تحقيقات وتقارير

زيادة على الطلب وقلة في المعروض الدولار .. ارتفاع يسبق انتهاء المهلة الأمريكية


توقعت جهات اقتصادية كثيرة تراجع سعر الدولار عقب الرفع الجزئي للعقوبات الأمريكية في يناير الماضي وما صاحبها من أحداث لاسيما عودة المعاملات التجارية بالدولار مع البنوك الأميركية والتي توقع منها حدوث تراجع في سعر الصرف بصورة مؤثرة لجهة أن جزءاً من الفارق بين السعر الرسمي والموازي نتيجة لمضاربات ناتجة عن اختراقات لتحويلات، وبالتالي ضخ مزيد من الموارد في السوق المنظم بالنسبة للبنوك والصرافات مما يمكن التعامل معها وفق المصلحة العامة.

لا شك أن إعلان رفع الحظر الجزئي أصاب السوق بحالة من الصدمة التي أدت بدورها في أقل من ساعات من إعلان القرار إلى تراجع سعر الدولار بصورة كبيرة، حيث كشف متعاملون في سوق العملات بالخرطوم عن تراجع كبير طال أسعار الصرف الأجنبي مقابل الجنيه السوداني بواقع شراء بـ16 وبيع 16,500ج عقب إعلان واشنطن رفع العقوبات الاقتصادية على السودان.

إلا أن اقتصاديين أكدوا أن العلاج الحقيقي لسعر الصرف يمكن في وضع خطة إستراتيجية لزيادة الإنتاج والإنتاجية وتصدير المنتجات الزراعية بقيمة مضافة وليس خاماً وترويجها وإزالة جميع معوقات الصادر واعتبرو أن الحديث خلاف ذلك يكون حديثاً نفسياً فقط، في الوقت ذاته توقعوا معاودة أسعار العملات الأجنبية للصعود في حال لم تزل الأسباب الأساسية خاصة بعد انتهاء المعالجات الوقتية، وهذا ما حدث فعلًا وخلال 6 شهور الماضية ظل سعر الدولار في الارتفاع بلغ أكثر من 19 جنيه قبل أيام قلائل تفصل البلاد عن القرار النهائي للإدارة الأمريكية.

لا يوجد أثر
ويؤكد الخبير الإقتصادي دكتور بابكر محمد توم لـ(الصيحة): لا يوجد اقتصاديا دولار ينخفض قرشاً أو قرشين وإنما يوجد إمداد مستقر من العملة الحرة والذي تفقده الدولة، ورهن تراجع سعر الدولار باستقرار الصادر الصناعي ولديه قيمة وواردات أقل من الصادرات مع وجود تسهيلات تجارية في ظل سفر الآلاف للعلاج بالخارج بسبب عجز الدولة عن توطين العلاج بالداخل وتوازن في الميزان التجاري وميزان المدفوعات.

وقلل من أثر رفع العقوبات الكلي على الدولار لجهة أنه يحتاج الى مدى زمني معقول، وذلك لأن رفع الحظر يعني انفتاحا على المستثمرين، وقال إن جميع ما يصدر للخارج لا يساوي قيمة المدخلات التي تستورد، جازماً بأن ما يصدر من الصناعة لا تساوي ثمن ماكينة واحدة تستورد من الخارج، منوهاً إلى وضع حوافز لجذب مدخرات المغتربين العائدين عقب القرارات السعودية على قلتها في الاقتصاد، داعياً إلى ضبط وترشيد الواردات عقب زيادة الصادرات الصناعية والزراعية والخدمية لتحقيق توازن في ميزان المدفوعات، وقال إن الطلب الزائد للدولار مع قلة المعروض يساهم في ارتفاعه، مؤكدًا على أهمية استقرار الاقتصاد الكلي في جميع القطاعات، مطالباً بوضع سياسات محفزة للمغتربين وللاستثمار خاصة في القطاع الصحي وجلب مستشفيات من دول معروفة في العلاج، وأوضح أن هروب رأس المال من البلاد يحتاج إلى وضع سياسات فضلاً عن تهيئة المناخ العام ليكون ملائماً للاستقرار الاقتصادي عبر مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية في جميع القطاعات.

عوامل مؤثرة
ويعزو الأستاذ الجامعي دكتور عبد العظيم المهل ارتفاع سعر الدولار إلى عدة عوامل مؤثرة انخفاضا وهبوطاً في هذه الفترة متمثلة في توقعات رفع أو استمرار الحظر الاقتصادي الأمريكي، مشيراً الى وجود توقعات بتجديد المدة المحددة البالغة ستة أشهر لفترة انتقالية مرة أخرى حتى يكون السودان تحت الضغط الأمريكي، مبيناً أن في هذه الفترة يكون الدولار متذبذبًا في السعر، جازماً بأن سعر الدولار لا يتأثر بالجوانب الإعلامية أو التصريحات الجوفاء وإنما يتأثر بوقائع معينة وأحداث ومعلومات حقيقية والتي بناء عليها يتم التعامل مع الدولار عرضاً أو طلباً، وأرجع ارتفاع سعر الدولار في الفترة القادمة الى بداية موسم الحج وإعلان سياساته مما يزيد الطلب على العملة فضلا ًعن إجازات المغتربين وزيادة العرض في الدولار بجانب أن الفترة الحالية فترة طلاب أجانب أو سودانيين لأسر مغتربة ويحملون معهم أكثر من مائة إلف دولار، لافتاً إلى تأثر سعر الدولار بمافيا الدولار وهي مجموعة من تجار الدولار الذين يتحكمون في عرضه بغرض رفع السعر بصورة غير حقيقية.

وقطع المهل باستمرار ارتفاع سعر الدولار لجهة عدم وجود مخزون كاف من العملات الحرة للسيطرة على السوق وتنفيذ السياسة النقدية وبالتالي تسعير الدولار يكون لجهة أخرى غير بنك السودان المركزي، مبيناً أن الدولة لم تستفد من فترة 6 شهور المعلنة من قبل الإدارة الأمريكية الماضية إضافة إلى عدم مقدرتها لتنفيذ الاشتراطات والبنود التي كانت عائقاً لرفع الحصار الاقتصادي بصورة واضحة، واصفاً التعامل في الاستثمارات الأجنبية والهبات والمعونات الخارجية والتعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والديون الخارجية بالهش جداً، وفي الغالب هذا التعامل يتم خارج نطاق القطاع المصرفي الرسمي.

الخرطوم : مروة كمال
صحيفة الصيحة