منوعات

لم يقلل التدهور الاقتصادي وغلاء الأسعار من استمرار السمة السودانية الأصيلة.. الإفطار في الشوارع وتفقد الأسر الضعيفة “نحيا جميعًا”


بالنسبة لعدد كبير من السودانيين فإن المظهر السائد في أمسيات رمضان على الطرقات الرئيسة والفرعية بتوفير وجبة الإفطار لعابري الطريق، وهو مظهر غارق في أصول المجتمع السوداني، ولا يبدو المشهد مدهشاً لأي مواطن سوداني، إلا أن للمشهد هيبته في قلوب كل الجنسيات الوافدة للبلاد، ورغم الظروف الاقتصادية التي يمر بها غالبية السودانيين إلا أن هذه العادة الرمضانية لا تزال متجذرة عند الكثيرين، فضلاً عن انخراط عدد كبير من المنظمات التطوعية لتوفير حقائب رمضانية للشرائح الضعيفة وتوفير إفطار لعابري الطرق .
ومن قبل حلول الشهر الكريم تنتشر على شوارع العاصمة السودانية الخرطوم ملصقات لمبادرات طوعية لتوفير المستلزمات الخاصة بشهر رمضان وتوزيعها على الأسر الفقيرة. وينشط عدد من منسوبي المبادرات على الطرق الرئيسة لجمع مبالغ مالية من أصحاب السيارات والمارة، فضلا ًعن دعم بعض المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال. ومع الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية بصورة مستمرة، تزامناً مع تتدهور العملة المحلية أمام النقد الأجنبي في تواصل ارتفاع أسعار النقد الأجنبي وضعف قيمة العملة الوطنية، خاصة بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية في البلاد منذ انفصال جنوب السودان في عام 2011، على خلفية فقدان الدولة لثلاثة أرباع آبارها النفطية، بما يساوي (80 %) من احتياطات النقد الأجنبي، و(50 %) من الإيرادات العامة. لكل هذه الأسباب تنشط عدد من المبادرات الطوعية لتوفير احتياجات شهر رمضان لعدد كبير من الأسر السودانية التي لا تستطيع توفير مستلزمات الشهر الكريم، بسبب الدخل المحدود أو أن تكون تحت دائرة الفقر. وقالت وزارة الرعاية الاجتماعية العام الماضي: “إن نسبة الفقر تراجعت إلى 28 % مقارنة بـ 46.5 % في عام 2009″، إلا أن هذه النسبة تحوم حولها الشكوك بعدم مصداقيتها.
وتقوم منظمة شباب النجدة كإحدى المبادرات الطوعية التي يندرج تحت لوائها عدد كبير من الشباب لتعمل في عدد من المشاريع التكافلية، ومن أهمها مشروعا الحقيبة الرمضانية ومشروع إفطار عابر طريق، كما يقول صدام صباحي عضو اللجنة العليا بمشروع حقيبة رمضان بالمنظمة. وكشف صباحي لـ(اليوم التالي) عن استهدافهم لـ(3) آلاف حقيبة هذا العام، غير أن المنفذ منها حتى الآن لا يتجاوز الـ(2.000) حقيبة مقارنة بتوزيع (2.800) حقيبة العام الماضي، وبدأ تنفيذ مشروع الحقيبة الرمضانية بمنظمة شباب النجدة منذ عام 2011 بعد عامين من تأسيس المنظمة في عام 2009، وتعمل شباب النجدة على تنفيذ مبادرة رمضانية أخرى تحت مسمى (إفطار عابر طريق)، تقوم على توزيع وجبة خفيفة على المارة بعدد من الشوارع بالقرب من المستشفيات وإشارات المرور. وقال صباحي: “إن توزيع الوجبات يتم بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور لمعرفة أكثرها كثافة في ساعات الإفطار”، مضيفاً “أن هذا العام سيتم توزيعها على (22) شارة مرور، بدلًا من (18) شارة العام الماضي”، وتبلغ تكلفة الوجبة (22) جنيهاً.
ولا تختلف منظمة صدقات الخيرية التي تنشط في ذات العمل عن رصيفتها شباب النجدة، إلا أن عملها الرمضاني ينحصر في توفير مستلزمات الشهر الكريم، ومارست صدقات عملها الطوعي منذ العام 2002 إلا إنها سُجلت تحت المنظمات الطوعية بولاية الخرطوم في العام 2012. وأعلن مدير مشروع الحقيبة الرمضانية بمنظمة صدقات طاهر زين عن توزيع (7.500) حقيبة هذا العام على الأسر الفقيرة والأرامل بولاية الخرطوم، مقارنة بـ10.000 حقيبة تم توزيعها العام الماضي، وبرر انخفاض عدد الحقائب الموزعة بالارتفاع الكبير لأسعار السلع الاستهلاكية وانخفاض عدد الداعمين للمشروع. وأوضح لـ(اليوم التالي)، أن الحقيبة تتكون من سبع سلع رئيسة تشمل (البلح، السكر، البليلة، الزيت، الدقيق، اللبن، معجون طماطم) بتكلفة (500) جنيه، ونوه بأن اختيار الحالات يتم وفق لدراسة حالة شاملة من قبل منسوبي المنظمة، على أن تتم متابعتهم بشكل سنوي لمعرفة التطور في الحالات، وتوجد مبادرات فردية تقوم بها ربات المنازل وموظفات لتوفير الحقيبة الرمضانية لبعض الأسر الفقيرة المنتشرة في أحياء الخرطوم. وتقول ربة المنزل علياء حسن التي تقطن بحي اللاماب (جنوب الخرطوم)، إنها تقوم بتوفير المستلزمات الرمضانية لعشر أسر بالحي. ووفقاً لحديث علياء فإنها تقوم بجمع بعض الأموال من نساء الحي قبل رمضان بشهر، وتجهز المستلزمات وتوزعها عليهم بصورة سنوية.

اليوم التالي