حوارات ولقاءات

خبير اقتصادي :إلغاء العقوبات سيهبط بالدولار لـ 12 جنيهاً، ووصوله 25 جنيهاً غير مستبعد


يعتبر الدكتور هيثم محمد فتحي أحد الخبراء المختصين في الاقتصاد، وهو وثيق الصلة بالعديد من الدوائر ومتابع لكل ما يدور في الشأن الاقتصادي بالبلاد، في هذه المساحة يقدم تحليلاً لخطوة إرجاء رفع العقوبات، وتوقعات الثلاثة أشهر المقبلة، وما المطلوب من الحكومة، وما الذي خسره السودان من فرصة رفع العقوبات.

ـ هل فقدت الحكومة الأمل خاصة بعد تعليق التفاوض مع الولايات المتحدة؟
الخرطوم لم تفقد الأمل في ظل التكالب وظهور اللوبيات المؤثرة في القرار الأمريكي، لجهة أن دولاً كثيرة كدول الخليج قد تكون نصيرتها، ولكنهم طالبوا بعمل جدي يجب أن تبذله الحكومة حتى تكسب رضاء كل الذين يقفون على الرصيف في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وليس الدول العربية وحدها، بالرغم من خصوصية القرار وأحاديته الأمريكية، لكن كما قلت مسبقاً بأن البلاد لم تفقد الأمل في رفع العقوبات، بل تبدو الأمور تمضي بشكل طيب، وعلى الحكومة أن تتمسك بتفاؤلها في رفع العقوبات كلياً قريبًا.
ـ ما هي أسباب ودواعي التفاؤل؟
ما يدعو للتفاؤل أن القرار لم يلغ الأمر التنفيذي، ولم يذهب إلى مدة طويلة.
ـ ولكن العقوبات أخذت الكثير من الوقت وتضررت منها الحكومة كثيراً؟
العقوبات المفروضة يكتوي بها شعب السودان منذ عشرين عاماً ولا تؤثر على الحكومة في شيء، بيد الحكومة أن تخفض الضرائب والرسوم والجمارك وتشجع الاستثمار المحلي، وبيدها إلغاء كافة القيود على تحويل أموال المغتربين وأن تحرر تحريراً واضحاً لا لبس فيه سعر الصرف، وأن تقدم تمويلًا مفتوحاً بدون تكاليف تمويلاً يذكر للقطاع الزراعي وبدون ضمانات تعجيزية وبيدها مراجعة وتخفيض رسوم التعليم والعلاج العام والخاص ومراجعة التأمين الاجتماعي والصحي لصالح المواطن، وبيدها تقديم المحفزات لدخول المزيد من الاستثمار الأجنبي، وبيدها تخفيض المصروفات الحكومية بالتخفيضات المباشرة وعمليات الدمج وإعاده الهيكلة الموضوعية، وليس العشوائية، وبيدها إعلان تشجيع إنشاء عشرات الشركات المساهمة العامة المعفاة من الضرائب والجمارك لما لا يقل عن خمس سنوات في التعدين والزراعة والثروة الحيوانية والصادر، وبيدها اعتماد عملات عالمية قوية مع دول قوية مثل الصين.
ـ وهل ذلك يكفي لإحداث التوازن؟
تلك تدابير من شأن اتخاذها أن تقدم الكثير وتعطي دفعة قوية لاقتصاد البلاد، وثمة كثير من التدابير الأخرى منها أن الحكومة بيدها توقيع اتفاقيات لإعلان مناطق حرة ضخمة في البحر الأحمر ومناطق أخرى، بيد الحكومة فرصة تاريخية لتغيير صورتها الذهنية لدى العالم بأنها بلد ضعيف، إلى بلد قوي ولديه إمكانات تجعله يصمد أمام أي حصار حقيقة وليس شعاراً، فنرجع للبيت الداخلي وننظر ونحلل ما بيدنا ونقرر ماذا يمكن أن نفعل ما يمكن فعله على أقل تقدير للتخطيط لاحتمال استمرار الأزمة.
ـ ألا ترى أنها حلول جزئية والأهم رفع العقوبات؟
السودان تضيع منه سنوياً 18 مليار دولار قادمة من الصناديق المانحة، إلا أن تلك العقوبات حالت دون وصول تلك الأموال إلى السودان، حيث أنها حق من حقوق السودان لمواقف الحكومة وخطواتها الجادة في تحقيق السلام والأمن والاستقرار الداخلي، وما بذلته من جهود حثيثة لإنجاح عملية الحوار الوطني مع الحركات المسلحة والقوى السياسية المعارضة.
ـ ولكن هل أوفت الحكومة بمتطلبات رفع العقوبات؟
هذا أمر مؤكد، فالسودان أوفى بمتطلبات رفع الحظر ولا زال مستمراً في كل السياسات التي تتطلبها فترة السماح خاصة ملفات الإرهاب ومحاربة الاتجار بالبشر وبعض المتعلقات بالرقابة المصرفية الذي حقق فيها تقدماً ملحوظاً.
ـ رغم ذلك إلى ماذا تعزو تأجيل رفع العقوبات لثلاثة أشهر أخرى؟
القرار في اعتقادي الشخصي يدعو للتفاؤل والثقة أن الأمور تسير نحو الحل الشامل، ويبدو أن الأمر مدروس بصورة اقتصادية من الجانبين ومحسوب بصورة دقيقة تسهم في تقليل أي آثار اقتصادية سالبة على السودان ويؤثر على الاستثمارات الأجنبية والشركات وحركة الصادر والوارد والتجارة الخارجية والمحلية، فسعر الدولار متأرجح في السودان بفعل هذه العقوبات، وبحسب خبراء ومتعاملين في سوق العملات، فإن سعر الدولار الحالي 20 جنيهاً، وكانت توقعاتهم حال رفع العقوبات أن يهبط إلى 12 جنيهاً، أما في حالة إبقاء العقوبات فإن توقعاتهم تشير إلى أن السعر سيرتفع إلى 25 جنيهاً، وهو ما بدأت مقدماته تلوح في الأفق، فبعد ساعات فقط من إصدار قرار إرجاء رفع العقوبات تصاعدت أسعار الدولار وقاربت جاحز العشرين جنيهاً.
ـ الحكومة والشارع كان متأهباً لرفع العقوبات؟
قبل صدور القرار بساعات كانت هنالك حالة من القلق والترقب سادت الشارع السوداني وخاصة القطاع الاقتصادي، وعكفت بعض الشركات ورجال الأعمال على القيام بدراسات مالية ونقدية تحسباً لاي قرار، بين تحويل الأرصدة المالية إلى دولار أو جنيه، وحساب وتقييم الفوائد في كلٍّ تفادياً لأي خسائر قد تنجم من آثار القرار.
إن بيان وزارة الخارجية الأمريكيه الأخير كان إيجابياً ولكن القرار كان متوقعاً بسبب بعض اللوبيات داخل الإدارة الأمريكية، حيث أصبح القرار الأمريكي يتخذ عبر أجهزة كثيرة خاصة فيما يخص القضية السودانية، لكن المؤكد أن السودان قام بما يلزم لرفع العقوبات، لكنه تأثر بدعوة بعض أعضاء الكونغرس بتمديد العقوبات لمدة عام آخر.
ـ وما المتوقع خلال الفترة المقبلة؟
فترة الثلاثه أشهر يمكن أن يتم فيها عمل كبير وملحوظ فيما يلي التعاون بين الدولتين وتحقيق تقدم أكثر في ملفات محاربة الإرهاب والشأن الإنساني والتقدم في ملف تحقيق السلام خصوصاً أن السيد رئيس الجمهورية وافق على قرار تمديد وقف إطلاق النار قبل أيام معدودة وتحقيق اهتمام أكثر بشأن الحريات الصحافية والإعلامية وحرية الأشخاص، لكن من الضروري أيضاً مشاركة كافة الأحزاب الوطنية في تحقيق هذه الأهداف، وضبط التصريحات التي ترصد في تقارير راتبة ويؤخذ بها عند دوائر صنع القرار الأمريكى.
ـ قد تمضي المهلة وتنقضي دون جديد؟
عدم رفع العقوبات وعلى كونه احتمال ضعيف سيرجع الاقتصاد الوطني إلى المربع الأول، بل سوف يكون أثره أشد وأعنف وأكثر قسوة على جميع شرائح المجتمع، بل سوف يزيد من الخناق خاصة فيما يتعلق بالنقد الأجنبي وزيادة التضخم وتدهور الصحة والتعليم بالبلاد بجانب تردي قطاع السكة حديد، والنقل البري والجوي والبحري.
ـ تقييمك لمدى الوفاء بالشروط الأمريكية؟
هناك تقدم ملحوظ في ملف حقوق الإنسان، ويحتاج أن يتم البناء عليه لإطلاق سراح السجناء السياسيين وزيادة حرية التعبير، وعلى الدبلوماسية السودانية أن تعمل بحركة ووتيرة أسرع وأكبر في المحيطين الإقليمي والدولي لتحقيق التأييد والمؤازرة من الدول الصديقة، ومحاولة تعزيز العلاقات بشكل أفضل.

الصيحة


تعليق واحد

  1. تكلمنا أكثر من مرّ بأن الضرائب والجمارك اقعدت الحركة التجارية فى البلاد كثيراً ، ولكن لا حياةَ لِمنْ تُنادي .