تحقيقات وتقارير

(76) حالة وفاة بالإسهال المائي مجلس الولايات .. مطالبة بنقل المعركة إلى العلن


الخرطوم: محمد أبوزيد كروم

حين تجتمع ثلة من الأهالي السودانيين للأنس، يحضرهم دائماً الحديث عن الإسهالات المائية التي تضرب بلادهم منذ حوالي شهر تقريباً، ووصلت أخيراً الى قلب العاصمة السودانية الخرطوم.

وبالرغم من تطمينات وزارة الصحة، فإن حالة الرعب التي تسود بين المواطنين، دفعت مجلس الولايات لاستدعاء الطاقم الوزاري بوزارات الصحة والموارد المائية والبيئة.

وفد المجلس

واستدعى مجلس الولايات الشهر الماضي والي ولاية النيل الأبيض، عبد الحميد موسى كاشا، ليقدم بياناً أمام المجلس عن حالة الوباء الذي انتشر بولايته. وقدم كاشا تقريراً مفصلاً عن انتشار الإسهال المائي مدعماً بالأرقام والتفاصيل والمناطق التى أصابها الوباء، وتمت إجازة التقرير بواسطة المجلس. وفي ذات الجلسة أصدر المجلس قراراً بتشكيل لجنة للوقوف على الحقائق في ولاية النيل الابيض برئاسة خالدة أبو العلا جمعة وعضوية سوكارنو جمال الدين وتاج الدين بانقا ونورالدائم أحمد وآخرين، وذهب الوفد إلى عدد من المناطق بولاية النيل الأبيض منها القرى التى انتشرت فيها الإسهالات المائية، وقابل الوفد المسئولين وحكومة الولاية وأعد تقريراً متكاملاً عن الزيارة قدمه أمس أمام المجلس بحضور وزير الصحة ،بحر إدريس أبوقردة، ووزير الدولة بوزارة الموارد المائية، جعفر محمد قسم السيد، وتداول النواب حول التقرير وأُجيز بالإجماع في ختام الجلسة.

جلسة صاخبة

عُقدت جلسة مجلس الولايات أمس “الاثنين” للاستماع لتقرير وفد المجلس الزائر لولاية النيل الأبيض وقُرر أن يكون حضوراً في الجلسة، وزير الصحة ووزير الموارد المائية ووزير البيئة، ولكن غاب وزير البيئة ومثل وزير الدولة بوزارة الموارد المائية وزارته، وحضر وزير الصحة متأخراً في خواتيم الجلسة مبرراً التأخير لإرتباطه بتقديم تقرير آخر في المجلس الوطني، وسمح رئيس المجلس عمر سليمان بتمديد الجلسة لنصف ساعة أخرى للاستماع للوزير، وطالب رئيس المجلس الوزير بتقديم تقرير مختصر عن الأوضاع بولاية النيل الأبيض،وأشار بحر أدريس أبو قردة إلى مجهودات وزارته في التصدي للإسهالات المائية، مقراً بوصول حالات الإصابة إلى 5244 حالة، و76 حالة وفاة، وانتقد وزير الصحة رداءة مصادر المياه التى تسببت في هذه الحالات، وأشار إلى أن وزارته أوفدت عدداً كبيراً من المختصين للوقوف على الحالات، إضافة إلى عدد من الأطباء والإختصاصيين الموجودين بولاية النيل الأبيض. وبرّأ أبو قردة ساحة وزارته من تبعات التقصير الذي لازم تدارك حالات الإسهال المائي مرجعاً ذلك إلى مصادر مياه الشرب.

ملاحظات

أولى الملاحظات التى بدت وأضحة للعيان هو اختلاف أعضاء اللجنة على التقرير الذي قدمته رئيسة اللجنة خالدة أبو العلا، ووضح ذلك من خلال مداخلات أعضاء اللجنة أنفسهم، إذ ناقض تاج الدين بانقا وسوكارنو جمال الدين ما جاء في التقرير بانتقاداتهم، ووجه عضو المجلس ممثل حزب المؤتمر الشعبي تاج الدين بانقا غياب الوزراء عن حضور بداية الجلسة، وأضاف أن مصادر المياه النظيفة 30% فقط مقابل 70% من المياه الملوثة، وإنتقد تاج الدين بانقا وزارة الري والموارد المائية لعدم توفيرها مياه الشرب، وعدم تنقيتها مياه البحر. وطالب سوكارنو جمال الدين بإنشاء صندوق طوارئ إتحادي لمعالجة أزمة المياه بولاية النيل الابيض. كما شن النواب هجوماً كبيراً على وزارة الري والموارد المائية بحضور وزير الدولة بالوزارة وطالبوا بمحاسبة الوزارة على تقصيرها، كما أن الجلسة استمرت لأربع ساعات لكثرة مداخلات النواب إضافة إلى حضور وزير الصحة المتأخر .

انتقادات

وجه عضو المجلس أحمد بحر حمودة انتقاداً لوزير الصحة لحديثه السابق الذي قال فيه أن محاربة الإسهالات المائية ليست مسئوليته كما ورد في إحدى الصحف، ورد الوزير بإطالة عن موضوع الشائعات التى راجت حول الإسهالات المائية ونفى أن يكون قد قال هذا الحديث،وزاد بأن الأمر صحبته كثير من الشائعات عبر واتساب، لتلقيهم عدداً من البلاغات التى يتضح عدم صحتها بعد متابعتها. وطالب أبو قردة النواب بأخذ الحديث منه مباشرة بدلاً من الوسائط واستدل على ذلك بكثير من الحالات، وفي مداخلته ذكر العضو أبو حراز أن هنالك إحدى عشرة ولاية مؤبوءة لم يعلن عنها، قبل أن يتدخل رئيس المجلس عمر سليمان نافياً صحة هذا الحديث ليؤكد عليه وزير الصحة مطالباً الأعضاء بالدقة في نقل الأخبار، وطالب أعضاء المجلس بتوفير الدعم الكامل لمحاصرة الوباء عبر صندوق اتحادي مع مطالبة آخرين بفك التعتيم المضروب على الوباء لتسهيل محاربته.

مداخلة نارية

أقوى المداخلات كانت من نصيب عضو المجلس، الدكتورة سعاد الفاتح، التى ابتدرتها بقولها خلال فرصتها التى منحت لها من رئيس الجلسة (للأسف نحنا حاكمين ثلاثين عاماً وفي 2017 يجو يقولوا لينا ولاية النيل الابيض ما بتشرب مياه نقية). وانتقدت سعاد دور وزارة البيئة وقالت هذا يعني أننا لا عندنا بيئة ولا وزارة بيئة،وأضافت ان السودان به مواطن درجة أولى وثانية وثالثة وهي الذي يشرب من الخيران والمياه الملوثه. وقالت سعاد مخاطبة أعضاء المجلس (حرام عليكم وحتقابلوا الله كيف والدولة رافعة شعار هي لله لا للسلطة ولا للجاه). وحذرت سعاد من وصول الإسهالات المائية للخرطوم إن لم يتم معالجتها بالولايات وأضافت ان الأوساخ المتراكمة فقط في أم درمان كفيلة بنشر الأمراض. وحذرت سعاد الفاتح من فصل الخريف الذي قالت عنه بأنه سيكون بداية الإنفجار إن لم يكن هنال احترازات وخاطبت أعضاء المجلس بقولها (نحنا هنا مرتاحين وما عارفين الناس)، وختمت حديثها بقولها” أنا حزينة على وزارتنا وحكومتنا ومجلسنا الوطني”. وطالبت سعاد رئيس المجلس بإغلاق مجلس الولايات لأسبوع لنظافة العاصمة قائلة ( حتعرفوا بعد يموتوا ثلاثة او أربعة أعضاء من المجلس بالإسهالات المائية وبعدها ح نفهم).

الصيحة