الصادق الرزيقي

لعبة .. مخلبها حفتر ..!


بالنظر الى ما يجري في المنطقة وخاصة الخليج ، فإن أليق وصف يمكن أن تتصف به الحالة الليبية الواهنة ،إنها ميدان المعركة الحقيقي بين دولتا الخليج المتصارعتين الإمارات وقطر وبينهما مصر، فساحة الصراع الليبي حبلت بالتقاء النطف السياسية لعدد من اللاعبين الإقليميين والدوليين،

ويبدو أن مستقبلها مفتوح على كل احتمال في ظل التحولات الأخيرة في المشهد العام .
> وكما قلنا في السابق ، يقع السودان ضمن أجندة الصراعات الإقليمية وأرض اعتراكها الليبي ، وصدقت كل التوقعات والتنبوءات السابقة بأن الجنرال الطامع حتى نخاعه للسلطة (خليفة حفتر) لن يتوقف عن دعم الحركات المتمردة في دارفور ، ولن يهدأ له بال حتى يرى السودان باقعاً محروقاً ، وهو يشبه القذافي الى حد بعيد في هذا التمني المبغوض ، فالعقيد معمر القذافي كانت لديه شحناء لا تحدها حدود تجاه السودان وبغضاء ملأت جنبيه حتى فاضت ، ولم يكن سعيه لإضعاف السودان وتمزيقه، إلا تعبيراً عن رغبة مجنونة تملكته ، وهدف ركز عليه ناظريه ، لكن قدر الله وقدرته والشعب الليبي كانا أعجل وأسرع من تخطيطه حتى سقط في العام ٢٠١١م .

> الجنرال حفتر يقتفي أثر قائده السابق الذي خاصمه وقاتله وعارضه ثم سار بعد ذلك على نهجه. ، يريد أن يلعب ذات اللعبة ، دعم القذافي حركات دارفور وسلحها وحولها واحتضنها ، ثم بعثها إلى الخرطوم فاخفقت وباءت بفشل ذريع . نفس الشيء فعله ويفعله حفتر؛ يحتضن حركات دارفور لتقاتل معه كما قاتلت مع القذافي كمرتزقة ، ثم تجد فيه دولة جوار وهي مصر ضالتها وتجد فيه دولة خليجية رغبتها الدفينة ، فيتم احتضان الحركات الدارفورية أكثر ويجري تسليحها وتدريبها وتوفير المال لاحتياجاتها من العتاد الحربي وعربات الاتصالات والتشويش والمصفحات والمدرعات ومعلومات الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاتصال المتطورة والأسلحة الحديثة ومنها الصواريخ المضادة للطائرات والدروع الموجهة بالليزر ، ولم تكن مراكز التدريب التي فتحها حفتر ومولها غيره ، لتنفذ من القوات المرتزقة حتى تأتي أفواج أخرى ، فرغم خسارة حركة مني أركو مناوي لمعاركها الأخيرة في وادي هور وعين سرو ، ومقتل عدد من قياداتها وأسر الفارين منهم، إلا أن تجميع الصفوف وتجنيد القوات يجري على قدم وساق ، ويتم استجلاب المقاتلين من دول جوار إفريقية ومن المهاجرين السودانيين في ليبيا وفِي مناطق تعدين الذهب النائية القصية على حدود طويلة مشتركة في السودان وليبيا وشمال تشاد وجنوب ليبيا .

> كل هذا وحفتر يتقمص شخصية القذافي بالرغم من صفقة إطلاق سراح نجل القذافي سيف الإسلام من سجنه في الزنتان غربي ليبيا، واحتمال تحالفه غير المقدس مع حفتر ومخاوف الأخير من صراع زعامة سيدور بينه وبين سيف الإسلام ، لكن حفتر بمثابة محول للدعم الذي يصل إليه من دول عربية يقوم بإيصاله لحركات دارفور وجماعات المعارضة السودانية التي لن تكسب حرباً ولن تخترق الصحراء الطويلة نحو دارفور او الخرطوم .
> المفيد هنا في حالة حفتر او سلفه القذافي ، إن المشروع لتركيع السودان وإخضاعه عبر هذه الحرب مشروع فاشل ، ومن يمضي فيه سيحصد خيباته ، لسببين أساسيين :

{ أولاً : لا تستطيع حركات دارفور بحكم تكوينها العنصري والقبلي مهما تم تسليحها وتدريب عناصرها تحقيق نصر على القوات المسلحة السودانية التي يقف خلفها شعب ولع ومدرك ومساند لها ، بالإضافة الى وجود قوات الدعم السريع وهي قوات تقاتل بكفاءة عالية في ميدان ومضمار الحرب الخاطفة السريعة التي تمارسها الحركات ولنفس أسلوبها .

{ ثانياً : السودان دولة متماسكة في هياكلها ومؤسساتها وتتوحد عناصر قوتها الصلبة التي تمنع اختراقها وانهيارها بالسهولة التي تنهار بها بعض الأنظمة والحكومات ، وقد حاولت ليبيا القذافي ذلك وجربت عدة قوى دولية أن تفعل مع السودان فعلتها بنفس الأسلوب ، لكنها فوجئت بتماسك الشعب السوداني وعمق وحدته الداخلية وصلابة مكسرة فتميزت نصال الأعداء على نصاله..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة