سياسية

خبراء يدعون إلى هيكلة شاملة سودانير.. البحث جارٍ لامتلاك طائرات جديدة


منذ عقدين يتراجع دور الخطوط الجوية السودانية “سودانير”، ويوماً بعد آخر يزداد المشهد بؤساً وقتامة في وجه عملاق الطيران السابق، فبعد أن كانت طائراته تتجول بين مهابط مطارات القارات الست، بات في وضع لا تحسد عليه، وتراجع دورها حتى قيل إنها لا تملك حتى طائرة واحدة، لكن الثابت ثمة جديد على وشك التخلق وواقع يبدو أنه سيطرأ عقب رفع الحظر.
وأعلنت وزارة النقل والطرق والجسور مطلع الأسبوع الجاري عن امتلاكها خطة لتأهيل الخطوط الجوية “سودانير”وشراء طائرات جديدة للناقل الوطني، وقال وزير النقل والطرق والجسور المهندس مكاوي محمد عوض إن الخطة الإستراتيجية للوزارة تستهدف جعل السودان معبراً إقليمياً وعالمياً، وربطه بدول الجوار بمختلف وسائل النقل، وقال إن موقع البلاد الجغرافي المميز يؤهله ليلعب دورًا محورياً في العالم، وأقر مكاوي بمواجهة الخطوط الجوية السودانية صعوبات إثر الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، بيد أنه عاد ليقول إنه لم يقعدها عن عملها كلياً.
وعانى قطاع الطيران من جملة عقبات متراكمة خلال السنوات الأخيرة وهي عقبات خارجية وداخلية ومنها الحظر المفروض على استيراد قطع غيار الطائرات وشراء طائرات جديدة، وهو ما تم السماح به قبل نحو شهرين، لم يطرأ جديد على أرض الواقع حتى الآن، فيما تتمثل أبرز العقبات الداخلية في ارتفاع تكاليف التشغيل لشركات التشغيل وارتفاع أسعار الوقود رغم أنه عالمياً شهد انخفاضاً كبيراً، وكانت قاصمة الظهر للقطاع ما تم في العام الماضي بقرار دائرة النقل بالطيران المدني عقب إصدارها لمنشور موجه لشركات الطيران يدعوها للعمل بسعر الصرف “15.90” جنيه للدولار وهو ما وصفته الشركات حينها بأنه منافٍ لقواعد المهنية وقالت إنه دعوة مباشرة لزيادة أسعار تذاكر الطيران.
وما هو مثبت أن سودانير ظلت وعلى مدى حين من الدهر تشير إلى أسباب موضوعية في هذا التردي، وهي ظروف ومترتبات الحظر الاقتصادي على البلاد، وتقول إنه يحرمها من استيراد قطع غيار الطائرات والتزود بأحدث معدات الطيران، إلا أنه وبعد رفع الحظر جزئياً منذ نحو خمسة أشهر لم يطرأ جديد على واقع سودانير، في وقت يقول فيه خبراء في قطاع الطيران بأن محض استيراد “4” طائرات جديدة ليس كافياً لتغيير سلبيات عشرين عاماً ما لم تصحبه إجراءات إصلاحية.
ولكن خبير الطيران الكابتن مرتضى حسن جمعة قال لـ”الصيحة” أمس إن المشكلات التي قعدت بسودانير لا تتعلق فقط بالحصار الاقتصادي ولا حتى بنقص الطائرات بالرغم من إقراره بأنها عوائق سالبة، وقال “الحصار كان محض شماعة تتخذها الشركة لتبرير فشلها وعجزها عن تسيير العمل”، منوهاً إلى أن محض شراء الطائرات أو السماح باستيراد قطع الغيار لا يعني رجوع الوضع لأفضل حال كما كان في السابق، وقال إن مشكلات الشركة تتمثل في اعتمادها على الترضيات والعلاقات، معتبراً ذلك أضر بها بشكل كبير، وحرمها من مواكبة التغيرات واتخاذ القرارات السليمة للتطوير والحفاظ على مكتسبات قطاع الطيران السوداني. وبرأي مرتضى فإن المطلوب في ظل التغيرات المتمثلة في رفع الحظر جزئياً والسماح باستيراد قطع الغيار إقامة هيكلة شاملة لسودانير، ووصف الخطوة بالمهمة في حال رغبة الدولة في التأسيس لواقع إيجابي لقطاع الطيران بالبلاد، ودعا الدولة لدعم القطاع عبر توجيه البنك المركزي بتخصيص مبالغ لشراء طائرات جديدة تكون ملكاً للدولة.
يقول الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إن تطوير النقل الجوي بات من متطلبات المرحلة القادمة، وقال لـ “الصيحة” إن أكثر من (3) ملايين راكب سافروا عن طريق مطار الخرطوم فقط العام الماضي، مردفاً أنه لو حصلت الخطوط الجوية السودانية (سودانير) على نصف عدد هؤلاء الركاب لحققت أرباحاً كبيرة، معتبرًا الصادرات والواردات تحتاج لنقل رخيص للاستفادة من فرص التجارة الدولية، مضيفاً: كانت هناك عدة اتفاقيات اقتصادية وقعت مع الصين، وكانت تشير إلى أن قطاع النقل مقبل على متغيرات جذرية ستغير من نظرة الناس إلى سودانير والخطوط البحرية والسكة حديد وأن عجلات قطاع النقل أهم محرك للاقتصاد بدأت بالدوران، لكنه عاد ليقلل من حجم المنجز وقال: لم يتحقق شيء على الأرض ما زلنا في الانتظار.
ولفت إلى أن السودان يمثل منفذاً للدول الأفريقية من خلال البحر الأحمر، مما يجعله مؤهلاً لقيادة أفريقيا في مجال النقل سواء الجوي أو البري، معتبراً أن قطاع النقل مهم وله دور فاعل في دعم الاقتصاد الوطني، عازياً قوله بأنه يربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك، ومناطق الإنتاج بمناطق التصدير، مشيراً إلى أن دور الوزارة هنا ما يزال قاصراً وغير كافٍ، ورهن النهوض بالتنمية بتأهيل البنيات التحتية ومن بينها قطاع النقل الجوي بتخصيص التمويل الكافي لتنفيذ المشروعات المختلفة، وأشار إلى أن تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي وعدم ثبات سعر صرف الجنيه السوداني أثرا سلباً وزادا من تعميق مشكلة قطاع الطيران بالسودان.
معتبرًا أن ميناء بورتسودان أصبح لا يتسع للبواخر الكبيرة، وقال إن هنالك حاجة ماسة لتنفيذ مشروع أرصفة حديثة بسواكن لاستيعاب الحاويات وإنشاء ميناء لصادر الماشية، ومشروع الكرينات الجسرية.

الصيحة