مقالات متنوعة

حكومة غريبة مع الدولار


> بكل بساطة بعد أن ارتفع سعر الدولار أمس الأول إلى عشرين ألف جنيه ..قال غندور وزير الخارجية إن ارتفاغه لا مبرر له ..
> كلام غريب .. كيف لا مبرر له ..بل قل لا حماية له من التبرير بالمناسبات المرتبطة بالحظر التجاري الأمريكي ..

الحماية ليست مما ترغب فيه الحكومة لظروف تتوهم هي أنها ملحة ..الحماية من الاستهلاك الحكومي للنقد الأجنبي الذي يمثل احتياطيا لمعالاجات تجري لاختلال الميزان التجاري ..
> هل تركت الحكومة استهلاكه للحصول على موارد مالية بشرائه بالسعر الرسمي وبيعه بالسعر الموازي, ليذهب بواسطة عاملات المنازل وعاملي المطاعم من بعض دول الجوار وغيرها إلى بلدانهم ؟
> حتى استقرار سعر الصرف في الفترة الماضية ..كان نتيجة لخروج نسبة عظمى من المستوردين من السوق ..لكن استمرار الاستهلاك الحكومي هو التحدي الآن .. وهو من أكبر التحديات التي تواجه وزارة المالية التي تتولى إدارة أقل من 70% من المال العام . تجار العملة .. هم تجار عملة .. ومن صميم عملهم ومصلحتهم أن يستفيدوا من مناخات تطلق فيها قرارات وتصريحات مرتبطة بشأن اقتصادي سالب مثل الحظر الأمريكي هذا . التبرير موجود يا بروفيسور غندور .. غير الموجود هي الحماية الحكومية للاحتياطي النقدي ..فقد تحولت إلى استهلاك ..استهلاك للتسيير ..كما كان يبرر الشيخ علي عثمان أيام كان رئيس وزراء غير معلن .. ذاك المحامي والسياسي والتنظيمي الذكي ..ورغم ذلك ما استطاع حماية قيمة العملة من استهلاك النقد الأجنبي بواسطة الحكومة ومن التجنيب .. شماعة تجار العملة حتى لو كانت تنطلي على الكثير من الناس البسطاء بما فيهم المعارضة البسيطة سياسياً ..فنحن مستقلون ولسنا معارضة ..ولم نجد من المعارضة قراءة ذكية لحال العملة الوطنية حتى نستشهد بها في هذا السياق .. المعارضة حتى من يصل منها إلى الحكم سيكون شأنه شأن هذه الطغمة الحاكمة فيما يتعلق بقيمة العملة واستمرار انخفاضها .. فالأفضل ألا تأتي إذن ..فلا حاجة للمواطنين بها لو كانت ستستمر في ميراث سلفها .. في كثير من الدول الفقيرة التي لا تملك موارد مثل تشاد ..تجد عناية مالية بإجراءات ليست معقدة يقوم بها خبراء الاقتصاد الوطنيون فعلاً ..فهل حدثك أحد عن العملة التشادية رغم فقر وعوز الدولة؟ والعبرة في الحفاظ على قيمة العملة ليس بثراء الدولة .. بل بسياساتها النقدية .. وسياسات السودان النقدية تصب في اتجاه تجنيب المال العام ..وخلق موارد مالية لبعض المؤسسات ذات المهمات الخاصة لا العامة باستهلاك النقد الأجنبي بصورة خرافية مقلقة لمن ألقى السمع وهو شهيد . إذن , تجار العملة أضعف من أن يتسببون في انهيار قيمة العملة ..هم فقط يخدمون عملية استهلاك النقد الأجنبي بأرقام خرافية من قبل الحكومة نفسها .. وكله واضح كالشمس في رابعة النهار بالنسبة إلينا . تجار العملة , هم خير معين لمن يستهلك بأرقام تثير الاستياء احتياطي النقد الأجنبي .. وبسبب ذلك تنهار قيمة العملة بمبرر يراه البروف غندور أو لا يراه ..
> غندور , عليه أن ينصح الحكومة بأن تستعين بخبراء اقتصاديين ماليين نقديين أكفاء ليضعوا أسساً ولوائح وقوانين لحماية قيمة العملة من استغلال تجار العملة ( زبائن الحكومة ) لأجواء تسويق العملة التي تأتي عقب كل مناسبة تثار فيها مسألة الحظر الأمريكي ..
> نعم مثلما قال غندور ألا علاقة لأزمة الخليج بتأجيل البت في رفع الحظر التجاري الأمريكي على السودان ..قال لا مبرر لارتفاع سعر الصرف الموازي ..وطبعا الموازي هو الحقيقي بدليل أن السعر الرسمي هو الذي يتحرك إلى أعلى في كل مرة باتجاه الموازي, وليس العكس .. لكن المبرر لو لم يوجد فإن الموجود هو السياسات النقدية الخرقاء ..فهي المبرر .
> نعم لا علاقة لذاك بتلك ..أو لهذا بهذي .. ولا مبرر بالفعل حينما لا يرتفع سعر الدولار ..لكنه ارتفع .. فكيف يرتفع وأنتم تنظرون ؟
> حتى العقوبات الأمريكية لا علاقة لها بانخفاض العملة الوطنية ..ولمة عشرة أعوام سبق أن لم تنخفض ..والعقوبات مفروضة ..
غدا نلتقي بإذن الله.

خالد كسلا- الانتباهة