رأي ومقالات

من هو العبقري الذي وضع هذا الاسم الجديد – الاسهالات المائية – في قاموس الأمراض؟


انصرافيون ..!!
بالنيل الأبيض تمَّ تأجيل بداية العام الدراسي إلى ( 30 يوليو)، تحسباً لمخاطر الاسهالات المائية، وقد أحسنوا عملاً بهذا التحسب المسؤول.. ولكن ولايات أخرى، بما فيها الخرطوم، ترى التحسب للمخاطر( عيباً).. وصمَّت آذانها عن محاذير الصحف وتوجس الأسر، وبدأت عامها الدراسي منذ صباح الأمس.. والحمد لله، بالخرطوم- بجانب الأثر الإعلامي الاسهالات المائية – فإن أمطار ليلة الأحد حالت دون اكتمال حضور التلاميذ بنسبة (عالية جداً)..!!

:: شكراً للأمطار، فهي – دائماً – أرحم من السَّادة – بالصَّحة والتعليم – الذين تعاملوا مع الحدث بروح (المكابرة والحماقة).. وناهيكم عن المئات، حتى ولو كانت خمس حالات فقط لا غير، فليس هناك ما يُعيب درء المخاطر عن التلاميذ بتأجيل العام الدراسي، لحين تطمئن الأسر، وتعلن وزارات الصحة – طوعاً و اختياراً و ليس بالاكراه السياسي – عن خلو ولاياتها من هذه الاسهالات المائية..!!

:: وبالمناسبة، من هو العبقري الذي وضع هذا الاسم الجديد – الاسهالات المائية – في قاموس الأمراض؟ وهل هناك اسهالات تُرابية أو هوائية؟.. ربما.. فالشاهد أن ساستنا عباقرة في صياغة ونشر الأسماء الجديدة، والمُراد بها طمس الأسماء القديمة.. وعليه، فإن مكتشف الاسهالات المائية يستحق جائزة نوبل في (الطمس).. ولكن، إن كان الطبيب يفحص ويكشف ثم يصارح مريضه بنوع مرضه (كمدخل للعلاج)، فمن باب أولى أن تكون الدولة وسلطاتها كذلك..!!

:: المهم.. حتى ولو كانت الأوضاع الصحية بكل أرجاء الولاية مطمئنة وخالية من الاسهالات المائية، فقد أخطأت الخرطوم وكل الولايات التي ضرب بإحساس الشارع العام عرض الحائط .. أي، وكان على السادة بالصحة والتعليم الاستجابة لإحساس الشارع ومخاوف الأسر ولو بفترة تأجيل مداها ثلاثة أيام فقط لا غير، لكي يشعر المواطن بأن هناك حكومة ذات قلبٍ (رحيم و عطوف)، وأنها – مثله – تخاف على صغاره .. ولكن هيهات، فالحكومة كما لا تتقن إدارة الأزمات، فهي أيضاً لا تتقن فن كسب ( ود المواطن)..!!

:: وبدلاً عن التركيز في هذه القضية؛ تحدثنا وزارة التعليم – بانصرافية – عن منعها زيادة الرسوم الدراسية بالمدارس الخاصة، وأن تتم الزيادة بإذن كتابي من وزارة التربية.. وهنا نسأل، هل للوزارة سلطة تحديد رسوم المدارس الخاصة؟.. بالدستور والقانون (لا).. فالمدارس الخاصة بعض نشاط القطاع الخاص، وهي ليست مدعومة بحيث تحدد الحكومة (رسومها)، أو تعاقبها إذا خالفت..!!

:: لو كانت الوزارة جادة في تخفيض رسوم المدارس الخاصة أو حتى في تجفيف المدارس الخاصة من التلاميذ، لأولت اهتماماً بالمدارس العامة.. نعم، تطوير المدارس العامة وإصلاح حال بيئتها وأساتذتها هو أفضل وأقوى ترياق لجشع بعض المدارس الخاصة.. ولكن الوزارة عدو نفسها، ولا يزال في الذاكرة تصريح الوزير السابق عبد المحمود النور، إذ قال بوضوح إنهم بصدد رفع نسبة المدارس الخاصة بالخرطوم إلى (70)%، من كل مؤسسات التعليم.. !!

:: فالمدارس الخاصة ذات إمكانيات وقادرة على تطوير التعليم، أو هكذا تبريرهم..ولذلك لن تفكر في الارتقاء بالمدارس العامة، بحيث تكون في مستوى المدارس الخاصة، بل تلجأ إلى حلٍ ليس بحاجة إلى تفكير، وهو:( ليه ما تقروا في المدارس الخاصة، لو المدارس العامة متردية؟)، أو كما قالت الملكة ماري أنطوانيت لشعبها الجائع قبل قرون:( ليه ما تأكلوا جاتوه)..!!

الطاهر ساتي