منوعات

بكاء وتقبيل رأس بعد ضياع الحذاء .. قصة معتمر كفيف تاه عن رفاقه في الحرم


بدأ القلق واليأس يغزوان قلب المعتمر عبدالله؛ في ساحات المسجد الحرام، بعد أن تاه عن رفاقه، وقد أضاع حذاءه أيضاً ويريد العودة إلى مقر سكنه، لكن ما الحيلة وهو كفيف لا يُبصر، فقد اجتمعت عليه الأمور كلها؛ حيث لم يكن ليفقد أمله في الله، وفي أهل الخير والإحسان رغم الظروف التي تكالبت عليه، لكن الوقت طال وهو يبحث عن معين يدله على حذائه، ويأخذه إلى مكان سكنه، فهو لا يجيد العربية، ولا يرى مَن حوله ولا يدري مَن يسأل.

وأخذ المعتمر الكفيف يمشي في ساحات المسجد الحرام لا يهتدي إلى سبيل؛ حيث لا حيلة للمضطر إلا بذل الجهد واتخاذ الأسباب، والله الهادي والدليل، فقد وصل ماشياً حافي القدمين إلى غرب المسجد الحرام في “جبل عمر”، وقد بلغ الإعياء والتعب منه مبلغاً عظيماً، ودهم اليأس قلبه فخنقته العَبرة وهو في حاله تلك في بيت الله الحرام، وأصبحت دموعه تنهمر، وقلبه يتوسل إلى الله أن يفرج عن حاله.

في هذه الأثناء أثار منظر المعتمر عبدالله؛ انتباه أحد “شباب مكة” العاملين في مشروع تعظيم البلد الحرام، فتوجّه إليه عارضاً عليه المساعدة أو الخدمة، فكأنما كان الخبر على المعتمر عبدالله؛ مثل المطر في البيداء بعد طول جفاف، أو كالماء البارد الزلال على الظمأ.

يقول الشاب، سلطان محمد إقبال؛ الذي يعمل في برنامج “شباب مكة في خدمتك” ضمن نشاط إرشاد التائهين إنه شاهد المعتمر عبدالله؛ يمشي وحيداً ولا ينتعل حذاءً ويبدو عليه التعب والإعياء والحيرة، ودموعه، أيضاً، تنهمر فدفعه الفضول لسؤاله عن حالته فتوجّه إليه مسرعاً قبل أن يدخل في الزحام.

ويضيف قائلاً: “لما وصلت إليه وسألته عن أمره زاد بكاؤه ولم يجبني، وهنا ناديت عريف المجموعة التي أعمل معها، فبدأ هو بتهدئته وتقبيل رأسه وإعطائه حذاءً وكأساً من ماء زمزم قبل سؤاله عن وضعه، ولما سمع منه ما كان من أمره وما عاناه من مشقة حتى هداهم الله إليه طمأنه وبشره بالخير، وقال له: “لا تحمل هَماً يا عمي سنقوم نحن بمهمة إيصالك إلى الفندق”.

أمر العريف أحد أعضاء مجموعته بأخذ المعتمر عبدالله؛ إلى مقر سكنه ومراعاة حالته في أثناء الطريق والتأكّد من تسليمه لإدارة الفندق قبل المغادرة، ووصل المعتمر عبدالله؛ إلى الفندق أخيراً، وقد رزقه الله حذاءً ودليلاً ومَن يروي ظمأه، وظل طول الطريق يدعو الله أن يوفق القائمين على هذا العمل العظيم، وأن يجزي “شباب مكة” خير الجزاء على ما يقومون به من خدمة للزوّار والمعتمرين من دون مقابل مادي.

يُشار إلى أن نشاط إرشاد التائهين يُعد أحد أنشطة عدة يقوم بها مشروع تعظيم البلد الحرام في المسجد الحرام والمنطقة المركزية؛ حيث كشفت الإحصاءات التي أصدرها المشروع أن النشاط أرشد ما يزيد على 92726 شخصاً خلال الـ 15 يوماً الماضية من شهر رمضان المبارك.

سبق