منوعات

«شهادات جامعية للبيع» على وسائل التواصل الاجتماعي بأسعار بين 1500 و2500 دولار


السنان: «التعليم العالي» تحذر الطلبة من الانجراف وراء الإعلانات الوهمية وعليهم مراجعة الوزارة قبل التقديم لأي جامعة
العوضي: يسمح للطلبة الكويتيين بالتسجيل في الجامعات المعتمدة فقط من قبل الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم
الزيد: مؤسسات ربحية تبحث عن المال وزيادة أرصدتها وراء بيع تلك الشهادات الوهمية للطلبة الكويتيين
الجمعية الكويتية لجودة التعليم: يجب تنفيذ توصيات اللجنة التي شكّلها وزير التربية بشأن فحص وتدقيق الشهادات
الخضري: يسعى إليها الباحثون عن زيادة الراتب أو الحصول على منصب أو لمجرد «الكشخة» والوجاهة الاجتماعية

في ظل أجواء الفرحة التي يعيشها طلاب الثانوية العامة ورحلة البحث عن الكليات المناسبة لطموحهم وقدراتهم، اكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بإعلانات حول «شهادات جامعية للبيع»، نعم انها شهادات دراسية للبيع، شهادات «توفل» و«ايلتس»، وشهادات جامعية سواء بكالوريوس او ماجستير، شهادات يحصل عليها الطالب دون دراسة جامعية، هذا ما يؤكده اصحاب تلك الإعلانات التي يروجونها حاليا.

ولا ننكر جهود وزارة التعليم العالي لمحاربة تلك النوعية من الشهادات، حيث تم اتخاذ الكثير من الإجراءات مؤخرا، وكان ابرزها انشاء الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، الذي يضع سنويا قائمة بالجامعات المعتمدة والتي يسمح للطلبة الكويتيين بالتسجيل فيها، وما عدا ذلك من جامعات لن يتم اعتماد قبول الطلبة فيها ولن يتم اعتماد شهاداتهم.

وحماية لمستقبل أبنائنا الطلبة تواصلت «الأنباء» مع عدد من المسؤولين والمختصين والخبراء التربويين والأساتذة الأكاديميين للوقوف على تلك القضية الحساسة والمهمة والتي تهم مستقبل الطلبة، فتوصلنا الى الآراء والنصائح التالية: في البداية حذرت الوكيل المساعد لشؤون البعثات والمعادلات والعلاقات الثقافية بوزارة التعليم العالي فاطمة السنان الطلاب والطالبات من الإعلانات المنتشرة حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي حول التسجيل في الجامعات، مشددة على ضرورة مراجعة الطلبة للموقع الالكتروني لوزارة التعليم العالي والموقع الالكتروني للجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، للتعرف على قوائم الجامعات المعتمدة والمسموح للطلبة بالتسجيل فيها.

آلاء خليفة

وأكدت السنـــــــان لـ«الأنباء» ان اي طالب يسجل في جامعات لا تتضمنها تلك القوائم لن يتم اعتماد شهادته بعد التخرج، موضحة ان الطلاب الذين لديهم اي استفسارات حول الجامعات المعتمدة وآلية القبول فيها يمكنهم مراجعة وزارة التعليم العالي.

الجامعات المعتمدة

من ناحيتها، أوضحت مدير الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم د.نورية العوضي لـ «الأنباء» ان القرار الوزاري رقم (272) تضمن في مادته الاولى «السماح للطلبة الكويتيين بالدراسة خارج دولة الكويت فقط في الجامعات التي يصدر بها قرار وزاري من الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم»، اما المادة الثانية من القرار فتنص على انه «يلغي كل نص يخالف ما ورد بهذا القرار ويعمل به من تاريخ صدوره».

وأكدت العوضي ان الموقع الالكتروني للجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم يتضمن قائمة الجامعات المعتمدة والمسموح للطلبة الكويتيين التسجيل فيها، مشددة على الطلبة ضرورة الالتحاق بالجامعات الموصي بها من قبل الجهاز، والبعد عن الجامعات الاخرى وما عدا ذلك لن يتم اعتماد قبولهم من اي مكتب ثقافي حتى لو كان الطالب يدرس على نفقته الخاصة.

وقالت ان الطلبة الذين سيلتحقون بجامعات لم يوص بها الجهاز لن يتم اعتماد شهاداتهم بعد التخرج، مشددة انه منذ انشاء الجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم لم يحدث اي تجاوز سواء لاعتماد قبول او اعتماد شهادة.

الأسباب والحلول

بدوره، ذكر خبير التعليم وعضو هيئة التدريس في كلية التربية بجامعة الكويت ومؤسس نظرية التعلم المنهجي د.زيد الزيد في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان لجوء بعض الكويتيين الى الحصول على شهادات غير قانونية يروج لها حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي، له اسباب عدة لابد من البحث فيها وتحديدها ومن ثم يتم وضع الحلول المناسبة لتلك المشكلة.

وافاد الزيد بأن الأسباب من وجهة نظره تعود الى الأنظمة المتبعة في وزارة التعليم العالي والتي قد تكون مرنة بما يجعل الكثير من ابناء الكويت يلجأون الى الجامعات غير المعترف بها او الجامعات الوهمية التي لا يكون لها اساس اكاديمي بحثي او حتى تصنيف عالمي، بل هي عبارة عن مؤسسات ربحية تبحث عن المال من اجل زيادة ارصدتها وبيع تلك الشهادات الورقية الى الطلبة الكويتيين، بالإضافة الى قصور ديوان الخدمة المدنية، لافتا الى ان الديوان مؤسسة حكومية لديها الكثير من اللوائح والقوانين والقرارات فيما يتعلق بالشهادات الجامعية والتوصيف الوظيفي والمكافآت.

وأفاد الزيد بأن لجوء الكويتيين للحصول على تلك الشهادات يعود ايضا الى ان ديوان الخدمة المدنية يمنع المواطن من الالتحاق بجامعة للحصول على مؤهل جامعي الا بعد استيفاء شروط محددة، وفقا لموافقات الوزارات والمؤسسات التي يعمل بها الكويتيون، بالإضافة الى ان الكوادر التي منحت لبعض التخصصات بدولة الكويت تحتاج الى اعادة نظر، فهي من الأسباب التي شجعت على لجوء كثير من المواطنين للحصول على شهادة في تخصصات معينة، وذلك بسبب الكوادر والمكافآت المالية التي تمنح لبعض التخصصات في الوظائف الحكومية.

من جانب آخر، اضاف الزيد: لن نستطيع اغفال أمر آخر ذي اهمية كبرى وهو عدم وجود التنوع والانتشار من مؤسسات علمية اكاديمية بحثية مختلفة في الدولة، مشيرا الى ان دولة الكويت لديها جامعة حكومية واحدة وهي جامعة الكويت ولديها الهيئة العامة بشقيها التطبيقي والتدريبي وهي ليست كافية في ظل وجود 70% من الشعب الكويتي من فئة الشباب، مؤكدا ان الدولة بحاجة الى مزيد من المؤسسات الأكاديمية الحكومية لاستقطاب الطلبة الكويتيين، على ان تكون تحت رقابة وزارة التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية وكذلك الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم.

واردف الزيد قائلا: يفترض ان يكون في الكويت ما لا يقل عن 5 جامعات حكومية ضخمة والعشرات من الجامعات الخاصة المتخصصة في بعض البرامج والدرجات العلمية.

وحول علاج تلك الإشكالية، قال الزيد: لابد من ان يكون هناك اطار عام يعمل على وضعه القانونيون والاكاديميون والتربويون والمختصون، بالإضافة الى مشاركة ديوان الخدمة المدنية وممثلي سوق العمل لوضع آلية تتضمن سياسات متوافقة مع القانون والحد من تلك الظاهرة التي انتشرت في المجتمع بصورة كبيرة وسريعة، مشددا على اهمية اتباع مبدأ الثواب والعقاب، فيتم عقاب من يحصل على شهادة وهمية او مزورة، ومكافأة من يحصل على شهادة معتمدة ومعترف بها من مؤسسات مرموقة عالمية.

وأكد الزيد اهمية ان تكون هناك طريقة محددة لعملية التدقيق والتحقق من الشهادة الجامعية التي حصل عليها المواطن الكويتي من مؤسسة تعليمية خارج البلاد وكيفية تقييمها وفقا لمعايير وشروط متفق عليها دوليا، قائلا: الكويت ليست بمنأى عن العالم الذي اصبح اليوم قرية صغيرة ولابد ان تكون سياساتنا وطريقة تقييمنا لمثل تلك الشهادات الجامعية متوافقة مع ما هو متبع في الدول المتقدمة.

وشدد على ضرورة ان تسعى وزارة التربية للعمل على جعل مدارسها عبارة عن حاضنات تعزز القيم والأخلاقيات التي تجعل من الفرد الكويتي مواطنا صالحا قادرا على التمييز بين الصح والخطأ والخير والشر والجيد والسيئ، وبالتالي فإن المواطن عندما تترسخ تلك القيم والأخلاقيات في شخصيته سيكون هو العامل الرئيسي في عدم اللجوء للحصول على مثل تلك الشهادات الوهمية وغير الصحيحة ما يساهم في التقليل من تلك الإشكالية، مطالبا كذلك بأن تكون هناك مسارات تعليمية تدعمها قرارات حكومية تجعل خريجي تلك المسارات يحصلون على نفس الرواتب بغض النظر عن التخصص والشهادة العلمية.

واكد الزيد ان تلك الحلول تحتاج الى تضافر جهود المؤسسات الحكومية والخاصة والأكاديمية والخبراء التربويين وممثلي سوق العمل، مقترحا تشكيل لجنة لمناقشة هذا الأمر وتحديد اسبابه وطريقة علاجه ومن ثم العمل على تنفيذها وفقا لمحفزات تمنع من انتشار تلك المشكلة بشكل كبير.

تدقيق وتحقيق

كما تواصلت «الأنباء» مع الجمعية الكويتية لجودة التعليم لأخذ الرأي في تلك القضية، حيث قالت الجمعية ان العلم معرفة وجد واجتهاد، والجمعية تأسف لظهور مثل تلك الحالات بالبلاد، ولا بد من إيجاد أماكن متخصصة لتدقيق الشهادات لإظهار أي شهادة وهمية، سواء من جامعة غير موجودة أو مزورة، وعلى أي شخص أن يتقبل مسألة التحقيق من قبل أي جهة معنية، ولا سيما مع اكتشاف حالات استغلال عدد من التجار المخادعين الذين امتهنوا تزوير الشهادات الجامعية بأنواعها، وبيعها بطريقة سرية لمن تتاح لهم فرصة عمل ويحتاجون إلى شهادة جامعية كي يقبلون في الوظيفة التي تطلبها بعض منظمات المجتمع المدني أو غيرها وفق شروط الوظيفة المطلوبة.

واشارت الجمعية الى ان بيع الشهادات المزورة تجاوز المرحلة السرية ليتم الإعلان عن بيعها في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعتقد معظم المزورين أنهم يقدمون خدمة، ويمتلك مهارات طباعة مختلف الشهادات، وتزوير كافة الأختام بحيث لا يمكن تمييز الشهادة الحقيقية عن المزورة وإن من يبيع الشهادات المزورة لا موقف سياسي ولا أخلاقي له وغايته فقط الحصول على المال دون أن يهتم بمصلحة الوطن كالجاهل الذي يشتري شهادة ليتباهى بها أو يعمل بها زورا.

جريمة إلكترونية

وذكرت الجمعية أن الكثير من الطلاب والطالبات يستسهلون الحصول على تلك الشهادات، وخصوصا مع وجود عشرات الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لها، بهدف استخدامها عند التقديم في الجامعات وغيرها، على الرغم من أنها تقع ضمن الجرائم المعلوماتية، التي يحاسب عليها القانون، منوهة في الوقت ذاته إلى أن أسعار تلك الشهادات تتراوح بين 1500 دولار و2500 دولار بحسب المرحلة الدراسية المطلوبة سواء الدبلوم او البكالوريوس وحتى الماجستير والدكتوراه او التوفل والإيلز، يحصل عليها المستفيد بمجرد إيداع قيمتها في حساب البائع.

ونوهت الجمعية الى أن أصحاب تلك الحسابات يجب ان يطبق عليهم القانون بتهمة التزوير في حال وجودهم داخل الكويت، وفي حال وجودهم بالخارج فهناك ثلاثة طرق يمكن التعامل بها مع تلك الحسابات، أولها: تبليغ إدارة مواقع التواصل الاجتماعي بمخالفة الحسابات لشروطها لإيقاف الحساب.

كما يمكن أن يتم التبليغ عبر موقع وزارة الداخلية إدارة الجرائم الإلكترونية عن أصحاب تلك الحسابات، ومن ثم تعمل الوزارة على مخاطبة وزارة الخارجية، التي بدورها تتواصل مع الجهات المختصة في الدول التي يقيم بها أصحاب تلك الحسابات لاتخاذ الإجراءات القانونية معهم، وخصوصا أن تهمة التزوير من التهم التي يحاسب مرتكبها عالميا.

التفتيش الأكاديمي

وأشارت الجمعية إلى ضرورة التواصل مع هيئة التحقيق والادعاء العام في حال وجود بلاغ عن أصحاب تلك الحسابات عبر ما يعرف بالتعاون الدولي المشترك، الذي بدوره يقبض على المتهمين عن طريق «الإنتربول» لمعاقبتهم.

والمتابعون للملف يشتكون من وجود خلل في الأنظمة والقوانين التي لم يتم تطويرها بالشكل الذي يتلاءم وحجم وخطورة «الشهادات الوهمية»، مطالبين بوجود نظام لـ«التفتيش الأكاديمي».

وأضافت الجمعية: نحبس أنفاسنا لأننا أمام مفترق طرق، فيجب القيام بأول عملية إصلاح حقيقية لمواجهة فساد التعليم بتنفيذ توصيات اللجنة التي شكلها وزير التربية بشأن فحص وتدقيق الشهادات، فلم يعد من الممكن السكوت عن هذه القضية الوطنية، حيث ان أحكام التمييز القضائية فاصلة والواقعة مكتملة الأركان.

شهادات مضروبة

من ناحيته اكد استاذ تكنولوجيا التعليم في كلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د.بدر الخضري في تصريح خاص لـ«الأنباء» ان الخاسر الوحيد من ظاهرة الشهادات المضروبة هو المجتمع الذي سيتأثر اقتصاده ويتحول الى اقل كفاءة، مشيرا الى ان أصحاب هذه الشهادات يتم اكتشافهم عندما يمارسون عملهم فيتضح مستواهم البعيد كل البعد عن الشهادة التي حصلوا عليها.

وشدد الخضري على جميع الطلبة الراغبين في استكمال دراستهم الجامعية في الخارج من التأكد من ان تلك الجامعة معترف بها من قبل الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، وفيما عدا ذلك فان شهادة الطالب لن تعتمد.

ولفت الخضري الى ان هناك مؤسسات موجودة على شبكة الانترنت تقدم مثل هذه الشهادات المضروبة، كما ان هناك من يقدم شهادات مزورة مقلدة من جامعات معروفة وهناك شهادات مزورة لجامعات حقيقية يتم الحصول عليها من خلال الرشوة وهي موجودة في كثير من الدول العربية والمكاتب الوهمية التي تأخذ دور الجامعات الحقيقية، موضحا ان هناك طريقة اخرى للحصول على الشهادة المضروبة من خلال تقديم تقرير او دراسة بسيطة لبعض المكاتب او الجهات او التي تعمل فقط عن طريق شبكة الإنترنت.

رواتب ومناصب

وأشار الخضري الى ان الشهادة المضروبة قد تكون من جامعة غير معتمدة حتى وان كانت معتمدة في دولة أخرى او ان تكون من جامعة مزورة.

وأوضح الخضري ان السعي وراء الحصول على شهادة الدكتوراه له أسباب عدة منها الرغبة في زيادة الرواتب والترقي والحصول على المناصب، ومنها جانب اجتماعي حيث يسعى البعض الى البحث عن زوجة فالكثير من الفتيات يفضلن اليوم الزواج من دكتور حتى لو تخطى الـ 50 عاما كما ينطلق البعض من جانب نفسي، فيسعى الى الحصول على الشهادة من اجل «الكشخة» والوجاهة الاجتماعية امام المجتمع.

صحيفة الأنباء