رأي ومقالات

الرقابة المحبوبة ..!!


قبل أسبوع، ونحن في طريقنا الى الخرطوم بعد آداء واجب عزاء بولاية الجزيرة، وقفنا بحزن على آثار حادث مؤلم بطريق الموت المسمى مجازاُ بطريق (الخرطوم مدني)..وعند السؤال، عرفنا أن عدد الموتى والجرحى يقارب العشرين، ومن الأسباب السرعة الطائشة والتخطي الخاطئ.. وهناك تذكرت زاوية كتبتها قبل عام ونيف، وكانت عن حوادث المرور ومشروع (التتبع الآلي).. بشرت الرأي العام بهذا المشروع، لأن الإدارة العامة لشرطة المرور كانت قد وعدت بتنفيذه خلال عام)، لتراقب سرعة المركبات على طول الطرق القومية (آلياً)..!!

:: وعصر أمس، مثقلاً بآثار ذاك الحادث المؤلم، قصدت الإدارة العامة لشرطة المرور لمعرفة مصير مشروع (التتبع الآلي).. والحمد لله، لقد تم تنفيذ المرحلة الأولى بنجاح، وهي المرحلة التي استهدفت البصات السياحية، وعددها (1.400)..اكتملت المرحلة الأولى بفضل الله ثم جهد العاملين عليه، ونجحت التجربة بعد مقاومة قوبلت بها من قبل السادة بشركات النقل والسائقين.. سبحان الله، هؤلاء كانوا يتسابقون – فيما بينهم – على زمن وصول مركباتهم إلى الموانئ البرية، ويحفزون الفائز(القادم بتهور).. ومن المآسي، أولم أحدهم لرفاقه – بميناء الخرطوم البري – بلحم خروف ذبح خصيصاً بمناسبة تقزيم سائق مركبته لزمن الوصول المعتاد ..!!

:: ما أكثر مآسي وضحايا القيادة بطيش في بلادنا.. ليس في الطرق فحسب، بل كثيرة مجالات الحياة التي تضج بالقيادة المتهورة، بما فيها الرياضة التي تم (حصارها)، وأللهم زدها حصاراً – لحد منع الخماسيات – لحين ذهاب المتهورين الى مزابل التاريخ .. والمهم، بتمويل من الإدارة العامة للشرطة وشركات التأمين، وبالتنسيق مع شعبة البصات تم توريد وتركيب أجهزة (التتبع الآلي)..جهاز بحجم كف اليد يتم تركيبه في المركبة، ثم تصبح المركبة تحت الرقابة على مدار اللحظة..فالجهاز – المتصل بالقمر الصناعي – يحدد لغرف المراقبة المركزية والولائية سرعة العربة وموقعها كل (ثلاث ثوان).. !!

:: ومن شاشة الغرفة المركزية الضخمة، بالإداراة العامة لشرطة المرور، تابعت مع الكوادر الهندسية والفنية – باستمتاع – البصات المراقبة آلياً، ورصدت سرعة سيرها في كل طرق السودان .. فالسرعة المحددة على هذه الطرق هي عدم تجاوز (100 كلم/ ساعة).. و لكن غير ثلاث بصات – احداها يسير ما بين كسلا والقضارف، والأخرى على طريق مدني، والثالث على طريق وادي حلفا – لم تتتجاوز سرعة كل البصات (95 كلم/ ساعة)، وكانت الساعة (الرابعة مساء)..!!

:: (1.400 جهاز مراقبة)، نجح – بفضل الله – في حماية الناس من مخاطر (القيادة بتهور)، بحيث لم يرتكب أي بص مراقب ألياً – 1.400 بص – طوال العام والستة أشهر، وهو عمر المرحلة الأولى، حادثاُ من (الحوادث القاتلة).. ولهذا ولأسباب أخرى، يشهد النظام الآلي إقبالاً كثيفاً من قبل الذين (قاوموا وتوجسوا)..أقبلوا عليه، ليحافظوا على سلامة ركابهم، ثم ليحافظوا به على سلامة مركباتهم وتقليل تكاليف الصرف على الوقود والاطارات التي كانت تهلكها و تستهلكها (القيادة المتهورة)..!!

:: ولكن هذا لا يكفي..فالمطلوب، لبسط الرقابة الآلية على كل بصات وشاحنات وحافلات طرق القومية، هو أضعاف هذا العدد (1.400)..وكما تعلمون، حسب نص المادة (2/52) من قانون المرور، لم يعد يجوز لاي شخص قيادة مركبة نقل عامة للركاب او البضائع علي الطريق القومي ما لم تكن مزودة بجهاز (التتبع الآلي).. وتنفيذ هذا النص – بحيث تصبح كل مركبات الطرق القومية تحت الرقابة- بحاجة إلى تمويل كل مراحل المشروع يا مجلس الوزراء وشركات التأمين وغرف النقل المختلفة ..فالشرطة قد بدأت، وعلى الآخرين أن (يكملوا) !!

الطاهر ساتي