تحقيقات وتقارير

مخاوف من جمع السلطات.. نواب تنفيذيون.. (دعه يعمل.. دعه يمر)


يضعون في جيوبهم الخلفية بطاقات الجهاز التنفيذي، تحت مسمى وزراء، وينتمون كذلك إلى قبة البرلمان، حيث ينشطون في داخله كنواب منتخبين لهم أن يناقشوا التشريعات والقوانين، بل ويحاسبون.. ويسائلون أغيارهم من الوزراء. في ظاهرة تحرِّمها كثير من الدول، بحسبانها تمس جوهر مبدأ الفصل بين السلطات.

عضو بدرجة وزير
ثمَّة نواب في البرلمان يحملون صفة الوزير، الأمر الذي جعلهم يجمعون ما بين الجهازيْن التشريعي والتنفيذي في آنٍ واحدٍ. وهو وضع يحرِّمه البعض باعتباره جمعاً بين الأختيْن.

من أبرز الذين يجمعون بين التنفيذ والتشريع هم” وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” الذي وصل إلى البرلمان عبر أصوات المقترعين في انتخابات 2015م، وينطبق ذات الأمر على وزير الدولة بالإعلام “ياسر يوسف”. ووزير الدولة بالتعليم العالي “التجاني مصطفى”. ووزيرة الدولة بالتعاون الدولي “سمية أكد”. إضافة لنائبي الرئيس “بكري حسن صالح” و”حسبو محمد عبدالرحمن”، وهذا فيما يخص قيادات المؤتمر الوطني.

وعلى صعيد الأحزاب؛ فهنالك وزير الصحة الاتحادي “بحرالدين أبوقردة” الذي يحمل هو الآخر عضوية البرلمان. وكذلك وزير تنمية الموارد البشرية “الصادق الهادي المهدي” ويحمل أيضا عضوية البرلمان. وذات الأمر ينبطق على وزير العمل والاصلاح الإداري “أحمد بابكر نهار”. وأيضاً وزير الإعلام “أحمد بلال عثمان” الذي يجمع بين البرلمان والوزارة. عطفاً على “الحسن الميرغني” الذي يجلس تحت القبة وفي القصر كمساعد أول لرئيس الجمهورية.

الشاهد في الأمر؛ أن هنالك قيادات تجمع ما بين التنفيذ والتشريع، زد على ذلك نشاطهم الحزبي. فـ”نهار” مثلاً يقود حزب الأمة الفيدرالي، ويحمل عضوية البرلمان، ويعمل وزيراً. وينسحب ذات الأمر على “بحر أبوقردة” رئيس حزب التحرير. و”أحمد بلال” الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي. و”ياسر يوسف” أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني. و”الحسن الميرغني” الذي يعتبر رئيساً مكلفاً للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل.

مقاعد خاصة
داخل قبة البرلمان؛ ثمة شرفة خاصة تحمل مسمى برلمانيي الجهاز التنفيذي، خصصت لجلوس الوزراء الذين يحملون صفة عضوية البرلمان، وتضم الشرفة عدداً مقدراً من الوزراء الاتحاديين ووزراء الدولة.

غياب متكرر
الجمع بين الجهاز التنفيذي والتشريعي في آن واحد يلعب دوراً كبيراً في غياب الوزراء عن جلسات البرلمان لصالح انجاز الأعمال الوزراية. ويلاحظ ذلك من خلال الغياب المتكرر لعدد من الوزراء من جلسات البرلمان.

ويرى مراقبون أن الأولوية القصوى يجب أن تكون للبرلمان، لأنه يمثل صوت الشعب، بدلاً عن الجهاز التنفيذي الذي يمثل صوت الحكومة.

جدل المخصصات
ثمة تضارب في مخصصات من يجمعون بين المنصبيْن (التشريعي والتنفيذي). فهنالك من يقول إنهم يتلقَّون راتباً واحداً، وهو راتب الجهاز التنفيذي. وبينما تقول مصادر لـ(الصيحة) إنهم يصرفون مخصصات من الجهتيْن (تشريعياً وتنفيذياً). في ذات الوقت يجزم مصدر آخر أن البرلمان لا يصرف رواتب للوزراء الذي يحملون عضويته، وتحال مخصصات الوزراء البرلمانية لوزارة المالية على أن يتم اعطاءهم راتباً موحداً.

عند هذه النقطة يقول يقول رئيس لجنة العلاقات الخارجية “محمد مصطفى الضو” لـ(الصيحة) إن الذي يجمع بين الجهازيْن التشريعي والتنفيذي يصرف مرتباً واحداً فقط، وهو راتب الجهاز التنفيذي، ولا يتلقى مقابلاً مادياً نظير عضويته في البرلمان.

تعاطف النواب
من أبرز المهام التي يقوم بها البرلمان هي استدعاء الوزراء ومساءلتهم عن أوجه التقصير التي تطال عملهم الوزاري، بما في ذلك الوزراء الذين يمثلون زملاء للنواب البرلمانيين.

وتبرز مخاوف جديَّة من أن تقود الزمالة البرلمانية للتهاون أو غض الطرف عن أوجه القصور بحق النواب الشاغلين لمناصب وزارية. بينما يذهب مراقبون من داخل البرلمان الى أن النواب لا يتعاطفون مع زملائهم الوزراء أثناء المساءلات الضرورية، بل يتم إلهاب ظهرهم بالانتقادات الحارقة.

أحكام داخلية
هنالك أحزاب سياسية تمنع لوائحها الداخلية الجمع بين العمل الحزبي وشغل المناصب في الجهازيْن التنفيذي والتشريعي. من هذه الأحزاب حزب المؤتمر الشعبي الذي يمنع نظامه الأساس الجمع بين العمليْن التنفيذي والتشريعي. بينما لا تمانع أحزاب أخرى أن يجمع عضويتها بين العمل التنفيذي والتشريعي والحزبي في وقت واحد، ومن هذه الأحزاب المؤتمر الوطني الحاكم.

لا يوجد تعارض
في شأن الجمع بين الجهاز التنفيذي والتشريعي في آن يقول القانوني البارز “بارود صندل” إنه أمر طبيعي، حيث لا يوجد تعارض بين المستويين التنفيذي والتشريعي. مضيفاً في حديثه مع (الصيحة) أنه من حق أي شخص أن يكون عضواً بالبرلمان وأن يعين تنفيذياً في موقع الوزير أو وزير الدولة.

وحول استدعاء الوزراء البرلمانيين في المسائل المستعجلة يقول “صندل”: إن الامر طبيعي، فالوزير الذي يحمل عضوية البرلمان يمثل أمام لجنة مختصة، ويقدم تقرير وزارته دون تعارض أو تقاطعات.

مطالبة بالفصل
في منحى ذي صلة؛ يطالب رئيس منظمة الشفافية السودانية “الطيب مختار” بأهمية الفصل بين الجهازيْن التشريعي الرقابي والجهاز التنفيذي، وتساءل في افاداته لـ (الصيحة): عمَّا إذا كان الوزير الذي يحمل عضوية البرلمان قادراً على مراقبة ادائه؟! مردفاً القول إن الفصل بين الجهازيْن الرقابي والتنفيذي واحدة من أساسيات الدولة. مشدداً على أن الجمع بين مناصب الجهازيْن يعتبر تعطيلاً للمهام. وزاد بأنه يجب الفصل بين السلطات وافساح المجال لكل جهة حتى تؤدي الأدوار المنوطة بها.

الخرطوم: عبدالرؤوف طه
صحيفة الصيحة