيث كان المأمول ان يتحرر الوطني والقائمون علي أمر الاختيار ولو مرة من دائرة المحاصصات والترضيات لفضاء التكنوقراط والخبرات التي تلامس أشواق الناس وتطلعاتهم، كان العشم أكبر أن تكون الحكومة بمثابة حكومة رد الجميل للشعب الذي صابر وصبر علي الإنقاذ كما لم يصبر من قبل وكان المرتجي من الحزب الحاكم وضع متطلبات لايحيد عنها للدخول الي مجلس الوزراء متطلبات يلزم بها نفسه والآخرين ولكن الملاحظ أن الكعكة تم توزيعها دون ضوابط ملحوظة.

أرباح وخسائر
فيما استبعد مسؤول الإعلام السابق برئاسة الجمهورية أبي عز الدين وجود خسائر قد حصدها حزب المؤتمر الوطني في مقابل الدخول في حكومة الوفاق الوطني بالقول لا توجد خسائر للمؤتمر الوطني جراء التنازلات الكبيرة التي قدمها، طالما أنه يرفع شعار لا للسلطة ولا للجاه . ويضيف لـ(الصيحة) هنالك عدد من المكاسب، منها تقديم درس تاريخي لفضيلة التنازل من أجل الوصول إلى حلول وسطى من أجل المصلحة العامة وقد فعلها المؤتمر الوطني قبل ذلك، عندما تنازل للحركة الشعبية حين كان جون قرنق ومالك عقار ومناوي والحلو وياسر عرمان ومنصور خالد وغيرهم جزءاً لا يتجزأ من حكومة الإنقاذ، في مستوياتها الرئاسية والوزارية والولائية والتشريعية ، ولكن هذه المرة كان التنازل لشريحة أوسع في الوسط السياسي ومن أجل أن يعين المؤتمر الوطني حكومة الوفاق الوطني، عليه أن يترك بعض الصلاحيات كحزب منتخب، لصالح مجلس الوزراء، مثلما أجيز حوالي 70 تعديلاً برلمانياً فيها ما هو نقل صلاحيات الرئيس البشير إلى رئيس مجلس الوزراء القومي وفي ذلك مطلوب من عضوية الحزب الحاكم المنتشرة في كل مكان، أن تتقبل روح التنازل هذه، وأن تعد نفسها مرة أخرى لانتخابات 2020. وعن ما يتصل بشأن التحديات ينوه أبي عز الدين بأن من أهم تلك التحديات هو فصل العمل الحزبي من العمل التنفيذي، باستثناء دور الإسناد، حيث أن هناك في الحزب وجوهاَ وعقولاً كثيرة من كافة الأجيال والأجناس تستطيع سد الثغرات، دونما احتكار لمجموعة واحدة للقرار الحزبي والتنفيذي معاً إذ أن توسعة ماعون الشورى مطلوب. ومن المهم كذلك أن تقوم الأحزاب بما فيها الحزب الأكبر بدور إسناد صنع السياسات ودور دعم القرار ، وهذا لن يحدث إلا بتنويع العقول الممسكة بالجهازين الحزبي والتنفيذي.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة