تحقيقات وتقارير

الخطر يدق ناقوسه في البيوت.. استخدام الأطفال للهواتف الذكية..سلاح ذو حدين


خبير تربوي:الهواتف الذكية تصيب الأطفال بـ(التوحيد الوظيفي)..

مواطن: التجربة مفيدة للأطفال..ويجب مراقبتهم بذكاء

ناهد: لم يسبق لي أن أعطيت طفليّ هاتفي الذكي للعب فيه

الباقر حسن يحكي عن تجربته وعلاقة أطفاله بالهواتف الذكية، معبراً عن اعتقاده بأن التجربة مفيدة جداً للأطفال ووصف ذلك بأنها كتجربة جديدة فهي تجعلهم أكثر قرباً من الحياة في عصر التقنية، وتضعهم في التفاصيل الأساسية المتعلقة باستخداماتها ومزاياها المعرفية.

مفيد.. مع الرقابة !
ومضى الباقر في قوله إن أطفاله الثلاثة لا يستخدمون الهاتف في البيت إلا في عطلة آخر الأسبوع، موضحاً أنه يقنن لهم الاستخدام ويراقبهم حتى وهم يستخدمون تلك الأجهزة المتقدمة تقنياً، وأضاف أن ضبطاً للأمر وبحسب حزم الإنترنت التي تلزمه بالنفقات، فإن استخدامهم لا يتعدى ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً، على حد قول، مبيناً أن التجربة يعتبرها مفيدة لأطفاله كونها تجعلهم يتحصلون على ما يناسبهم من برامج ترفيهية وترويح يفيدهم كأطفال، وأشار إلى أن العصر الحالي يتطلب المواكبة لأنها تحدث معها الإفادة في كل منحنى والأطفال هم شريحة مهمة يجب أن تكون ضمن منظومة الشرائح المجتمعية التي تنصب عليها فوائد التقدُّم التقني.

عِوضاً عن الألعاب!
وأضاف الباقر أن أعمار أطفاله 13 عاماً وعشرة أعوام والأخير في السابع من عمره، أنهم وفي متابعته لهم دائماً ما يبحثون في قوقل وغالباً دخولهم يكون بدافع البحث عن معلومات تخص مادة محددة، مما يبرهن أنهم يستفيدون منه في جوانب تتعلق بدراستهم، وأشار إلى أنهم يستفيدون منه أيضاً في التواصل الاجتماعي، مبيناً أن المحتوى الرقمي على الإنترنت للغة الإنجليزية هي ذات مدلول ثر وكثيف، وأن الهواتف الذكية هي التي توفره بسرعة وسهولة وفي أي مكان وبلا قيود، مما يجعلهم أكثر حضوراً من حيث المعلوماتية والتذكر والمعرفة وتنمية الذكاء، ويزيد في قوله إن هذا عوض عن ألعاب الأطفال التي تنتمي لعالم ذكي وجدلي عريض.

نبوغ!
ماذهب إليه الباقر وهو يعرض تجربته مع أبنائه كأطفال يستخدمون الهواتف الذكية أنهم الآن بثقافة تفوق ثقافة شاب تفوق 25 عاماً،ولكنه نوّه بأن الرقابة على الأطفال يجب أن تتم ولكن بذكاء شديد حتى لا نكون نمارس عليهم كجهات أمن تهدد استقرارهم النفسي.

حزم!
وبالمقابل تحزم الأستاذة ناهد توفيق معامتلها مع طفليها اللذين يبلغان من العمر خمسة وستة أعوام تجاه أي استخدام لهذا النوع من الهواتف، وأشارت إلى أن الأطفال الذين يستخدمون هذه الهواتف أصبحوا أشبه بالمصابين بمرض التوحد، وتابعت ناهد حديثها لـ(الصيحة) وهي تقول :لم يسبق لي أن أعطيت طفليّ هاتفي الذكي للعب فيه، والأمر يعود لتجربتي من أطفال أخواتي وصديقاتي المتعلقين بدرجة كبيرة بهذه الهواتف وتطبيقاتها، وتلفت إلى أن أحد أبناء أخواتها وعمره سبعة أعوام يعرف تطبيقات هذه الهواتف أكثر من البالغين، لكنه -كما تقول- بات بعيداً عن محيطه الاجتماعي وتفاعله مع أقرانه بدرجة كبيرة، وتشير ناهد إلى أن غالبية الأمهات اللواتي تعرفهن يستخدمن هذه الهواتف لإشغال أطفالهن، بدلاً من بناء علاقات مع هؤلاء الأطفال، مؤكدة أن الطفل في هذه السن بحاجة للتفاعل والحديث مع محيطه الاجتماعي حتى يتمكن من التعبير اللغوي والنطق السليم.

حقيقة مُثبتة!
إن الحقيقة التي لا ينكرها منكر أن التقدم التقني الذي طغى وشمل كل المجتمع وهو يسرع الخطى، لم يخصص لنفسه متسعاً على قطاع معين دون الآخر من التكوين المجتمعي على المدى البعيد والقريب، فأصبحت تلعب دوراً كبيراً ومشاركاً رئيسياً في كل مناحي الحياة التي هي عصب وجود الإنسان، فما وجدت ضرورة بها إلا وتجد أن التقنية بهواتفها الذكية تستحوز على القدر الكبير من اقتضاء تلك الضرورة كبُرت أم صغُرت، فقد جمعت بين الترفيه والمعرفة معاً، وكانت أكبر النتائج المتحصلة من تلك الثروة المجتاحة المجتمع أنها اكتسحت أيضاً عالم الطفولة وانتشتر بينهم بشكل لافت، وتباينت الأوقات التي يمضونها وهم يتسكعون على أسافيرها المختلفة مما يجعل الواقع يدق ناقوس الخطر ولفت الانتباه أكثر، تحسباً لكل طارئ قد يصيب أهم شريحة مجتمعة يجب تنشئتها نشأة تليق والقادم من زمن يُعوّل عليهم الكثير وهم قادته، وكيف يمكن الاستعداد للآثار السالبة التي ربما تترتب على الاستخدام السافر للتقنية بين الأطفال دون سن الرشد، لاسيما وأن هناك العديد من الدراسات لخبراء تربويين واجتماعيين باتت تجوب العديد من المنابر وهي تؤيد ولكن بالاستخدام المقنن للهواتف الذكية بين الأطفال، معددين الفوائد والسلبيات، وقد أوضحت بعضم رسائلهم وهي تحذر عن الاستخدام المفرط لها، والآثار السلبية على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية وصولاً لتسببه بأمراض نفسية تتحول إلى عضوية، وأعربوا فيما أفادوا حوله أن انتشار الهواتف الذكية بكثرة بين الأطفال سينقلب بها السحر على الساحر فيحدث ما لا يحمد عقباه من عزلة اجتماعية وانطوائية إلى جانب مشاكل أخرى متعلقة بذات الظاهرة.

آثار سالبة!
الخبير التربوي في مجال الأطفال د. الواثق المصطفى الذي تحدث لـ(الصيحة) عبر تطبيق الواتساب أفاد أن للاستخدام المفرط للهواتف الذكية آثاراً سلبية على نواحٍ أربع في نمو الأبناء، نموهم الجسدي، والذهني والانفعالي (العاطفي)، والاجتماعي، وبيّن أن نمو التفكير التخيلي عند الطفل في سن الخامسة غاية بالأهمية كونه يعتبر المرحلة الثانية بعد التفكير الحسي ومرحلة تسبق وصول الطفل إلى التفكير التجريدي، وأن الاستخدام المفرط لجميع الأجهزة الحديثة والذي يزيد على ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يومياً يُضعف من هذه القدرة النمائية في الجانب الذهني، كون هذه الأجهزة توفر له الخيال وبالتالي تشكل الصور الذهنية بطريقة آلية بغض النظر عن رغبة الطفل، كما نوّه أيضاً بأن الإفراط في استخدام هذه الأجهزة يصيب الطفل بخمول جسدي واضح، وضعف شديد في التركيز خاصة بين عمر الذكور ما بين 8-12 سنة، والسبب في ذلك تلك المشاهدات السريعة لمقاطع الصور التي تكون على الألعاب في هذه الأجهزة، الأمر الذي يؤدي إلى تخزينها في العقل الواعي واللاواعي عند الطفل ويستمر عقله باسترجاعها حتى بعدما يتوقف عن اللعب، مما قد يتسبب بتشتته وضعف تركيزه وشعوره الدائم بالتعب والفتور الشديد.

اقتناء مشروط!
من جهته، تحدث الدكتور الواثق عن عدم القدرة على منع الأطفال من استخدام واقتناء هذه الهواتف في عالم اليوم، مشيراً إلى أن الاستخدام المقنن لها ما بين ساعة أوساعتين يومياً على الأكثر يعزز من إيجابيات استخدام هذه الهواتف ويقلل من السلبيات، واعتبر الواثق أن أحد أخطر الأمراض التي تصيب الأطفال بسبب الاستخدام الخاطئ لهذه الهواتف هو (التوحد الوظيفي) وهو الذي ينتج عن تعلق الطفل بعالم افتراضي نتيجة انعزاله عن محيطه الاجتماعي خاصة في حالات الآباء والأمهات العاملين الذين يكثُرغيابهم عن المنزل، وترك الطفل نهباً للأجهزة التقنية الحديثة، كالهواتف الذكية التي تعتبر قنبلة موقوتة تنفجر وقتما ساء الطفل استخدامها،ويحذر الواثق من منع هذه الأجهزة كما يحذر من الاستخدام المفرط لها، خاصة مع تركها آثاراً سلبية تتمثل في أمراض عضوية كالسمنة الناتجة عن قلة الحركة، والأمراض بالأطراف خاصة نتيجة استعمالها للعب واستخدام الهواتف الذكية، مؤكداً أن ضعف التواصل الأسري أحد الآثار المترتبة على إدمان الهواتف والأجهزة الذكية.

ضعف اجتماعي !
وفي ذات السياق أكدت الأستاذة حنان الجاك المختص النفسي والاجتماعي أن استخدام الأطفال للأجهزة الذكية أصبحت ظاهرة تهدد كثيراً من الأسر وذات أثر على المستوى السلوكي والفكري للأطفال وتأثيرها على مفهوم الاندماج المجتمعي للمرحلة العمرية ومفهموم الوعي والإدراك يتأثر سلباً بهذه الأجهزة، مضيفة أن عدم انتباه الآباء والأمهات لهذه الأجهزة وما تحتويه حتى على مستوى الألعاب وهناك من يتواصلون بمختلف المراحل العمرية والجنسية والثقافات وتأثيرها الفكري على هؤلاء الصغار، وأشارت أن غياب الوعي التقني للأمهات والآباء داخل محيط الأسرة له تأثيره السالب جداً في عدم المواكبة لمعرفة مايطلع عليه أطفالهم بلا تحسب للمرحلة العمرية إن كان طفلاً أو تدرج لسن المراهقة وكلنا نعلم أن هذه المراحل بها الكثير من الجنوح والتجريب لكل ماهو متاح من خلال هذه الأجهزة وأوضحت حنان أن غياب الحوار الأسري المسؤول بموجهات يدعم هذه الظاهرة، مؤكدة أن اقتناء الأطفال للأجهزة الذكية أصبحت بمثابة التفاخر لدى الآباء والأمهات كبعد شوفوني مع إسقاط الأثر للحس الكارثي لتبعات التعامل مع هذه الأجهزة، وأبانت أن الأثر النفسي والعزلة أحياناً قد يعرِّض هؤلاء الصغار لمرض التوحد نتيجة للعزلة التامة من محيط الاجتماعي حوله ونتيجة لحمل هذه الأجهزة التي تقودهم بتقنيات بها من السحر ما يُلهي حتى من ممارسة الأنشطة الحياتية الأخرى وتناول الوجبات مما يؤثر سلباً على الصحة الجسدية، وبالتالي لاتنتبه الأم أو الأب لأي مخاطر تطرأ على مستوى السلوك وعلى مستوى الممارسة أو الثقافة الدخيلة عليهم لأن ذويهم منشغلون بالظروف الاقتصادية الضاغطة لذا لا وقت لديهم لمراقبة الأبناء.

عدم تقييم أسري
وأكدت الأستاذة حنان الجاك أن عدم التقييم لمعرفة أن لكل مرحلة عمرية متطلبات تتناسب معها فعندما يتم منح الطفل جهازاً لايتوافق مع مرحلته العمرية لايعملون بمدى المخاطر التي ستحيط به ونوّهت إلى أن هناك انفلاتاً جنسياً على مستوى هؤلاء الصغار لايتوافق مع المرحلة التي هم فيها، فهذه الأجهزة بثّت الشغف بالجنس وسط هؤلاء الأطفال مما أصبح التطبيق الحي في التواصل الاجتماعي عبر الزيارات الأسرية. وأكدت حنان أنها شاهدت مواقف عديدة مشابهة حدثت أمامها كلها بسبب هذه الأجهزة الحديثة كما وصفت ذلك وغياب الأم والأب في حال اجتماع الأطفال ببعضهم البعض مما يتيح الموقف أمر التطبيق فيما بينهم بدافع التطبيق لكل ما رآه متاحاً عبر الأجهزة الذكية، وأعربت في قولها إن مستوى الوعي لديهم أكبر بكثير من أعمارهم، وأشارت إلى أن دور الأم والأب هو تحديد كل عمر وما يتوافق معه من أجهزة، فالخطر الداهم يتسلل إلى البيوت خلال الهواتف الذكية في أكثر الأماكن أماناً، مشيرة إلى أنه لايدان الأطفال بل يجب توجيه الأسئلة للأسرة أين دور الام والأب فيما يحدث من هذا الاختلال التقني الذي يحدث الكثير من الخلل النفسي والسلوكي لدى هؤلاء الصغار مبينة أنه لابد من مراقبتهم حتى على مستوى الألعاب التي يتم تنزيلها بالهواتف، لذلك يجب الانتباه التام وقد لاتظهر النتائج الآن ولكن فيما بعد نرى المنحرف ونرى الدموي والداعشي والمتشدد نتيجة للغياب التام للرقابة المسؤولة ودور الأسرة لذا ينحرف الأبناء ويقعون في براثن الشبكات العالمية مما يؤثر على سلوكهم ومعتقداتهم الفكرية والدينية.

تحقيق: تيسير الريح
صحيفة الصيحة